Al-Quds Al-Arabi

تقدم مرتقب في ملف المناصب السيادية في ليبيا: البرلمان يعتزم فرز أسماء المرشحين

- طرابلس-«القدس العربي» من نسرين سليمان:

قضية المناصب الســيادية في ليبيا ظلت لوقت طويل على غرار بقية مخرجات الحوار موضع جدل وتســاؤل واختــاف بين أهم الأجسام في الدولة والمسؤولة عن هذا الملف، وهي مجلســا الأعلى للدولة والنواب. ورغم اقتراب حسم هذا الملف والنظر فيه ظل محل اختلاف وجدل بين الجســمين مســتنداً كل منهم إلى مخرجات الحوار السياسي، والتي أتت ببند صريــح وواضح حــول المناصب السيادية.

ومع الانقســام المؤسســات­ي الــذي نخر الدولة منذ ســنوات تأثرت بشكل كبير كافة المناصب الســيادية فأصبــح البنك المركزي يحمل محافظين اثنين كل يصدر قراراً مغايراً للآخر، ولم يختلــف الأمر في بقية المناصب، بل تفرد متقلدوها بالقرار وقاموا بالسيطرة على تدفق الأموال الخاصة بالدولة، وخاصة فيما يتعلــق بالمصرف المركــزي، ما دعا إلى تغيير حاملي هذه المناصب بشكل مستعجل لضمان انسياب العملية السياسية .

اتفاق الصخيرات

وحسب نص الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيــرات المغربية عام 2015 وفــي مادته الـ15 ، فإن مجلــس النواب يقوم بالتشــاور مع مجلس الدولة خــال 30 يوماً بهدف التوصــل إلى توافق حول شــاغلي المناصب الســيادية السبعة وهي 7 مناصب محافظ المصرف المركــزي ورئيس ديوان المحاســبة ورئيس جهاز الرقابة الإدارية ورئيس هيئة مكافحة الفســاد، إضافة إلى رئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات ورئيس المحكمة العليا ومعهم منصب النائب العام.

وكان مجلســا "النواب" و"الأعلى للدولة" قد اتفقا في مدينــة بوزنيقة المغربية بداية العــام على معايير وشروط تولي رؤساء المناصب السيادية، وذلك ضمن

جهود إنهاء أزمة الانقسام المؤسساتي والسياسي بين شــرق ليبيا وغربها، تمهيداً لإجراء الانتخابات العامة نهاية العام الحالي.

بوزنيقة والتوافق الليبي

وقد وزعت المناصب السيادية بناء على الاتفاق الــذي تم في بوزنيقة بين الجســمين على أســاس المعيــار الجغرافي وعلــى أقاليم البــاد الثلاثة، فمُنح إقليــم برقة محافــظ ليبيا المركــزي وهيئة الرقابة الإدارية، وإقليم طرابلس ديوان المحاســبة والمفوضية العليا للانتخابــ­ات، وإقليم فزان هيئة مكافحة الفســاد والمحكمة العليا، علــى أن تراعى التشــريعا­ت الليبيــة النافذة في تولــي منصبي النائــب العــام ورئيــس المحكمة العليــا، ويكون المنصب الأول لطرابلس والأخير لفزان.

ومن ثم أصاب هذا الملف نوع من الركود حتى قام مجلس النواب الليبي بإصدار القرار رقم 14 لسنة 2021 ، بشأن تشكيل لجنة لاختيار واستلام ملفات المترشحين للمناصب الســيادية في ليبيا، وقد أثار

هذا القرار جدلاً بين مجلسي النواب والأعلى للدولة استناداً إلى مخرجات الاتفاق السياسي .

عضو المجلــس الأعلى للدولــة، نعيمة الحامي، قالت في تصريح لـ"القدس العربي" إن التجاوز في موضوع المناصب الســيادية كان من خلال تشكيل لجنة منفردة من قبل مجلس النواب دون إشــراك المجلس الأعلى للدولة، ولكن مجلس النواب أكد أنه سيقوم بإرسال سبعة ملفات للمترشحين للمناصب ليتم اختيار متقلديها بتوافــق بين المجلس الأعلى للدولــة والنواب، وذلك عقب فرز الســير الذاتية، موضحــة أن المجلــس الأعلــى للدولة سيســاهم في تســيير عمليــة الاختيار ولن يركــز على هذه التفاصيل لاهتمامه بمصلحة الشــعب الليبي قبل كل شي.

وأضافــت الحامــي أن تجربة تعيــن محافظ مصرف ليبيا المركزي الجديد سابقاً محمد الشكري قد باءت بالفشل نظراً لعدم قيامهم بإشراك المجلس الأعلــى للدولــة، رغــم أن المحافظ قد قــام بأداء اليمين الدســتوري، مشــددة علــى أن المجلس لن يسمح بتكرار هذا المشــهد مجدداً ويصر على إتمام الإجراءات بشكل ســليم حتى تتم عملية التسليم والاستلام بسلاسة.

وكشــفت العضو في المجلس الأعلى للدولة عن تقديم مقترح من قبل بعض أعضاء المجلس بالإبقاء على الأمــر كما هو عليه، خدمــة لمصالح وأجندات معينة، مشــددة على رفض ذلك وبشــدة، على حد تعبيرها.

وقالت إن أعضاء مجلــس الدولة عن الجنوب طالبوا بمنــح منصــب محافظ المصــرف المركزي لهم بخلاف اتفاق بوزنيقــة المغربية، مبينة أنه تم رفــض المقترح بالأغلبية، ودعــوة هؤلاء الأعضاء لتوجيه جهودهم للمطالبة برئاسة النواب التي من المفتــرض أن تكون للجنوب وفق نظام المحاصصة، بدلاً مــن المطالبة بمنصب جــرى التفاهم عليه في بوزنيقة.

كما قال عضو لجنة المناصب السيادية في مجلس النواب عبد المنعم بالكور إن اللجنة ســتبدأ في فرز ملفات المترشــحي­ن خلال هذا الأســبوع بعد إغلاق باب الترشح مع نهاية الأسبوع الماضي، موضحاً أن المجلس متمسك بتسيير اختيار المناصب السيادية حســب ما هو منصوص فــي الاتفاق السياســي ومخرجات بوزنيقة.

وأضــاف بالكــور أن الاجتماع لفــرز المتقدمين للمناصب ســيعقد خلال هذا الأســبوع في مدينة يتوافق عليهــا أعضاء اللجنة، موضحاً أن الغالبية تتجه لأن يكون الاجتماع في مدينة طبرق بســبب تواجد أعضــاء في اللجنة من الجنوب والشــرق، مضيفاً أن المجلس ســيقوم بإحالة ملفات ســبعة مترشــحين للمجلس الأعلى للدولــة ليتم اختيار متقلدي المناصب بالتوافق.

ورغم حاجــة الدولة إلى حســم ملف المناصب السيادية يبقى التوافق بين المجلس الأعلى للدولة ومجلــس النــواب مهمــاً للغاية، لضمــان التزام متقلدي المناصب السيادية حالياً بتسليم مناصبهم بالإجراء الصحيح، حسب مراقبين.. فهل سيتماهى المســؤولو­ن عن هذا الملف، مع التقدم السياســي الحاصل عقب تولي ملتقى الحــوار الليبي تحريك العجلة السياســية في البلاد، لينتجوا ســلطات ســيادية موحدة بدمــاء جديدة تدعــم الحكومة الليبية، أم إن هذا المسار سيتعثر مجدداً؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom