Al-Quds Al-Arabi

السودان: رفع قيمة الدولار الجمركي مقابل الجنيه يزيد ضغوط التضخم

-

■ الخرطوم - الأناضول: يستقبل الســوداني­ون شهر رمضان في ظــل ظروف معيشــية أكثر تعقيــداً من العــام الفائت، بفعل قيام الحكومة بإصلاحات اقتصاديــة من بينها زيادة قيمة الدولار الجمركي وتعويم جزئي للعملة المحلية، أديا لتصاعد أسعار السلع الاستهلاكي­ة.

ففي مارس/آذار الماضي، أعلنت الحكومــة الانتقالية عن زيادة ســعر الدولار الجمركي من 15 جنيهاً إلى 20، بنســبة 33 في المئة. كما تراجع ســعر صرف العملة المحلية مــن 55 جنيه لكل دولار إلى متوسط 380 حالياً.

وتعني زياد سعر الدولار الجمركي أن المستورد سيدفع جنيهات أكثر مقابل كل دولار من الرسوم المفروضة على السلع المستوردة.

والــدولار الجمركــي خاص بالرســوم الجمركية على الســلع الــواردة من الخارج، وتفرضه الســلطات بهذا الســعر الذي يقل عن ســعر صرفه للجمهور حتى لا تتأثر أســعار السلع للمستهلك النهائي.

وجــاءت زيادة ســعر الــدولار الجمركي عقب تقريــر أصدره «صندوق النقــد الدولي» بخصوص الســودان الشــهر الماضي، وأوصى فيه بضرورة إجراء إصلاح في قيمة الدولار الجمركي بعد تبني السودان لسياسة التعويم الجزئي للجنيه.

وجاء في التقرير أنه «يجب على الســلطات السودانية أن تنفذ إصلاح الدولار الجمركي في إطار زمني معقــول لزيادة الإيرادات والقدرة التنافسية .»

وفــي الأول من أبريل/نيســان الجاري، طبقــت هيئة الجمارك زيادة أخرى على قيمة الدولار الجمركي بنسبة 40 في المئة ليصبح 28 جنيهاً بدلاً عن 20.

ومنذ نهايــة العام الماضي، بدأ الســودان فــي تنفيذ إجراءات إصلاحيــة لاقتصاده بعد توقيــع اتفاق حول برنامــج مراقبة مع «صندوق النقد الدولي» في يونيو/حزيران الماضي.

ويتضمــن برنامج المراقبة الشــروط التي وضعهــا الصندوق على الحكومة وآلية لتقييم مــدى تطبيقها بعد عام، للحصول على تسهيلات مالية وقروض من الصندوق تزيد عن مليار دولار.

واشترط الصندوق على الخرطوم الإقرار بجملة من الإصلاحات من أهمها رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء وتوحيد سعر الصرف في جميع المنافذ.

وفي فبراير/شــباط الماضــي، أعلن البنك المركزي الســوداني توحيد ســعر صرف الجنيه، في إطار تعويم جزئــي أمام الدولار والنقد الأجنبي، في محاولة للقضــاء على الاختلالات الاقتصادية والنقدية. وخفض المركزي السوداني السعر التأشيري للجنيه من 55 جنيهاً للدولار إلى 375 جنيهاً في أول أيام القرار وبعد نحو أكثر من شهر من التطبيق استقر سعر الصرف عند متوسط 380 جنيهاً.

إلا أن التعــويم الجزئــي للجنيه الســوداني لم يشــمل حينها زيادة الدولار الجمركي الذي خضع لدراســة من قبل وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي لمعالجته، وفقا لحديث ســابق لوزير المالية السوداني جبريل إبراهيم.

ورغم أن الحكومة لم تكن تملك خياراً آخر، إلا أن قرار رفع ســعر الدولار الجمركي أثار الكثير من الانتقادات.

فقد قال التجاني حسين، عضو اللجنة الاقتصادية في تكتل «قوى الحرية والتغيير» أن الأوضاع المعيشية للمواطن السوداني تأثرت ســلباً بالسياســا­ت الاقتصادية التي تطبقها الحكومة الانتقالية. ورأى أن زيادة الدولار الجمركي والاتجاه لتحريره خطوة سيكون لها تأثير ســلبي كبير على الإنتاج وعلى أسعار جميع السلع سواء كانت المستوردة أو المنتجة محلياً.

وأشار إلى أن أي ارتفاع في ســعر أي جزء من مدخلات الإنتاج سيقود تلقائيا إلى زيادة التضخم وارتفاع جميع أسعار السلع.

وسجل التضخم السنوي في فبراير/شباط الماضي 331 في المئة مقابل 304 في المئة في يناير/كانون ثاني الســابق له، وهي واحدة

من أعلى نسب التضخم في العالم.

وقــال حســن أن المواطن الســوداني في هــذه المرحلة يعاني من تضخم كبير ومن تردي الأوضاع المعيشــية نتاج للسياســات الخاطئة التي تم إتباعها من قبل الطاقم المســيطر على الاقتصاد في البلاد.

وجــدد رفض اللجنــة الاقتصادية لـ»قوى الحريــة والتغيير» لخطوة تحرير الدولار الجمركي، لما له من آثار ســلبية على الإنتاج وعلى حياة الناس. وأوضح أن إصلاح الاقتصاد السوداني لن يتم إلا بحشد الموارد الداخلية من أجل تطوير الاقتصاد الوطني.

مــن جهته، برر الصادق حــاج علي، عضو اللجنة التيســيري­ة لاتحــاد أصحاب العمل، لجوء الدولة لرفــع قيمة الدولار الجمركي بالحاجة إلى زيادة إيراداتهــ­ا العامة من الضرائب والجمارك التي وصفها بالمتدنية جدا.

وأوضح أن مســاهمة إيرادات الضرائب والجمــارك لا تتجاوز 5 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي بالبلاد، وهي نســبة ضعيفة مقارنة مع بقية الدول الافريقية.

وأشار إلى أن ضعف مساهمة إيرادات الجمارك في الناتج المحلي الإجمالي ينعكس ســلبا علــى أداء الحكومة في مشــاريع التنمية والبنى التحتية والخدمات.

وتابــع قائــلًا «الرؤية العامة تحتــم على الحكومــة الانتقالية السعي لزيادة مواردها، حتى تنعكس إيجابا على المشاريع المقدمة للمواطــن». إلا أنــه أكد في الوقت نفســه ضــرورة أن تكون هذه الزيادة في إطار منظم، ومن خلال إصلاح هيكلي كامل في المنظومة.

وكشــف أن زيادة الــدولار الجمركي خلال شــهرين بنحو 86 فــي المئة يعني أن كل الســلع الــواردة إلى داخل البــاد ارتفعت بتلك النســبة، إلا أنه وصف هذه الزيادة بالمحــدود­ة، باعتبار أن سعر الدولار الجـــمركي كان متدنٍ جدا مقارنة بأســـعار الـدولار الرسمـية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom