Al-Quds Al-Arabi

اليمن: رمضان يثقل كاهل الغالبية العظمى بمتطلباته العالية في ظل ظروف الحرب القاسية

- تعز- «القدس العربي» من خالد الحمادي:

أثقل شهر رمضان الفضيل في اليمن كاهل أغلب الموظفين البسطاء المطحونين بين غلاء الأســعار وضعــف الرواتب وعدم اســتلام الكثير منهم للرواتب لما يقارب السنة، بسبب ظروف الحرب في البلاد، المستمرة منذ نهاية العام 2014 .

وزاد من معاناة اليمنيين وحســرتهم عدم قدرتهم المادية والمعيشية بالشكل الذي يليق به لاســتقبال شــهر رمضان الذي بدأ اليوم الثلاثاء، لما له مــن مكانة خاصة في قلوبهم، حيث تتجــذر العــادات والتقاليــ­د اليمنية المرتبطة بشــهر رمضان، ابتداء من حســن اســتقباله، مروراً بالتفنّن بالاســتعد­اد له بأفضل الأطعمة والمأكولات الرمضانية، التي لا تزور بعضها موائد اليمنيين إلا في رمضان، وانتهــاء باتخاذه فرصــة للتوبة ومضاعفة التعبّد وإحياء شعيرة صلاة التراويح مساء كل يوم.

ووفقــاً للعديد من الموظفــن اليمنيين، لم يعد قدوم شــهر رمضان في اليمــن كما كان قبل الحرب، حيث كانت البهجة تعمّ كل بيت بمجر قدومه، أمــا اليوم فقد أصبح عالة على أرباب الأســر الذين أثقل كاهلهــم، والذين يجدون أنفسهم عاجزين عن توفير المتطلبات الرمضانية الأساسية لأطفالهم ولأسرهم.

محمد قاســم الورافي، موظــف حكومي، قال لـ»القدس العربي»: «لم نتسلم الرواتب منذ أكثر من 10 أشــهر، ووضعنــا المادي في الحضيض، عايشــن بالبركة على المعونات الإنســاني­ة التي تصلنا بشكل متقطع من هنا أو هناك، وهو ما أشــعرنا بالحســرة والألم عند قدوم رمضان، حيــث لا نملك المتطلبات الضروريــة من الطعام ولا الحــد الأدنى من الاستقرار النفسي .»

وأوضح أن قدوم شــهر رمضان بالنسبة له ضاعف من حجــم المعاناة والألم، بدلاً من الفرحــة والابتهاج بقدومــه : «لأنني وجدت نفســي ضعيفاً مقيداً أمام عائلتي وأطفالي، كالمشــلول الذي لا يســتطيع الحراك لتدبير

أمــوره، رغم أنــي موظف بدرجــة وظيفية محترمة، أصبحت بفعل الحــرب عبئاً ثقيلاً عليّ وعلى أســرتي، لأن النــاس من حولي يظنون أنــي أتقاضى راتباً عاليــاً، بينما أنا حبيس الوضع الراهن الذي لم يبق ولم يذر لأحد شيئاً».

وذكر عبده ســرحان الشرعبي لـ»القدس العربــي»، وهو موظــف قطاع خــاص، أن الأعباء الرمضانيــ­ة أصبحت أكبر من قدرات الموظــف مهما كانــت إمكانياتــ­ه أو مكانته الوظيفيــة، لأن انهيار قيمــة العملة المحلية الريال والتضخم الكبير الذي سببته الحرب، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، جعل من الموظف فقيراً، بــل ودفع بأغلب الموظفين إلى درجــة الفقــر المدقع، تحت خــط الفقر المتعارف عليه دولياً، ناهيك عن عدم استلام الكثير من الموظفــن الحكوميين لرواتبهم إلا فيما ندر أو لمرات محدودة في العام.

وأوضح أن قدوم شــهر رمضان هذا العام مثل عدمــه، من حيــث الاســتعدا­د اللائق وحســن الاســتقبا­ل بالموائــد الرمضانية الخاصة، التــي كان اليمنيون ينفقون عليها خلال شــهر رمضان ما يــوازي إنفاقهم على بقية شهور السنة، لما كان له من مكانة خاصة لديهم، أما الآن فيكتفــي اليمنيون بما جادت به الجمعيــات الإغاثية الدوليــة من توفير بعض المتطلبات الغذائية الأساســية التي لا تفي باحتياجات المائدة الرمضانية في اليمن.

وضاعف من عناء اليمنيين، وفي مقدمتهم الموظفون خلال شهر رمضان الراهن، ارتفاع الأسعار بشكل كبير بســبب ظروف الحرب والحصــار الحوثي المفــروض على محافظة تعــز، وحصــار التحالف لمناطق ســيطرة الانقلابيي­ن الحوثيين، منــذ مطلع عام 2015، وكذا انهيــار الوضع الأمني في محافظة عدن وبقية المحافظات الجنوبية، وغياب السياسة الحكومية لضبط الأســعار والتحكم بحركة الســوق، بال‘ضافة إلى استغلال الحوثيين لوضع الحــرب والحصار المفــروض عليهم بالمتاجرة بأقوات الناس ورفع الأسعار وفتح المجال للسوق السوداء في مناطق سيطرتهم التــي تديرهــا قيــادات رفيعة فــي جماعة الحوثي لتبييض متاجرتهم بالمواد الغذائية التــي تصلهم كمعونــات إغاثية للســكان، والتي يعتبرونها أبرز مصادر الدخل لتمويل المجهود الحربي، وفقاً لكثير من الخبراء الاق تصاديين.

ومع قدوم شــهر رمضان الفضيل، أعلنت جماعة الحوثي أمــس الأول الأحد، عن رفع أسعار غاز الطبخ المنزلي في المناطق الواقعة تحت ســيطرتها، بنســبة ارتفــاع تجاوزت .٪180

وذكر موقــع «26 ســبتمبر نــت» التابع لجماعة الحوثي، أن شــركة الغاز في صنعاء أقرت رفع ســعر أســطوانة الغاز إلى 6640 ريالاً يمنياً للأســطوان­ة التي حجمها 20 لتراً، بشــرط «تعبئة أسطوانة واحدة لكل مواطن بموجــب البطاقة الشــخصية» والتي غالباً مــا تعطى الأوليــة لمن هم موالــون لجماعة الحوثي، بينمــا يضطر البقية إلى شــرائها من الســوق السوداء بســعر أعلى، في حين كانت شــركة «صافر» لإنتاج الغــاز التابعة للحكومة، أعلنت في وقت ســابق أن «السعر الرسمي لأســطوانة الغاز المعتمد من شركة صافر هو 2300 ريال للا سٕطوانة الواحدة»، وأن كلفة الأســطوان­ة للمستهلك بما في ذلك تكاليــف النقل، لا يتجاوز بعــد إيصالها الى العاصمة صنعاء وبقية المحافظات 3100 ريال للأسطوانة الواحدة.

أمــا الجانب الحكومــي فقد اكتفــى بعقد اجتماع موســع في العاصمــة المؤقتة عدن، أمــس، ضــم قيــادات وزارتــي الصناعــة والتجــارة والتخطيط والتعــاون الدولي، والشركة اليمنية لصوامع ومطاحن الغلال، لمناقشــة تأمــن المخــزون الغذائــي ومدى إنسيابية السلع الغذائية في السوق المحلية خلال شــهر رمضان، تفادياً لحدوث أزمة في المخزون الغذائي.

وشدد وكيل وزارة الصناعة علي الشرفي، على أهمية تأمين المخزون الغذائي والتمويني للمســتهلك وضبط الأســعار ومنع الاحتكار لضمــان وصــول الســلع الغذائيــة لكافة شــرائح المجتمع بسهولة ويســر مع حلول شــهر رمضان، والحيلولة دون تأثّر المخزون الغذائي الاستراتيج­ي من الكميات المسحوبة من السوق المحلية خلال شهر رمضان.

 ??  ?? مواطنون يمنيون يتبضعون استعدادً لشهر رمضان وسط غلاء الأسعار وضعف الرواتب
مواطنون يمنيون يتبضعون استعدادً لشهر رمضان وسط غلاء الأسعار وضعف الرواتب

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom