Al-Quds Al-Arabi

الشرطة في خدمة «التمييز»: الجزرة لزعران المستوطنين وصناع الجريمة والعصا للقضاة وأعضاء الكنيست اليساريين

- عودة بشارات

■ يعدّ هجوم الشرطة الوحشي على عضو الكنيست عوفر كسيف، الجمعة الماضي، في حي الشيخ جراح بالقدس، رسالة شديدة للجميع: حتى لو كنت يهودياً، أي سيد البلاد، وحتى لو كنت عضو كنيست، أي من منتخبي الشــعب، فليــس لك حصانة من عنف الشــرطة في وقت الحقيقة. قال الممثل المصري عادل إمام في إحدى مسرحياته، لشخص آخر تم ضربه من قبل الســجان في غرفة الاعتقال: «ســلومة الأصلع )الســجان( لا يعرف أخاه هناك». نعم، أمام منزل رئيس الحكومة في شــارع بلفور، تم ضــرب واعتقال جنرالات. لا توجــد حكمة هنا؛ أيها اليهود الديمقراطي­ون، لقد تم تحذيركم.

تتجه الأنظار الآن نحو قســم التحقيقات مع رجال الشرطة، ربما ســيفحصون ما حدث في الشــيخ جراح ويزيلون الأعشاب الضارة من الحقــل اليانع. هكذا تتحملون الخطأ؛ لأن هذا المكان الذي يســمى الشــرطة كان خصص من البداية لتنمية أعشــاب ضــارة. وإذا نمت أعشــاب جيدة بالخطأ وصمــدت رغم هياج قــوة الزعرنة هذه، فمن الجدير الإبلاغ عنها كي لا تُخرب الأعشاب الضارة وتحرفها عن طريق الشر.

الجمعة الماضي، أدركنا قوة التعليم الشــرطي عندما شاهدنا ذراع الشرطي طويل القامة وهي توشــك على ضرب رأس عضو الكنيست، وبرز شــرر العنف في العيون. يكفي النظر إلى هذه الصورة لنستنتج أن على شــرطة إســرائيل أن تحل على الفور، ويحل محلها مؤسسة شرطية تحمي المواطنين وتوفر الحماية لمن يحتاجها.

يوجــد هنا، مع ذلــك، مكان لاســتثناء واحد: إن لشــبيبة التلال )للدقة، زعران التلال( في المناطق المحتلة، شــرطة محبة ومحتضنة، تُعد من أجلهم مجال عمل للهجمات على العرب وعلى يســاريين يهود. ولكل شاب من شــبيبة التلال حصانة من عنف الشرطة أكثر من عضو الكنيست أو من قاض في المحكمة العليا أو من بروفيسور في الجامعة، كل واحد على حدة وجميعهم معاً. هل شــاهدتم الهجوم الوحشي في

غور الأردن على اليساري اريك اشرمان، الذي تم ضربه بالعصا بشدة مــرة تلو الأخرى على أيدي أحد الزعران؟ هــل تم اعتقال هذا الأزعر؟ وإذا كان قد اعتقل، فهل قدمت ضده لائحة اتهام؟

الشــرطة تعاني من انفصام في الشخصية بشكل متعمد؛ كل موقع له طريقة تعامل شــرطية. ولكن كل طــرق التعامل هذه جاءت لخدمة هــدف واحد، وهو سياســة رئيــس الحكومة نتنياهــو ووزير الأمن الداخلي أمير أوحانــا. وهاكم: العنف في بلفور جــاء لقمع معارضي نتنياهو، والعنف الذي حدث في الشــيخ جــراح كان لقمع الاحتجاج ضد الســيطرة على بيوت العرب، والعنف فــي أم الفحم من أجل قمع المظاهرات ضــد الجريمة الآخذة في العربدة في الشــارع العربي. في المقابل، انظروا، للدهشــة، أمام المشــاغبي­ن في المناطق المحتلة وأمام المجرمين في الوسط العربي – الشرطة مؤدبة جداً، وربما أيضاً مؤيدة، كما تعرفون.

هــا هو وبالصدفة، في الوقت الذي نــروي فيه هذه القصة، أي في نهاية الأســبوع الماضي التي هوجم فيها كســيف، قتل ثلاثة مواطنين عرب في دير الأسد وأبطن، وإضافة إلى ذلك كان هناك أربعة مصابين. أجواء من الخوف تســود الآن في المجتمع العربي. لو تم توجيه الحزم بكسر رأس عضو الكنيســت «كســيف» إلى أمور أخرى مثل محاربة ظاهرة الســاح غير القانوني ومكافحة منظمات الجريمة، لربما كان هؤلاء الثلاثة ما زالوا معنا بين الأحياء.

قال الشــاعر العربي: «رب أخ لك لم تلده أمك». عندما أشاهد عضو الكنيســت كســيف يتعرض لضرب من الشــرطة وقد جاء للتضامن مع إخوانه الفلســطين­يين الذين طردوا من بيوتهم؛ وعندما أشــاهد اريك اشرمان يضرب بشــدة على يد أزعر من زعران التلال؛ لأنه جاء لمساعدة الفلســطين­يين الذين يهاجمهم الجيش والمستوطنو­ن؛ عندما أشــاهدهم أقول بيني وبين نفســي: «مع ذلك، مــا زال هناك خير في العالم. وهذا الخير الذي يعاني أصحابه من هجمات القوات الظلامية، سينتصر في نهاية المطاف. لأنه لا يوجد أي خيار للخير إلا أن ينتصر».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom