Al-Quds Al-Arabi

عقيل عبد الحسين

-

ليدافعــوا به عن طروحاتهم بشــأن إحياء الشــخصية العربيــة القومية فــي الأدب والشعر والحياة، وليردوا على مخالفيهم. وهذه الآليات وغيرها، كلهــا، تؤكد، مثلما يرى كتاب «الأمة والشــعر» فاعلية السياق في خلق زمنية تتسم بالثبات وتتعإلى على التاريخي والمتغير، تســتخدم شأنها شأن منظومة الفكر القومي التي جاءت منها، في تفسير الأدب والمجتمع والحياة، وفي ابتكار هُوية مُصطنَعة، صلبة، يــراد لها أن تكون قادرة على مواجهــات الاختلافات الفردية والعرقيــة والفكرية والدينيــة والمذهبية فــي الداخل، وعلــى مواجهــة الاختلافات الأيديولوج­ية والسياسية في الخارج.

يظل المهم في كتاب «الأمة والشعر » طبيعة المقاربة؛ فهي مقاربة منهجية تتجه إلى شكل النقد وطريقة تشــكله، تلــك التي تخفي ما تخفي من تسييس للأدب، قديمه وحديثه، وللتاريخ، ومــن طمس للقدرة الفردية على التفكيــر والابتكار، ومن تذويب للإنســان في الأيديولوج­ي الجمعــي. وأخطر ما فيها أنها تتســلل إلينا عبر خطابــات لا نتوقع تســللها منها، مثل النقد، وعبر مؤسســات التعليم، وعبــر الممارســا­ت البيداغوجي­ة المختلفة، مثل إلقــاء المحاضرات والندوات والمؤتمــر­ات. والأخطر أنها مــا زالت تعمل بفاعلية، وإن تغيــرت مضامينها؛ فطبيعة الخطابات أنهــا لا تغير آلياتها بســهولة، وتكتفي بتغييــر موضوعاتهــ­ا. وآية ذلك أننــا ما زلنــا نتبع فــي جامعاتنا أشــكال تاريــخ الأدب التقليدية بآلياتهــا العتيقة كالتعليــل والحجــاج والمشــابه­ة، مكتفين بتغيير الأســماء والموضوعــ­ات، مركزين على إبقاء تبعية الإنســاني للأيديولوج­ي، وعلــى تعطيل العقــل والفعــل، النقديين، لصالح الأيديولوج­يا وممارساتها الخاطئة، سياســياً وإنســانياً؛ لأننا، بعدُ، لم نغادر، فعلياً، عصر الأيديولوج­يا والتحزب.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom