Al-Quds Al-Arabi

اللبنانيون يستقبلون أصعب رمضان في تاريخهم مع استمرار التراجع الاقتصادي وتصاعد الغلاء

-

■ بيــروت - الأناضــول: يســتعد اللبنانيون لاســتقبال شــهر رمضــان، لكن الظــروف الاقتصادية والمعيشــي­ة الصعبة واســتمرار جائحــة كورونــا، قــد تجعــل رمضــان هــذا العــام الأصعــب علــى مــرّ السنوات في لبنان.

وقُبيل حلول شــهر رمضان عادة، تنشط حركة الناس في الشــوارع، فعلى الرغم من غلاء أســعار الســلع بشــكل كبيــر، يُحاول البعض ألا يحرم نفسه فرحة حلول الشهر، سواء بشراء الزينة أو المواد الغذائية.موميا

ويعانــي لبنــان منذ أكثــر من عــام أزمة اقتصادية، هي الأســوأ منــذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، أدت إلى تراجع قياســي فــي قيمــة العملة الوطنيــة مقابــل الدولار، وانهيار القدرة الشــرائية لمعظــم المواطنين، وزيادة معدلات الفقر.

وبخلاف الســنوات الماضيــة، فإن بلدية بيــروت لم تُزيّــن شــوارع العاصمة وكذلك العديد من المناطق الأخرى، في ظل تقشــف مالي قاسٍ فرضته الأزمة الاقتصادية.

ويعتبر الهبوط المريع لقيمة العملة المحلية )الليرة( النتيجة الأبرز للأزمة الاقتصادية/ السياسية التي يواجهها لبنان. فبينما يبلغ سعر الصرف الرســمي 1510 ليرات مقابل الــدولار، فإن الســعر فــي الســوق الموازية )الســوداء( يبلغ حاليا في المتوسط 12800 ليرة، بل أنه لامــس لوقت غير طويل 15000 ليرة.

وكمــا هــي العــادة فــي كل البلــدان الإســامية يهتم المسلمون في لبنان بتزيين موائــد إفطارهــم بأنواع عدة مــن المأكولات والحلويات، لكن الظروف المعيشية الصعبة والتي أبرز مظاهرها الغلاء تحد بشكل كبير من تلك العادة.

وقــال الشــيخ حســن مرعــب، المفتــش العام المســاعد لدار الفتوى في الجمهورية، أن «رمضــان هــذا العــام فيــه غصّــة نابعة عــن جائحــة كورونــا مــن جهــة، والوضع الاقتصادي الســيء الذي أصاب المواطنين مــن جهــة أخــرى». وأضــاف «نســمع أن البعض لم يتذوق اللحوم منذ عيد الأضحى الأخيــر، أي قبــل 8 أشــهر» وتابــع القــول «بعدمــا كانــت النــاس تهتم بتزيــن موائد إفطارها أصبح الهم الأساس تأمين الطعام أي طعام».

وقال أيضاً «كنا في الســابق نهتم بزينة المســجد لاســتقبال شــهر رمضان المبارك، لكــن أصبــح كل همنــا الآن كيــف يمكن أن نؤمّن الأكل والشــرب للناس التي أصحبت في مرحلة الجوع». وأضــاف «هدفنا أمس هــو تأمــن حاجيــات النــاس الضروريــة والأساســي­ة فــي حياتهــم، وحفظهــم مــن جائحة كورونا مــن خلال التباعد والكمامة أيضاً، هذه هي اســتعدادا­تنا لشهر رمضان المبارك».

ووفــق الأمم المتحــدة، فإن معــدل الفقر ارتفــع في لبنان عــام 2020 ليشــمل 55 في

لبنانيون ينتظرون دورهم لاستلام معونات غذائية من إحدى المؤسسات الخيرية في بيروت المئــة من الســكان، بينمــا تزايد عــدد الذين يعانون الفقــر المدقع ثلاثــة أضعاف، من 8 في المئــة إلى 23 فــي المئة. وهــذه أرقام من الُمرجَّح ارتفاعها مع استمرار تصاعد الأزمة الاقتصادية. وفــي 23 مارس/آذار الماضي، حــذرت منظمــة الأغذيــة والزراعــة لــأمم المتحدة «فاو» مــن انعدام الأمن الغذائي في لبنان، منبّهةً من ســير البــاد نحو مزيد من الفقر والجوع.

ويقول أحمــد حمامي رمضان )30 عاماً( أن رمضان هــذا العام مختلف عن الســابق كثيــراً، ويضيــف «مثــاً كنا نشــتري كيلو الســكر بـــ3 آلاف ليــرة )1.98 دولار وفــق السعر الرسمي( أما أمس فيصل سعره إلى 12 ألــف ليــرة )7.95 دولار( وكذلــك الحال بالنسبة لأسعار كافة المواد الغذائية».

ويتســاءل «كيــف ســيتمكن المواطن من تأمين إفطاره؟.. للأســف لاحظت أن بعض المواطنــن تمنّوا أن يتأخر رمضان قليلاً هذا العام، لأن وضعهم المعيشي تعيس جداً».

وتقول السيدة الأربعينية أم فؤاد أن «هذا أصعب شهر رمضان قد يمر علينا. نحن في الأساس نواجه صعوبات في تأمين الطعام وشــراء الســلع، ولا تصلنا مســاعدات من أحد». وبالإضافة إلــى المعاناة الاقتصادية وجائحة كورونا، شكل انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 أغسطس/آب 2020، ضربة إضافيــة للبنانيــن حيث أســفر عن مصرع نحو 200 شــخص، وإصابة 6 آلاف آخرين، فضلا عن دمار مادي هائل وخســائر تقدر بالمليارات.

ووســط كل تلــك المعانــاة، مــا تــزال الخلافات السياســية تحول دون تشــكيل حكومــة لتحــل محــل حكومــة تصريــف الأعمــال الراهنة، برئاســة حســان دياب، التــي اســتقالت بعد 6 أيــام مــن الانفجار، في بلد تتصــارع فيه مصالــح دول إقليمية وغربية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom