Al-Quds Al-Arabi

إنجاز لو تحقق

-

لو غاب هؤلاء

مرحــاً بالدنيــا إذا اقتصــر أنذالها على ثلاثــة. كذلك رد الشــيخ علي ســعيد مهران - فــي رواية "اللــص والكلاب" لنجيب محفوظ - حين صرخ أمامــه الأخير، وهو يحكي عن خيانــة زوجته وصبيه «عليش ســدرة » وصديقه الصحافي «رؤوف علوان» له، وأن الثلاثة تواطــأوا معاً من أجل الدفع به إلى السجن والضياع. لحظتها ابتسم الشيخ وعلق عليه، قائلاً: «مرحاً بالدنيــا إذا اقتصر أنذالها على ثلاثة». وبدوره يصف الدكتــور محمود خليل في "الوطن" التعليق الســابق بالحكيم والعميق، ويمنحنا مؤشــراً عن خطأ إنساني شائع يتورط فيه البعــض أحياناً حين يعلقون المشــكلات الكبرى في رقبة شــخص أو اثنين أو ثلاثة أو أكثــر. نمط التفكير هذا يعني ببساطة أن الدنيا سوف ينصلح حالها، إذا اختفت هذه الشــخصيات. فحال السياسة سوف يختلف إذا اختفى فلان وعلان، وحال الإعلام ســينصلح إذا غاب هذا أو ذاك، وحال الاقتصاد سوف يستقر إذا خرج من السوق هذا أو تلك، وحال الفن سيتحسّن إذا تراجعت سيطرة النجم الفلاني أو العلاني على ســوق الأعمال الفنيــة، وحال الخطاب الديني ســوف يتطور إذا اختفى هــذا الداعية أو ذاك. هذا النمط من الطرح، ناهيك من طابعه الاختزالي، يضر أكثر مما ينفع، وهو بحال لا ينتج إصلاحاً في الواقع، بل يُشخصن القضايا الكبرى المهمة والملحة، ويُحول النقاش حولها إلى ســجالات استهلاكية لا تؤدي إلى تغيير ذي قيمة على مستوى القضية. ما أسهل حل المشكلات لو كان السبب فيها شخصاً أو ثلاثة أو عشرة أو مئة شــخص. لو كان الأمر كذلك لهانت أي مشكلة، وحُلت بمجرد أن تتخلص من هؤلاء الأشخاص. المسألة أكبر من ذلك بكثير، والمشكلات داخل أي مجتمع هي جزء من تركيبته، ولا حل لها إلا بالمعالجــ­ة الموضوعية.. وطريق المعالجــة الموضوعية هو الطريق الصعب والأشــد إرهاقاً والأكثر طولاً. أكبر المصلحين في التاريخ الإنســاني وهــم أنبياء اللــه، واجهتهم آفة عدم الفصل بين الذات والموضوع.

إسرائيل هناك

ما زال الدكتــور أحمد الصاوي كما أوضح في "المشــهد" يــرى أن لإســرائيل دورا مؤثرا فــي المؤامــرة التي تهدد المصريين: "علــى الرغم من أن تل أبيب لم تضبط متلبســة بــأي تصريح يتصل بســد النهضة من قريــب أو بعيد ولو حتــى بالدعوة للتفاهــم بين أطراف الأزمة، إلا أنه بوســع المراقب السياســي أن يشــتم رائحة خبراتها في "الدعاية" وادعاء الحــق، بالمخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية ثم قبل ذلك وبعده بتقســيم التعامل مع بناء السد، وما يثيره من خلافات بأسلوب كيسنجر، أي سياسة الخطوة خطوة، وأيضا الفصل بين المسارات بتفريق الأطراف التي يمكن أن تتخذ موقفا موحدا ضدها. وفي ما يتعلق بسد النهضة، فإن إثيوبيا اعتمدت منذ بداية التنفيذ الفعلي سياسة من شأنها تشــجيع الســودان على عدم الالتقاء مــع الموقف المصري الرافــض ابتداء لفكرة إقامة ســدود تتحكم بفيضان النيل الأزرق. وقد وجدت تلك السياسة مناخا ملائما في ظل حكم البشــير، أولا بحكم الخلافات "الإخوانية" مع مصر، وثانيا لوجود رافد سوداني داخلي معاد لمصر على خلفية تاريخية تمتد من الثورة المهدية إلى استفتاء تقرير المصير".

اخت بلادي

تابع الدكتــور أحمد الصــاوي: "ظل الســودان يرفل في الشعار المريب "إثيوبيا أخت بلادي" وهو على يقين بأن السد يمكــن أن يلحق الأذى بمصر، ولكنه أبدا لن يمس الســودان بسوء، وكانت قمة نجاح خطة الفصل بين مصر والسودان في هذا الشأن، امتناع الوفد الســوداني في مفاوضات واشنطن عن التوقيع على مسودة الاتفاقية، مثلما فعل الوفد الإثيوبي، مع ملاحظة أن ذلك كان بعد الثورة وســقوط نظام الكيزان. وقد تعثرت خطة الفصل بين المســارين السوداني والمصري، بعد أن عاين السودان فعليا النتائج السلبية للملء الأول على ســدوده الصغيرة ومحطات توليد الكهربــاء، وأصبح هناك تناغم، وربما تنســيق جزئي بين مواقف القاهرة والخرطوم مع إدراك حجم التهديد الذي تشــكله كمية المياه، وراء ســد هناك شــكوك حقيقية حول درجة أمانه إنشــائيا، ناهيك من القوة الهائلة التي يمنحهــا للطرف الإثيوبي للتحكم بدولتي المصب. من جهتها فإن القاهرة عمدت إلى تدفئة هذا التنسيق، بل ووافقت بــدون تردد على اقتراح الســودان للوســاطة الرباعية وبدت الأمور في أوج حيويتها مع إسهامات قيمة من الخبراء السودانيين في مجال الري ، لكن ذلك كله ربما يكون على المحك في مقبل الأيام".

هدف سري

لجأت إثيوبيا منذ التســعيني­ات من القــرن الماضي كما أوضح محمــد البرغوثي في "الوطن" إلــى الحديث المكثف حول حاجتها لميــاه النيل الأزرق في الزراعــة، ولكن عدم صلاحيــة أراضي حوض هذا النيــل لأي زراعة، دفعها إلى اختلاق حجة بناء ســد عملاق على النيــل الأزرق لتوليد الكهرباء، بهدف اســتخدامه­ا في التنميــة المحلية أولاً، ثم تصدير الفائض منها إلــى دول الجوار، والمثير في الأمر كله أن الاهتمام ببناء ســدود على النيــل الأزرق لم يكن مطلباً إثيوبيا من الأســاس، لأنها لم تكن في أي وقت، ولن تكون

أبداً، في حاجة إلى حجز أو استثمار مياه هذا النهر تحديداً، لأنها تملك 11 نهــراً آخر تجري في أراضيهــا، وتعوم فوق خــزان مياه جوفي متجــدد يكفيها لمئات الســنين، وتنهمر عليها أمطار كثيفة تجعل منهــا واحدة من أغنى دول العالم امتــاكاً للمياه.. وهنــاك إجماع من كل خبــراء العالم في ملف المياه، على أن مشــكلة إثيوبيا الحقيقية تنبع من أنها «نافورة مياه» هادرة تعمل بدون ضابط، وتحيل أرضها إلى مستنقع يحتاج إلى معالجات علمية لزراعته وتنميته، بدلاً من الخضوع لضغوط الوحش الرأســمال­ي، الذي تشير كل الأدلة إلى أنه يؤجج الصراع حــول موارد المياه لاختطافها والاتجار فيها لصالح شــركاته أولاً وأخيــراً.. وأن إثيوبيا ذاتها التي ستحرم مصر من موردها الوحيد للمياه العذبة، لن تحقق أدنى استفادة محلية لشعبها.

قنبلة مائية

مؤخراً والكلام ما زال لمحمد البرغوثي، كشــفت إثيوبيا عن هدفها الأساســي من بناء سد النهضة، وأصبح الحديث عــن حقها في حجــز مياه النيــل الأزرق باعتبــاره مورداً طبيعياً يخصها وحدها، مســموعاً وصاخبــاً، بدون أدنى اعتبار للأعــراف والقوانين الدوليــة الحاكمة لتوزيع مياه الأنهار العابرة في أكثر مــن دولة، وتعرف إثيوبيا جيداً أن هذه الأعراف والقوانين تلجأ إلى حساب كل المصادر المائية المتاحة لكل دولة على حدة، وأنه لا يحق أبداً لدولة - لمجرد أنها مكان المنبع - أن تحتجز قطرة واحدة من المياه، إذا ثبت أنها تملك مصادر أخــرى للمياه، ثم إذا ثبت أن دولة المصب لا تملك أي مصــادر أخرى للمياه تعوّضهــا عن احتجاز ما يصلها من مياه من المورد المراد حجزه، والثابت لكل خبراء العالم أن إثيوبيا ليســت في حاجة إلى احتجاز مياه النيل الأزرق، وأن مصر بدون هذا المورد ســتتعرض لكارثة تهدد وجودهــا ذاته.. ورغم ذلــك بلغ التعنــت الإثيوبي حداً لا يمكن احتماله، وهو ما دفع الرئيس السيســي إلى التلويح بالحرب دفاعاً عــن حق مصر في الوجــود، ودفعاً لخراب ماحق ومدمر إذا تم حجز ميــاه النيل الأزرق. وفي قلب هذا التفاعــل الخطر دخلت أمريكا إلى حلبة الصراع، وكشــفت القناع عن وجهها الصريــح.. وإذا بوزير خارجيتها يحاول تجريد مصر والســودان من اللجوء إلى الخيار العسكري دفاعاً عن وجودهما، ويعيد أطراف النزاع إلى بداية طريق التفــاوض حتى تنتهــي إثيوبيا من المــلء الثاني والثالث لخزان سد النهضة، ويتحول إلى «قنبلة مائية» تفرض على الجميع الخضوع لقوى الســوق، والاتفاق جبراً على أثمان بيع وشــراء المياه من هذا البنك العملاق، الذي ســيتحول بالتدريج إلى عدة بنوك تحتجز المياه للاتجار فيها وتحقيق فوائض مالية ســيذهب معظمها إلى الوحش الرأســمال­ي، وليس إلى إثيوبيا كما يتصور بعض قادتها.

الوقت يداهمنا

ســاح الوقت ضاغط علينا جدا في ما يتعلق بقضية ســد النهضة الإثيوبية، تابع عماد الدين حســن في "الشــروق": "الوقت يلعب ضدنا ولصالــح إثيوبيا. هي أعلنت بكل الطرق أنها ســوف تنفذ المــلء الثاني للســد في الصيــف المقبل في كل الأحوال، بــل أطلقت حملة قبــل أيام قليلــة عنوانها «لن تمنعنا قوة على وجه الأرض من إكمال ملء الســد». أعتقد بل ربما أجزم بــأن أصحاب القرار في هذا الملــف في مصر لديهم تصورات كاملة عن المستقبل. هم يملكون المعلومات والبيانات الكاملة، وبالتالي لديهم خطط مكتملة وسيناريوها­ت صالحة لكل التطورات. فى هذه الســطور ســوف أقترح مجموعة من الخطــوات التي يمكن تنفيذهــا بدءًا مــن الآن، وحتى بداية موســم الأمطار في هذا الصيف، والمرجح أن يكون في شــهر يوليو/تموز المقبل، لكن الســودان أعلن أن المــلء قد يبدأ في مايو/أيــار ويونيو/حزيــران المقبلين أي بعد أيــام. أول هذه الاقتراحات أن نكثف نشــاطنا السياســي على كل الجبهات المؤثرة خارجيا، بــدءا من القارة الافريقية. علينا أن نرســل مبعوثين إلى أكبر عدد من الــدول الإفريقية خصوصا كل دول حوض النيــل، ومبعوثين للدول العربيــة والإقليمية المؤثرة والقوى الكبــرى، خصوصا الدول الخمــس دائمة العضوية في مجلس الأمن. نشــرح لهؤلاء القصة من بدايتها قبل عشر ســنوات، حتــى وصلت للطريق المســدود. علينــا أن نخطر مجلس الأمن رســميا بأننا بذلنا كل جهودنا من أجل التوصل لاتفاق ســلمي، لكن تعنت إثيوبيا أفشل ذلك. علينا أن نضمن تأييد أمريكا، خصوصا أنها قدمت اتفاقا في فبراير/شباط قبل الماضي، لكن إثيوبيا تهربــت من التوقيع عليه. وإذا لم نتمكن من كســب تأييدها، فعلــى الأقل نضمن حيادهــا. والخطوة الثانية هي أن نذهب للاتحاد الافريقي رســميا ونشــهده أننا التزمنا بالمســار الافريقي طوال عام كامل، ولم نصل لنتيجة، وأننا سوف ندافع عن حقوقنا بكل الوسائل".

إنذار أخير

مضى عمــاد الدين حســن مقترحــاً ما ينبغــي عمله: "الخطوة الثالثة أن نبلغ إثيوبيا بأننا سوف نجمد توقيعنا على اتفاق المبادئ الثلاثــي الموقع في الخرطوم في مارس/ آذار 2015، إذا لــم تمتثل وتوقع اتفاقــا قانونيا ملزما، في مهلة معينة ولتكن أســبوعين. الخطوة الرابعة، هي توجيه إنذار لإثيوبيا بأن عــدم توقيعها على الاتفاق، أو على الأقل توقفها عن الملء الأحادي، ســوف يجعــل مصر في حل من كل اتفاقياتها الســابقة، وأنها سوف تتخذ كل الخطوات بما

فيها العســكرية لضمان حقوقها المائية. الخطوة الخامسة هي سحب بعثتنا الدبلوماسي­ة من إثيوبيا، أو تقليصها لأقل عدد ممكن، أو اســتدعاء سفيرنا في أديس أبابا حتى نشعر إثيوبيا بأن الأمر جاد ولا هزل فيه. الخطوة السادســة: هي إبلاغ إثيوبيا بأن إصرارها على الملء الأحادي، يعنى إعلان الحــرب على مصر، باعتبار أن ذلك ســوف يؤثر في حقوق مصر المائية. وأنها ســوف تعتبر المنطقة الواقع فيها السيد منطقة عمليات عســكرية، كل من فيها ســيتم التعامل معه باعتباره هدفا عســكريا. إذا أصرت إثيوبيا على السير في طريق التعنت والتحدي والمكابــر­ة. فوقتها لن يكون هناك مفر أمام مصر، سوى استخدام قوتها الشاملة من أجل إجبار إثيوبيا على الإنصــات لصوت العقــل والحكمة. الخطوة السابعة هي ضمان التنســيق مع السودان الشقيق في كل الأوقات والمراحــل، باعتبار ذلك إجــراءً جوهريا للضغط على إثيوبيا،. الحرب ضــارة وخطيرة، لكن مرة أخرى هي في بعض الأحيان تكون حتميــة، خصوصا إذا تعلق الأمر بحياة ومستقبل كامل لبلد كبير مثل مصر، تشكل مياه النيل أكثر من 95٪ من موارده المائية".

شكراً قيس

عبر الدكتور أســامة الغزالي حرب فــي "الأهرام" عن خالص تقديره للرئيس التونســي قيس ســعيد - الذي وصل لمصر يوم الســبت الماضي - على كلمتــه الرائعة، في المؤتمــر الصحافا المشــترك مع الرئيس عبــد الفتاح السيســي، التي أرجو أن يطلع عليهــا المصريون جميعا. ويهمنــي هنا أن أكــرر نص ما قاله الرئيس قيس ســعيد بشأن قضية سد النهضة.. بالنســبة إلى التوزيع العادل للمياه، أقولها و أكررها أمــام العالم كله: نحن نبحث عن حلول عادلة، ولكــن الأمن القومي لمصر هو أمننا، وموقف مصر في أي محفل دولي ســيكون موقفنــا. أقول هذا عن قناعة تامة لأننا قرأنا التاريخ جيدا، ونستشرف المستقبل جيدا، ولن نقبل أبدا بأن يتم المســاس بالأمن المائي لمصر. وتابع الكاتب: سيادة الرئيس تحدث منذ قليل عن حلول عادلــة، نعم عن حلــول عادلة، ولكن ليس على حســاب مصــر، وعلى حســاب أمتنا. هذا نمــوذج لموقف واضح، ولكلمــات قوية حاســمة تأييدا لمصر فــي معركة حيوية بالنســبة لها، كلمات ومواقف لم تصــدر عن آخرين كان يتصــور أن يكونوا هم أيضا داعمين لمصــر.. كما يزيد من أهميــة هذا الموقف عضوية تونس غيــر الدائمة حاليا في مجلس الأمــن، بما ينطوي ذلك عليه مــن إمكانية تدعيم النشاط الدبلوماسي المصري لحشد التأييد لموقفها من سد النهضة. غير أن كلمة الرئيس ســعيد ولدت حنقا وغضبا لدى القوى الإخوانية في تونس وخارجها. حقا، لم تصدر حركــة النهضة )إخــوان تونس( بيانات رســمية حول الزيارة، إلا أن شخصيات مقربة منها، وصفحات تابعة لها )كما قالت سكاي نيوز( عبرت عن موقف واضح، بوصف قيس ســعيد بأنه أحد أبرز خصوم الحركة داخل تونس. ولكن ســؤالا بريئا بســيطا يمكن هنا أن يثــار وهو: ما الذي يغضب الإخوان من دعم تونس لمصر في قضية ســد النهضة؟ الإجابة بســيطة للغاية: أن الإخوان ــ كعادتهم ــ لا يهمهم أمن مصر المائي، ولا تعطيش شــعبها، ولا بوار أرضها، الإخوان يهمهم فقط أن يحكموا ويتحكموا، وفي ما عدا ذلك فلتذهب مصر وشعبها إلى الجحيم.

فلنتجه لهناك

نبقى مــع الخطــر الداهم بصحبــة جلال دويــدار في "الأخبار": "على ضوء فشــل الجولة الأخيرة لمفاوضات سد النهضة نتيجة اســتمرار التعنت الإثيوبــي.. أعتقد أنه لم يعد أمامنا سوى اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي باعتباره الفرصــة الأخيرة قبل ما هــي آت. إن على هذه المؤسســة الدوليــة الموكول إليها حمايــة الأمن والســلم العالمي، أن تتحمل مسؤولياتها، ذلك أصبح حتميا بعد أن وصلت الأمور إلى منعطف خطير.. يتمثل في اســتهانة إثيوبيا بالحقوق المشــروعة لمصر والســودان في مياه النيل وفقا للمواثيق الدولية، باعتبــاره نهرا عابرا للحدود. حقــا لم تعد هناك فرصة للصبــر من جانب مصر والســودان.. بعد أن أمضيا عشر ســنوات في مفاوضات عقيمة وبلا جدوى. الدولتان أكدتــا دومــا التزامهما بحســن النية واحتــرام انتمائهما الافريقــي والحفاظ علــى الروابط والعلاقــا­ت التاريخية التي تربط دول حــوض النيل. هذا الأمر دفعهما إلى القبول بوساطة الاتحاد الافريقي التي لم تلق أي استجابة أو آذانا صاغيــة من جانب إثيوبيــا. قبلها كانــت المفاوضات التي شــاركت فيها أمريكا والبنك الدولــي، وتوصلت إلى اتفاق تهربت إثيوبيا من تنفيذه. اللجوء إلى مجلس الأمن سوف يكون الخطوة المقبلة والأخيرة لكل من مصر والســودان.. قبل التحــرك للدفاع عن أمنهما القومــي المائي.. التي تصر إثيوبيــا على انتهاكه. إن الدولتــن تتطلعان إلى نقل ملف الأزمة إلى مجلس الأمن.. إقناع إثيوبيا بالتعاون وحســن الجــوار والعلاقــا­ت الأخويــة والتخلي عن الســلوكيا­ت المعادية لســام وأمن المنطقة، وبالتالي سلام وأمن العالم. علــى مجلس الأمن والمجتمــع الدولي اتخــاذ موقف حازم وحاسم تجاه إثيوبيا. إنهما بهذا الموقف يكونان قد اضطلعا بواجبهمــا بالتصدي لإصــرار إثيوبيا علــى تعريض أمن وســام العالم إلى ما لا يحمد عقباه. أملنا أن يدرك مجلس الأمن هذا الواقع وخطر ســلبية الســكوت على سلوكيات المسؤولين عن حكم إثيوبيا".

اهتم المستشــار بهاء أبوشــقة في "الوفــد" بتصريحات الدكتور سعد نصار، مستشــار وزير الزراعة، بشأن مشروع الدلتــا الجديدة، حيــث أكد أنــه تم البدء فــي تكليف مركز البحوث الزراعية لتحديد واســتنباط التراكيب المحصولية المطلوب زراعتها في المشروع، وبما يتناسب مع طبيعة منطقة محور الضبعة. كما أن توجيهات الرئيس السيسي تشدد على أهمية الارتقاء بالملف الغذائي والتركيز على التوســع الأفقي والرأسي في المساحات الخضراء، خاصة مشروعات الصوب الزراعيــة، التي تنفذها الحكومة وتســليمها إلــى المنتفعين لزراعتهــا ضمن الـ1.5 مليــون فدان. والمعــروف أن اهتمام الدولة بمشروعات التوسع الزراعي يأتى ضمن استراتيجية تقليل الفجــوة الغذائية وخفــض فاتورة الاســتيرا­د التي تكلــف الدولة الكثير مــن العملات الصعبة، إضافة إلى ســد العجز الكبير الذي تســببت فيــه الزيادة الســكانية خلال الفترة الأخيرة. كما تم التوجيــه بتطبيق نظم الرى الحديثة والتقنيات المتطورة في منظومة الزراعة كافة. كما تم الاتفاق على زراعة محاصيل بمساحات كبيرة للقضاء على الحيازات الصغيرة، إضافة إلى إنشــاء مجمعــات خدمية من مدارس ومستشــفيا­ت وشــبكات اتصــال ومراكز خدميــة. ويقول الدكتور نعيم مصيلحي مستشــار وزير الزراعة، إن الرئيس السيســي حريص دائمًا على تنمية القطاع الزراعي، وإطلاق المبادرات القومية لتدشين المشــروعا­ت الكبرى لدعم اقتصاد البــاد. والمعــروف أن الاهتمام بالقطــاع الزراعي يعود إلى أهمية إنتاج الحاصلات الزراعية، في ظل الزيادة الســكانية الكبيرة التي تحدث في مصــر.. والدولة المصرية بدأت خلال الفترة الأخيرة التوســع في المشروعات الزراعية، ومن بينها مناطق توشكى والوادي الجديد وسيناء والعديد من المناطق الجديدة إلى جانب مشروع مستقبل مصر في محور الضبعة، الذي سيحقق طفرة كبيرة في إنتاج الحاصلات الزراعية. وقد بدأت الأجهزة المعنية في التجهيز للمساحة وتوصيل المرافق وأجهزة الري وحفر المواســير والآبار المطلوبة، ويشارك في ذلك جهاز الخدمة المدنية والهيئة الهندســية للقوات المسلحة ووزارتا الزراعة والري.

معارك وهمية

أعلن الإعلامي عمرو أديب مقاضاته للفنان محمد رمضان، بعد إســاءته له بشكل مباشــر، حيث قال وفقاً لآية عادل في "الوفد": "يا أنا يا أنت.. ولو محدش رباك أنا هربيك.. انهارده طلبت من المحامي بتاعي الاستاذ طارق جميل سعيد، أن يرفع قضية على محمد رمضان لإســاءته ليا.. ونــدرت ندر قدام الناس كلها أي فلــوس هاخدها منه هتبرع بيها لمستشــفى الأطفال في أبو الريش". وتابع: "الأيام الجاية كلها نكد خلينا ندخل بقى في قضايــا ومحاكم، أنا راجل محترم ومش باخد حقي بالتجاوز ومش هدخل في سجال قليل الأدب لأني مش راجل قليــل الأدب، أنا راجل محترم وبعبــر عن آراء الناس والناس لما استاءت أنا عبرت عن استيائها.. إنما أنت لو فاكر إنك مسنود، القانون مبيسندش حد والبلد دي مفيهاش حد مســنود مهما كنت أنت مين.. وادينا قاعديــن بينا القضاء". وكان الإعلامي عمرو أديب قد شــن هجوما عنيفا على الفنان محمد رمضان، بعــد رد فعله على الحكــم القضائي الصادر ضده بدفع 6 ملايين جنيه تعويضا للطيار أشرف أبواليسر، حيث ظهر وهــو يلقي أموالا في حمام الســباحة، ليوجه له رسالة صريحة قائلاً: "الناس مش لاقية فلوس وإنت بترميها حتى لو مزيفة.. اللي فاكرينه موسى طلع فرعون»، في إشارة إلى اسم مسلسله الجديد "موسى"، الذي من المقرر أن يخوض به السباق الدرامي لشهر رمضان المقبل 2021. شارك الفنان محمــد رمضان جمهــوره بمقطع فيديو جديد عبر حســابه الشخصي على موقع تبادل الصور و الفيديوهات أنستغرام، رداً على تصريحات الإعلامي عمرو أديب التي أدلى بها خلال الحلقة الســابقة من برنامجه "الحكاية" المذاع عبر قناة mbc مصر الفضائية، حــول فيديوهات محمــد رمضان الأخيرة واستفزازه للجمهور بشكل دائم. ودمج "رمضان" مقطعا من مسلسله "نســر الصعيد" بحديث الإعلامي عمرو أديب الذي قال فيه: "يا بنــي إهدا يابني أرجع لعقلــك يا حبيبي بلاش غــرور". ليرد عليه "رمضان" بهذا المشــهد وهــو يصفع أحد الممثلين بالقلم على وجهه قائلا : "إنت حاشر دماغك ليه".

جرحنا الكبير

هذا هو ثمن الفوضى وتلك هــي فاتورة الحرب الأهلية، عن لبنان وبأسى بالغ يتحدث مرسي عطا الله في "الأهرام": "أتحدث عن البلد الشــقيق لبنان الذي لم يذق طعم الراحة والهــدوء منــذ أن هبت عليــه عواصف الفتنة عــام 1975 وأشــعلت حربا أهلية بأبعاد طائفية ومذهبية، بامتدادات دوليــة وإقليمية، ورغــم التوصل إلى اتفــاق الطائف عام 1989 فإن توقف هديــر المدافع لم يصحبه توقف للمكايدات والصراعــا­ت السياســية، التــي بلغت ذروتها بمسلســل الاغتيالات السياســية، الذي أعاد وضع لبنان على أبواب حرب أهليــة جديدة، بعد اغتيال رئيس الــوزراء اللبناني الأســبق رفيق الحريري فــي 14 فبراير/شــباط عام 2005 لينقســم لبنان إلى فريقين.. فريق 14 شباط وفريق 8 آذار. وبدلا من أن تســتوعب الطبقة السياسية الحاكمة دروس الحرب الأهلية، ومخاطر استمرار الانقسام السياسي الحاد فإن الجميع لم ينظروا ســوى تحت أقدامهم فقط بحثا عن المكاسب السياسية، بأي ثمن، وبأي وسيلة، ما فتح المشهد اللبناني ليكون ميدانا للحرب البــاردة التي تتصارع فيها القوى الإقليميــ­ة وتتصادم على أرضها سياســات القوى العظمى. وهكــذا تحول لبنان من بلــد كان يتميز عن باقي دول المنطقة بمستوى عال من المعيشة والتعليم والخدمات الصحية والاجتماعي­ــة، إلى بلد يتقاتل فيــه الناس حول رغيف الخبز ويهبط ســعر الليرة إلى مســتويات رهيبة، وبينما الطبقة السياسية مشغولة بتقسيم الكعكة الوزارية وحســابات الثلث المعطل، وليس بين كل هؤلاء السياسيين من يملك شجاعة الاعتراف بالمســؤول­ية عما يجري اليوم. هذا بالفعل هو ثمن الفوضى التي تتحمل الطبقة السياسية بمختلــف أطيافها كامل المســؤولي­ة عنهــا، فالأزمة كبيرة وهؤلاء أصغــر منها لأنهم لا يعرفون قيمــة لبنان ووضعه الخــاص كميــدان للتصالح والتســامح، وليــس كميدان للخــاف والتصارع. وآســفا أقــول: إن اللعب فــي لبنان أصبح اليوم على المكشوف، لأن تجار السياسة الذين كانوا يستحون في الماضي، ويغذون النزاعات الطائفية من وراء الســتار، أصبحوا اليــوم يجاهرون بالدعوات المكشــوفة لطلب الضمانات من قوى أجنبية وراء البحر لبعضهم، ومن قوى إقليمية عربية وغير عربية سندا للبعض الآخر".

تكريمات وألقاب

لا تنقطع منشــوراته­م على فيسبوك، ولا تخل صفحاتهم من تكريمات وألقاب وجوائز شــبه يومية، يشــاركون في أحــداث وهميــة، ويتحدثون عن شــخصيات لا وجود لها في الواقع، ليكون التكريم عبــارة عن صورة على الصفحة الرئيسية أو درع "افتراضي"، يواصل محمد أحمد طنطاوي كلامه في "اليوم الســابع"، وقد انتشــرت وتضخمت هذه الظاهرة وباتــت إدمانا لدى البعض، لدرجــة أنني أعرف شخصاً يحصل على تكريم كل 12 ساعة تقريباً، أي بمعدلات أكبــر من تنــاول حبــات دواء الضغط اليوميــة. الحقيقة التي اكتشــفتها أن العديد من أصحاب التكريمات الوهمية يستغلونها في أعمال نصب على المواطنين البسطاء، ورواد السوشــيال ميديا، وكل من ليس لهم خبرة في التعامل مع الوسط الصحافي والإعلامي، فالأمر ليس أكثر من مجموعة أخبار في مواقع مجهولــة، أو مدونات مغمورة تتحدث عن تكــريم فلان الفلاني من الأمم المتحــدة، أو أي منظمة تحمل اســما غريبا، وتوصيفا لا نعلم عنه شــيئا، وبذلك يصبح الضحيــة مؤهــا وجاهزا لعمليــة نصب كاملــة الأركان، فبعض هؤلاء اللصوص بارعون في إيهام زبائنهم بقدرتهم علــى توفير وظائف لهــم أو خلق فرص عمــل في المجالات الإعلامية، وفــي هذا الاتجاه مــا أكثر الكيانــات الوهمية والكارنيها­ت المضروبة والبطاقات المزيفة. بعض النصابين على السوشــيال ميديا يضعون لأنفســهم ألقابــاً علمية، ووظائف أكاديمية، وصفات تحتاج إلى عشــرات الأبحاث والدراســا­ت والجهود، حتــى يحصل الباحــث عليها، مع العلم أن بعضهم لم يســتكمل بعد مرحلة تعليمه الأساسي، وربما كل ما لديه من شــهادات أنه يجيد القراءة والكتابة، وهذا يشــكل خطورة كبيرة على المجتمــع، ويحط من قدر الشــهادات العلمية، ويصيب الباحثــن الذين يواصلون الليل بالنهار حتى يصلوا إلــى درجاتهم العلمية بالإحباط واليأس. عمليــات النصب والاحتيال موجودة في كل مكان فــي العالم، ولا ترتبط بما إذا كانــت الدولة فقيرة أم غنية، متقدمــة أم نامية، إلا أنهــا في مصر تأخذ أبعــاداً متعددة، خاصــة على وســائل التواصــل الاجتماعــ­ي، حيث بات الفضاء الأزرق يضج بالمناصب والألقاب الوهمية، ويحاول أصحابها إكســاب أنفســهم صفات ووظائف لا أساس لها ولا قيمة، ولا تعبر إلا عن ضحالتهم وشــعورهم بالدونية، وعدم القدرة علــى اقتحام مجالات العمل الحقيقية، ليظلوا فقط على الواقــع الافتراضي، والفضــاء الإلكتروني. على كل رواد السوشــيال ميديا بمختلف منصاتهــا أن يتفهموا محاولات النصــب التي تتم، وادعاءات البعض بشــغلهم وظائف معينة، أو أدوار معينة أو تكريمات معينة لا أســاس لها في الواقع، خاصة أن بعض البسطاء تنطلي عليهم مثل هذه الألاعيب، ويقعون في شرك النصب والاحتيال، وعلى الجهات المعنية أن تراجع وتحاسب منتحلي الصفة، خاصة أن هؤلاء يشكلون خطورة مباشرة على المجتمع، ويلعبون دوراً محورياً في أغلب عمليات النصب.

فيليب وأخرون

مات الأمير فيليب زوج الملكــة إليزابيث، مؤخرا عن عمر 99 عاما. عاش الرجل الذي اهتــم بحاله مصطفى عبيد في "الوفد" طويلا كشجرة صنوبر. وكم من بشر عاشوا كثيرا، ولم يحيوا، بينما رحل آخرون صغارا بعد أن عاشــوا عملا وقولا وفكرا! ليــس المهم أن تموت في التســعين، لكن المهم ما تفعلــه في عمرك أيا ما كان. ما تنتجــه، وما تُنجزه، وما تتعلمه، ومــا تُعلمه للآخريــن. ما تتركه لغيــرك من ذكر، فكر، علم، تقديــر مُجتمعي، وخير ممتد. إن الحياة الرتيبة، التقليديــ­ة، المعتــادة، المتكررة، تمر علــى أصحابها كبضع ســاعات. أما الحياة المتجددة، المتغيــرة، متعددة المعارف والعلــوم والمواقف، فتشــعر صاحبها بأنــه عاش طويلا طويلا. وليس أدل على ذلك من أن الشــاعر التشيل العظيم بابلو نيرودا عاش ســبعا وســتين عاما وهو عمر قريب من متوسط الإنسان في بلده، لكنه كتب مذكراته معنونا إياها بـ"أشهد أني عشت». كذلك فإن الفنان الكبير يوسف وهبي سمى سيرته «عشــت ألف عام»، رغم أن عمره امتد لأربعة وثمانين عاما فقط.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom