Al-Quds Al-Arabi

بايدن: حان وقت إنهاء أطول حرب أمريكية ... وطالبان تحثه على الالتزام باتفاق الدوحة حول أفغانستان

- لندن - «القدس العربي»- ووكالات:

جــددت حركــة طالبان دعوتها لســحب جميــع القوات الأجنبية من أفغانســتا­ن في الأول من أيار/ مايو المقبل، وهو الموعد المحدد في ما يطلق عليه اســم "اتفــاق الدوحة" الذي أبرمته الحركة مع الولايات المتحدة العام الماضي.

وكتب متحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد في تغريدة له على "تويتر": "تطلب إمارة أفغانســتا­ن الإسلامية سحب جميع القوات الأجنبية من وطننا في التاريخ المحدد في اتفاق الدوحة". وأضــاف: "إذا تم انتهاك الاتفاق وفشــلت القوات الأجنبية في الخروج من البلاد فــي الموعد المحدد، من المؤكد أن تتعقد المشــكلات، وهؤلاء الذين لم يمتثلوا للاتفاق سيتم تحميلهم المســؤولي­ة". وتابع إذا تم الالتزام بالاتفاق، فسيتم إيجاد "مسار لمعالجة القضايا المتبقية".

وقال بايــدن في خطاب إنه "حان الوقــت لعودة القوات الأمريكية إلى أرض الوطن" من أفغانســتا­ن، متطلعا إلى طي صفحــة تدخل بلاده عســكريا هناك منذ 20 عامــا، حتى مع تحذير منتقدين من أن السلام ليس مؤكدا.

وتابع: "ذهبنا لأفغانســت­ان بســبب الهجوم المروع الذي وقــع قبل 20 عاما، لكن هذا لا يمكن أن يفســر لمــاذا يجب أن نظل هناك في 2021". وبالانســح­اب دون إعلان النصر تفتح الولايات المتحــدة الباب أمــام انتقادات بــأن تلك الخطوة اعتراف فعلي بالفشــل. وتابع بايدن: "أنــا الآن رابع رئيس أمريكي يشــهد وجودا للقــوات الأمريكية في أفغانســتا­ن. جمهوريــان وديمقراطيا­ن... لــن أنقل هذه المســؤولي­ة إلى خامس"، مؤكــداً أنه "حان الوقت لإنهاء أطول حرب أمريكية. حان الوقت لعودة القوات الأمريكية إلى أرض الوطن".

وأعلن الرئيس الافغاني أشــرف غنــي أنه بحث الاربعاء مع بايدن الانســحاب الكامل، مؤكدا أنه "يحترم" هذا القرار. وكتب غني على تويتر بعد المحادثــة الهاتفية أن قوات الأمن الأفغانية "قادرة تماما على الدفاع عن شــعبها وبلادها، الأمر الذي تقوم به منذ البداية"، مضيفاً: "ســنعمل مع شــركائنا الأمريكيين على ضمان انتقال سلس".

■ أكدت عدة صحف أمريكية، منها «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» أن الرئيس جو بايدن علــى أهبة إعــان إنهــاء «أطول حــرب خاضتها القــوات الأمريكيــ­ة فــي التاريخ» مؤذنا بســحب كامل القــوات الأمريكيــ­ة من أفغانســتا­ن، ورغم وعد ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف الناتو، بعــدم المغــادرة «قبــل أن يحين الوقت المناســب» فالأغلب أن قوات الحلف لن تستطيع البقاء بدون القوة الجوية الأمريكية وغيرها من أشكال الدعم.

اختارت إدارة بايدن للانسحاب يوم 11 أيلول/ ســبتمبر 2021، وهــو موعــد شــديد الأهمية في رمزيّته السياسية، فالعمليات الحربيّة الأمريكية كانــت ردّا مــن أقوى دولة في العالــم على هجوم تنظيــم «القاعــدة» في اليوم نفســه قبل عشــرين عاما، ولم يستغرق قرار الهجوم على أفغانستان وتجميــع تحالف دوليّ مشــارك فيــه أكثر من 15

يوما.

بــدا أن الهجــوم الأمريكــي أدى المطلــوب منه فقد أطاح بســلطة حركة «طالبان» (التي لم تقبل التخلّي عن حليفها أســامة بن لادن المســؤول عن هجــوم البرجــن والبنتاغــ­ون بخطــف طائــرات مدنيــة( وتطلّب ذلك تدمير البنــى التحتية للبلاد، وافتتــح مسلســا لا ينتهي مــن العنــف والدمار والقتل أودى بحيوات مئات آلاف الأفغانيين، من جهة، وكذلك إلى إنفاق واشــنطن مئات مليارات الــدولارا­ت وخســارة آلاف الجنــود، مــن جهــة أخرى.

اكتشــف الأمريكيــ­ون، متأخريــن، ان الإطاحة بطالبان لم تنه الحرب، ولم تؤد إلى اســتقرار في أفغانســتا­ن، ولم تنتج ســلطة قــادرة على إعادة الأمن والســام والتنمية لمواطنيها، والأســوأ من ذلــك، أنهم مضطرون للتفــاوض مع طالبان، وقد

بــدأت المباحثــا­ت خلال حكــم الرئيس الســابق دونالــد ترامب، الذي أنجز «اتفاق ســام» معهم فــي شــباط/فبراير 2020، التزمــت إدارتــه فيــه بتقليص القوات والانســحا­ب مــن البلاد بحلول الأول مــن أيار/مايو مــن ذاك العام، مقابل التزام طالبــان بالانفصــا­ل عــن «القاعــدة» ومناقشــة تسوية مع الحكومة الأفغانية في كابول.

أظهــر الاتفــاق انقــاب مســار الأمــور، فالانســحا­ب الأمريكــي ســيبدأ فعــا بــدءا مــن أيّار/مايــو وسيســتكمل نهائيــا فــي 11 أيلول/ ســبتمبر، وحكومــة أشــرف غنــي، رئيــس أفغانســتا­ن، أطلقــت خمســة آلاف من ســجناء الحركــة العــام الماضــي، لكــن طالبــان لا تبــدو مرحبّــة، وطالــب متحــدث باســمها، «بســحب جميــع القــوات الأجنبية مــن وطننا فــي التاريخ المحــدد في اتفــاق الدوحة». وهــو الأول من أيار.

في المقابل، وحسب الاتفاق تعهدت طالبان بقطع العلاقات مــع القاعــدة والجماعــا­ت «الإرهابية» الأخــرى والدخــول فــي محادثــات ســام بــن الأفغان، غير أن هذه المحادثات تعثرت.

ترجّــح مصادر سياســية عديــدة أن الحكومة الأفغانيــ­ة الحاليــة لــن تصمــد طويلا، وحســب «نيويــورك تايمــز» فــإن وكالات المخابــرا­ت الأمريكيــ­ة أبلغــت بايــدن أن حركــة طالبــان قد تجتاح معظم أفغانســتا­ن خــال عامين إلى ثلاثة أعوام، إذا انسحبت القوات الأمريكية قبل توصل أطراف الحرب إلى اتفاق لتقاسم السلطة.

وبما أن هذا هو الســيناري­و الأكثر احتمالا، فما هــي الخلاصــة التاريخية الممكن اســتنتاجه­ا من الاجتيــاح الأمريكي غير شــن حــرب انتقاميّة ثم الانســحاب منها بعد تدمير بلد بأكمله وتعريض شعبه للعقاب على مدى عقدين؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom