Al-Quds Al-Arabi

التوتر يطبع مجدداً العلاقات الجزائرية الفرنسية ومساعي التطبيع تعود إلى نقطة الصفر

-

■ الجزائــر- الأناضــول: عاد التوتــر ليطبع مجدداً العلاقــات الجزائرية الفرنســية، بعد أشــهر من تقارب لافت بين رئيســي البلدين، عبد المجيد تبون، وإيمانويل ماكرون.

وبعد أشــهر من التحضير والتنســيق، ودون سابق إنذار، أجّل البلدان إلى وقت غيــر معلوم اجتماع اللجنة المشــتركة رفيعة المســتوى الذي كان مقــرراً الأحد، في الجزائر، برئاســة رئيســي الوزراء عبــد العزيز جراد، ونظيره الفرنسي جون كاستيكس.

وأعلنت رئاسة الوزراء الفرنسية، في بيان الخميس، أن زيارة كاســتيكس، التــي كانت مرتقبــة إلى الجزائر الأحد، "قد تأجلت".

وأرجعت ذلــك إلى أن "جائحة كورونا لا تســمح بأن تكون هــذه الوفود في ظــروف مُرضيــة"، وأن الزيارة "أرجئت إلى موعد لاحق يكون فيه الســياق الصحي أكثر ملاءمة".

في الجزائر لم يصدر، حتى ظهر الإثنين، تعليق رسمي حول تأجيل الزيارة، لكن وســائل إعلام فرنســية قالت إن الســبب الحقيقي لهذا التأجيل هــو "انزعاج" الجانب الجزائري من القرار الفرنسي في آخر لحظة بخفض عدد الوزراء القادمين من باريس، وكذا مدة الزيارة من يومين إلى يوم واحد.

وكان مقــرراً أن يتــرأس كاســتيكس مــع نظيــره الجزائري "جراد" اللجنة الحكومية رفيعة المســتوى بين البلدين، بمشــاركة عدد كبير من الوزراء، لبحث التعاون الاقتصادي في عدة قطاعات.

وتم اســتحداث هذه اللجنة عــام 2012، التي تجتمع بانتظام كل عام لتقييــم التعاون الاقتصادي بين البلدين بشــكل خاص، لكن آخر اجتماع لها كان في كانون الأول/ ديسمبر 2017 بالعاصمة الفرنسية باريس.

وبعد سلســلة مــن المكالمــا­ت الهاتفية بــن الرئيس الجزائري ونظيره الفرنســي، وتبادل الثناء والإشــادة بينهما، ســاد الاعتقاد بأن العلاقات تتجه نحو مستوى غير مسبوق من التفاهم.

وأبدى الرئيــس تبون رضــاه عن مواقــف ماكرون تجاه ملف الذاكــرة، ووصفه بأنه "غيــر ملوث بالماضي الاســتعما­ري"، ورفــض في أكثــر من مناســبة تحميله مسؤولية توتر العلاقات من حين لآخر، مؤكداً أن لوبيات )جماعات الضغط( حاقدة حاملة لأيديولوجي­ة "الجزائر فرنسية"، تقف حاجزاً أمام كل مسعى لتطبيع العلاقات.

وفــي 20 كانون الثاني/يناير الماضي، تســلمّ ماكرون تقريراً من المؤرخ بنجامان ســتورا، حــول فترة احتلال بــاده للجزائر، تضمــن مقترحات لإخــراج العلاقة بين البلدين من حالة الشلل التي تسببت بها ذاكرة الاستعمار العالقة بينهما.

وأوصــى التقرير بتشــكيل لجنــة تســمى "الذاكرة والحقيقة"، تطلــق مفاوضات حول الملفــات العالقة بين البلدين، إلى جانب تنظيم أنشطة تذكارية للتعريف بهذا التاريخ المشترك بين البلدين.

وفي 4 نيســان/أبريل الجاري، بدأت أول مؤشــرات عودة التوتر بين البلدين، عندما نشرت صحيفة "لوموند" مقالاً تحت عنــوان "جنرالات الجزائر يعيدون بعث حرب الذاكرة مع فرنسا".

واتهمــت الصحيفة رئيــس أركان الجيش الجزائري، ســعيد شــنقريحة، بالإصرار علــى إغلاق البــاب أمام "مصالحة الذاكرات"، لأنه "يصر في كل مرة على استذكار ملايين الشــهداء الذين ســقطوا في حــرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي ) 1962-1830) ."

واســتخدم كاتب المقال النمط التقليــدي المتبع دائماً من قبل الإعلام الفرنســي في حالات التوتر مع الجزائر، بوصف النظام السياســي بالخاضع لســلطة المؤسســة العسكرية، واعتبر "أن الرئيس تبون انتخب بشكل سيئ ســنة 2019 وأن الرجل القوي في البلاد هو قائد الجيش سعيد شنقريحة".

وفــي اليوم ذاته، رفــض الرئيس الجزائــري إعطاء اجتماع اللجنة العليا المشــتركة بين بلده وفرنسا أكبر من حجمه، وقال في حوار لوســائل إعلام محلية: إنه "لقاء عادي جداً لا ننتظر منه المعجزة".

ومعروف أن الخلافات بين الجزائر وفرنســا دائماً ما تترجم عبر مقالات وسائل الإعلام في البلدين.

وشــنت صحف اليمين الفرنســية هجومــاً حاداً على الجزائر بعد تأجيل زيارة رئيس الوزراء الفرنسي والوفد المرافق له.

وكتبت صحيفة "لوفيغارو"، الأحد "أنها )الجزائر( قبل أن تطلب المصالحة مع فرنسا عليها أن تكون متصالحة مع نفسها أولاً".

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom