Al-Quds Al-Arabi

الأكراد يستذكرون عمليات الأنفال وسط دعوات لاعتبارها «إبادة جماعية»

الكاظمي يرفض سياسات التمييز والإقصاء... وبارزاني يطلب تعويضاً مادياً من بغداد

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

استذكر المسؤولون الأكراد في شمال العراق، ونظراؤهم في الحكومــة الاتحادية في بغداد، أمــس الاربعاء، الذكرى الـ33 لـ«جريمــة الأنفال» التــي راح ضحيتهــا الآلاف من المواطنين الأكراد، عقب إقدام قوات النظام الســابق بقصف مدن وقــرى كردية بالســاح الكيميائي، إبــان ثمانينيات القرن الماضي، وســط مطالبات تتجدد في كل عام بتعويض الضحايا.

وارتكبــت عمليات الأنفال، التــي راح ضحيتها 182 ألفاً، على ثماني مراحل، بدأت في 12 آذار/ مارس 1986 واستمرت حتى 7 حزيران/ يونيو 1989 حيث طالت أكثر من 4500 قرية و30 ناحية. وحتى الآن عثــر على رفات 2672 من الضحايا، فيما لم يتم إخراج رفات 98.5 ٪منهم.

وتضــم محافظتــا المثنى والأنبــار أكبر عدد مــن المقابر الجماعية للأكراد، كما حددت حكومة إقليم كردستان يوم 14 نيسان/ أبريل من كل عام، يوماً لإحياء ذكرى الأنفال.

وأكد رئيس مجلس الوزراء الاتحادي، مصطفى الكاظمي، أن النهج الديمقراطي والإصلاحي والتعايش الســلمي هو السبيل لعراق مشرق يسوده السلام والمحبة والتسامح.

وزاد، في بيان صحافي أمس، أن «تمر اليوم الذكرى )33) لبدء حملات جريمــة الأنفال التي ارتكبها النظام الســابق بحق شــعبنا الكردي، والتي أودت بسقوط عشرات الآلاف من الضحايا وتغييب أعداد كبيرة منهم في سجونه المظلمة، وتدميره لمئات القرى الكردية وتشــريد أهلهــا، في فاجعة أليمة يندى لها جبين الإنسانية».

وأضاف: «إذ نســتذكر بألم وحزن هذه المناسبة الأليمة، نقف بإجلال وإكبار لشــهداء وضحايا هــذه الجريمة، وإن استذكارها سنويا، إنما هو دافع لكل الحكومات بالعمل الجاد دون عودة الدكتاتوري­ة بأي شكل من أشكالها، ورفض كل ما من شأنه أن يحيي سياسات التمييز الإقصاء والتهميش».

وحدة البلاد

وتابع «كما أن استحضار الجرائم الوحشية التي ارتكبت بحق أبناء الشــعب العراقي، تؤكد أن النهــج الديمقراطي والاصلاحي والتعايش الســلمي هو السبيل لعراق مشرق يسوده السلام والمحبة والتسامح، وإن وحدة البلاد وكرامة العيش والعدالة هو الهدف والأســاس الذي يجعل العراق بلد آمنا مستقرا قويا بشعبه وأرضه.»

كذلك، اســتذكر رئيس الجمهورية، برهــم صالح، واقعة الأنفــال، فيما داعياً لإنصاف الضحايــا وضمان عدم عودة الاستبداد.

وذكر المكتــب الإعلامي لرئيــس الجمهورية فــي بيان، «تُصادف هذه الأيام الذكرى الـــ )33( لفاجعة الأنفال التي ارتكبها نظام الاستبداد ضد الشعب الكردي، في واحدة من أكثر حملات التنكيل والتهجير التي شهدتها المنطقة والعالم، وعلى إثرها قضى الآلاف من النســاء والأطفال والشــيوخ العزّل نحبهم، وكان الهدف مــن وراء هذه الجريمة النكراء إبادة جماعية لشــعب مُســالم أعــزل كان كلّ همه العيش بحرية وكرامة وســام، شأنه شأن ســائر العراقيين الذي تعرضوا لأبشع الجرائم ضد الإنسانية».

وأضــاف: «نســتذكرُ الفاجعــة الأليمة التــي يندى لها جبين البشــرية، فهي جرح عميق لــم يندمل، وجرح للوطن والمواطن، تعرضت لها كثير من المناطق في إقليم كردستان، وعلينا اليوم واجب الحفاظ على وحدة الصف وضمان عدم عودة الاســتبدا­د بأي شكل من الأشكال وإنصاف الضحايا، وذلــك أفضل تقدير ووفاء للشــهداء والمضحّين في ســبيل الخلاص من الظلم والقهر».

وواصل: «في ذكرى تلك المأســاة البشــرية، يجب علينا التزكير بمعاناة ذوي الضحايا والشــهداء، فهم يستحقون مزيداً من الرعاية والاهتمــا­م، ويجب علينا تلبية تطلعاتهم في توفير حياة حرّة كريمة وتقديم أفضل الخدمات لذويهم، وإرجاع رفات الضحايا وضمان حقوقهم وامتيازاته­م كافة، وهو واجب إنســاني وأخلاقي لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستهانة به أو التنصل منه أو تأخيره، والإسراع في تحقيق هذه المتطلبات للتخفيف عن معاناتهم ولملمة جراحهم».

في الأثناء، أكد رئيس وزراء إقليم كردســتان العراق، أن حكومتــه تعمل على تقديم أفضل الخدمــات لعوائل ضحايا حملات الأنفال، وضمان توفير حياة كريمة تليق بها.

وزاد، مسرور بارزاني في بيان صحافي، إن «اليوم تحل علينا الذكرى الثالثة والثلاثين على بدء حملات الأنفال التي اقترفها النظام البعثي المباد وما نجم عنها من إبادة جماعية بحق شــعب كردســتان، فأزهق فيهــا أرواح آلاف الأبرياء وغيّب آلافــاً آخرين ودفنهم وهم أحيــاء، فيما دمر آلافاً من القــرى والبلــدات الآمنة والمســاجد والمدارس وعشــرات الكنائس».

إنهاء معالم الحياة

وحسب رئيس حكومة إقليم كردستان، فإن «تلك المجازر لم تتوقف عند هذا الحد، بل اســتهدفت المــزارع والحدائق وحقول المزارعــن لتحرق الأخضر واليابس ســعياً لإنهاء جميع معالم الحياة في كردستان».

وتابع: «وفي هــذه الذكرى الأليمة وســواها من جرائم النظام المنهار، نحيي بإجلال وإكبار ذكرى الشهداء وضحايا هذه الإبادة الجماعية».

وأكد أن حكومته «في الوقت الذي تطالب فيه بالتعويض المادي والمعنوي لأسر الضحايا، فإنها تعمل على تقديم أفضل الخدمات إلــى عوائل ضحايا الأنفال وضمــان توفير حياة كريمة تليق بها».

وأعرب عن أمله في أن «تكون هذه الذكرى حافزاً لتعزيز الوحــدة الوطنية فــي إقليم كردســتان، وترســيخ روح المصالحــة والأخوة والتعايش الســلمي بــن دول المنطقة كافة».

أما حــزب «الاتحاد الوطني الكردســتا­ني» الغريم الأبرز لحزب بارزاني في كردستان العراق، فطالب المجتمع الدولي بالاعتراف بحملات الأنفال كـ»جرائم إبادة جماعية دولية».

وقال في بلاغٍ صحافي أمــس: «قبل 33 عاما وضمن إطار سياســية التطهير العرقــي والابادة الجماعية ضد شــعب كردســتان، اقدم نظــام البعثــي الصدامي، ومــن خلال 8 مراحل، على مهاجمة قرى كردســتان، واســفرت الحملات عن استشهاد عشــرات الآف من المواطنين الابرياء بضمنهم اطفال ونساء وشيوخ، وعقب تعذيبهم الجسدي والنفسي، تم دفنهم أحياء في صحاري العراق كما تم نهب وتدمير 5000 قرية». وأشار إلى أن «مرام البعث في جريمته لم يكن تصفية عشرات آلاف )الأكراد( فحسب، وإنما، كان يهدف إلى جنب العمليــات الأخرى مثــل )التعريب، والتهجير، التســفير، والقصف الكيميائي( تغيير ديموغرافيـ­ـة كركوك والمناطق الكردســتا­نية، وتدميــر البنيــة الاقتصادية لكردســتان، والانتقال بالتطهير العرقي الى مرحلة خطيرة».

وأكد الحزب أن «مع تعريف محكمــة الجنايات العليا في العراق، الحملات كجرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وإنها ضد الإنسانية، إلا أن جميع الإجراءات الأخرى التي ترتبط بالملف مثــل )اعتقال المطلوبين وتعويــض المتضررين( غير منجزة».

ولفت إلــى أن «عوائــل المؤنفلين والناجــن من حملات الانفال، يســتحقون معيشــة افضل. توفير أرض ســكنية، الخدمات، ضمن حقــوق أولية لهم، ومــن أولوية واجبات حكومتي الاتحادية وإقليم كردســتان. ضمــن هذا الإطار، أحدث قــرار لحكومــة إقليم كردســتان )توزيــع عدد من الأراضي الســكنية على عوائل المؤنفلين في كرميان، بجهود فريق الاتحاد الوطني الكردســتا­ني( آملين اتخاذ خطوات أخرى».

وأوضــح أن «وحجم جريمــة الانفال، لم يتــم التعريف بالحملات كجرائم إبادة دوليا، لذلــك على حكومة وبرلمان كردستان والأطراف السياســية، تفعيل جهودها ضمن هذا الاتجاه» منوهــًا أن «الإبادة الجماعيــة للإيزيديين من قبل إرهابيي داعش، تثبت إن تلك العقلية التي إعطت الشرعية لحملات الانفال، مازالت باقية، ولــم تجهض بيئة وإرضية حدوث الإبادة الجماعية».

وختم الحزب بيانه بالقول: «الأنفال والقصف الكيمياوي والضحايا والمآســي التي حلت بشــعبنا، يجــب إن تصبح مبعثــا لإصلاح حقيقي ومكافحة الفســاد، وتقديم انموذجا مختلفا ومتقدما وإكثر حرصا في الإدارة، لكي يتفيأ في ظلها الكردستاني­ون».

في الموازاة، أكد وزير شــؤون «الشــهداء والمؤنفلين» في حكومة إقليم كردســتان العراق، عبدالله الحاج محمود، أن حكومة إقليم كردستان تواصل العمل في سبيل استحصال التعويضــا­ت الماليــة والمعنوية لذوي ضحايــا الأكراد عن جرائم النظام السابق.

وقال، في مؤتمر صحافي عقده فــي مبنى برلمان الإقليم، على هامش عقد جلســة خاصة بالذكرى الـ33 على عمليات الأنفال: «ســنضغط من خلال حكومة الإقليم والممثلين الكرد في مجلــس النواب العراقي لاســتحصال تعويضات لذوي ضحايــا عمليات الأنفال» مســتدركا القول: «للأســف إلى الآن لم تقم الحكومة الاتحادية بتحمل المســؤولي­ة إزاء هذا الالتزام الدستوري .»

ونــوه إلــى أن «الحكومــة الاتحادية تتهــرب من ملف التعويضــا­ت لــذوي ضحايا جرائــم البعــث، ولكن نحن سنواصل المطالبة والضغط .»

وعن أســباب تأخر نقل رفات الضحايــا من باقي مناطق العراق قــال الوزير، إن «هذه العملية تأخرت قليلا بســبب أوضاع الحالية وتفشــي فيروس كورونا » مضيفا أن «العمل متواصل مع مؤسسة الشهداء والمؤنفلين في نقل الرفات.»

 ??  ?? توابيت تحمل رفات ضحايا سقطوا في حملة الأنفال خلال مراسم تشييع جرت عام 2014 في أربيل
توابيت تحمل رفات ضحايا سقطوا في حملة الأنفال خلال مراسم تشييع جرت عام 2014 في أربيل

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom