Al-Quds Al-Arabi

باحث: استقرار العراق في حاجة إلى استثمارات قطاع الأعمال الأمريكي

-

■ واشنطن - د ب ا: هناك مناطق في العراق تبــدل حالها كثيــرا عما كانت عليــه منذ حوالي 17 عاماً، ومن أبرزها مدينــة الرمادي، التي تقع غــرب العاصمة بغداد وتبعــد عنها بحوالي 108 كيلومترات، وهي مركز محافظة الأنبار

ويقول مايكل روبين الباحــث المقيم في معهد «أمِريكان انتربرايز» في تقرير له نشــرته مجلة «ناشونال انتريست» عن زيارته الأخيرة لمدينة الرمادي إنــه منذ 17 عامــاً كان الطريــق إليها من مدينة أبوغريــب في محافظة بغــداد مرورا بالفلوجة من بين أخطر الطرق في العراق.

ويضيف، بعد أن اســتعرض الأحداث الدامية التي شــهدها هذا الطريق، أن الفلوجة والرمادي أصبحتــا الآن مدينتين مختلفتين تمامــًا تقريباً. فالطرق التي تربط بينهمــا هي من أفضل الطرق في العراق، والاهتمــا­م بمظهرهما واضح للغاية. وفي كل يوم تظهر شركات جديدة. وقام السكان بإعــادة بناء مســاكنهم . وازدهــرت الجامعات المحلية، ويتباهى ســكان الرمــادي بأن مدينتهم سوف تشهد في القريب العاجل أول فنادق خمس نجوم في العراق.

ويعتــرف العراقيون من خــارج المنطقة بأن

محافظــة الأنبــار هي المنطقــة الأكثر أمنــاً بعد كردستان العراق وأنها تتقدم سريعاً.

ويتفاخر ســكان الأنبار -وهــم محقون في ذلــك- بأنهم حققــوا نهضتهم بقــدر ضئيل من المساعدة الخارجية. فالحكومة العراقية ما زالت مقيــدة ببيروقراطي­تها وعجزهــا وافتقارها إلى المال.

ويرجــع الكثيــر فــي الأنبــار الفضــل فيما حققــوه لمحافظهم على فرحــان الدليمي، ونخب شــيوخ القبائل ورجال الأعمــال لتعاونهم فيما بينهــم وتحقيق ما لم تســتطع أو لن تســتطيع بغداد تحقيقــه. وهذا دليل آخر علــى أن الحكم والاستثمار المحليين وأفراد المجتمع أمر مهم.

وفــي الوقــت الــذي تســطع فيــه الرمادي والفلوجة، ما زال جزء كبير مــن الموصل مُهدماً، وتم إلقــاء القبض على محافظها الســابق العام الماضي لدوره في مخطط فساد واختلاس بقيمة ملايين الدولارات.

ويضيف روبين أن الرمادي تُظهر ما هو ممكن في العراق. ففي الوقت الذي ســاهم فيه مواطنو المدينة في إحيائها، يحقق المســتثمر­ون الأجانب في العــراق غالباً أرباحاً كبيرة. فمواطنو العراق

شــباب، إذ أن أكثــر من 40 في المئة من الســكان ولــدوا بعد حــرب 2003، والســوق في حـــالة توسـع.

ويقــول أيضاً أنه بعــد لقائه بعــدد كبير من الأكاديميي­ن وشــيوخ القبائل والسياســي­ين في الرمادي اتفقوا جميعاً على شيء واحد «وهو أنه حان الوقت لأن تغير الولايات المتحدة مســارها في يتعلق بتخصيص المســاعدا­ت، وأن عليها أن تعطي الأولوية لقطاع الأعمال، وهم مصيبون في رأيهم إذا أن المساعدات الأمريكية يتم استهلاكها، فهي تشجع على الفساد وتحد من مساءلة الحكم المحلي، لكن اســتثمار القطــاع الخاص مختلف. فهو يبقــى لفترة أطــول، ويفيد عــددا أكبر من الأشخاص، ويوفر الحوافز للاســتقرا­ر المحلي، ويعزز المشاركة الدولية الســلمية. وبينما يقوم الرؤســاء ووزراء الخارجيــة الأمريكيون بملء طائراتهم بالصحافيين والمساعدين المرافقين، يملأ الرؤساء الآخرون طائراتهم برجال الأعمال.»

وقال روبين أن إدارة بايدن متباطئة في انتهاز الفرصة، وأن مستشــار الأمــن القومي الأمريكي الحالي جيك ســوليفان كتب مقــالا أثناء الحملة الرئاسية قال فيه أن الدبلوماسي­ة يمكن أن تنجح

فيما فشلت فيه القوة العسكرية».

غيــر أن روبــن يــرى أن رأي المستشــار للاستهلاك المحلي بدرجة كبيرة. فالأمر لا يقتصر على الدبلوماسي­ة والقوة العسكرية، لأنه تجاهل أهم قوة لأمريكا وهي» القطاع الخاص».

ويشــير إلــى أن الولايات المتحــدة والعراق أصدرا في السابع من الشهر الحالي بياناً مشتركاً بعد مناقشــات حــول حوارهما الأســترات­يجي الثنائــي. ورغــم أن وزير الخارجيــة الأمريكي أنتوني بليكن ونظيره العراقي فؤاد حســن أكدا على» الشــراكة الاقتصادية القوية بين الدولتين، فإنهما لم يقدما أي تفاصيل بخلاف تسهيل نظام التأشــيرا­ت بالنســبة للعراق» لتعزيز التجارة والاستثمار الدوليين».

واختتم روبــن تقريره بالقول إنــه إذا كان بلينكن وســوليفان يريدان فعــا إظهار نموذج جديد للدبلوماسي­ة الأمريكية، فإنه يتعين عليهما تجاوز البيانات الرســمية وتشــجيع الاستثمار الجاد في العراق وفقا لطاقة كل محافظة عراقية. ويمكن لمؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية المســاعدة في الحــد من الخطر بالنســبة لقطاع الأعمال الأمريكي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom