Al-Quds Al-Arabi

تحول حرم قصر عابدين لساحة تجارية... وفوضى في إجراءات التطعيم... والإصابات بالفيروس القاتل تتزايد

كتاب ينشدون السلام... وآخرون لا يرون للحرب بديلا... والمذيعة القاتلة: الضحية أرشد عن مكان زوجي الهارب

-

كفانا تفاوضاً

رأى جلال عارف فــي "الأخبار" أنه من المهــم للغاية أن تتواصل جهودنا لشــرح موقفنا من أزمة الســد الإثيوبي أمــام الدول الكبــرى، حتى ونحــن نعرف جيــدا أن الكل يبحث عن مصالحه، ويتحرك على أساسها. فعدالة قضيتنا تفرض نفسها ومســؤولية القوى الكبرى عن حفظ السلام والاســتقر­ار تحملها التزامات لا بد من القيام بها، وتجارب الماضــؤ البعيد والقريــب تؤكد لهذه القــوى، أن مصالحها ســتكون أول من يتضــرر، إذا لم تتصد لانتهــاك القانون الدولي، وإذا لم تتحمل مســؤوليات­ها فــي إيقاف العدوان على حقــوق الآخرين، قبــل أن تنفجر الأوضــاع ويتهدد السلم والأمن في المنطقة وفي العالم. لقد منحنا كل الفرص للتوافق على حل عادل ومتوازن.. أمضينا عشــر ســنوات في التفــاوض بلا نتيجة.. في العــام الأخير كان التفاوض تحت مظلة الاتحاد الافريقي، وللأسف الشديد كان التعنت الإثيوبي والمراوغة لكســب الوقــت، ومحاولة فرض الأمر الواقع، مســببا فــي تعثر هذا المســار. أبدينا مــن المرونة وحســن النوايا ما كان كافيا لإنهــاء الأزمة، والتوصل إلى التوافــق المطلوب لو توفرت عند إثيوبيــا الإرادة والرغبة في الحل، بدلا مــن حماقة إهدار الفــرص ووضع العقبات والتســويف المســتمر في محاولة فرض الأمر الواقع على مصر والسودان، بديلا للاتفاق القانونى الملزم الذي يحفظ حقوق كل الأطراف.

إذن هي الحرب

وأعرب جلال عارف، عــن أنه لا أحد يمكن أن يلومنا بعد عشــر ســنوات من التفاوض بلا نتيجة من المرونة، التي لا تواجهها إثيوبيا إلا بالمزيد من التعنت، ومع ذلك فقد شاركنا السودان الشــقيق في طلب التفاوض بمشاركة من أمريكا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، إلى جانب رعاية الاتحاد الافريقي للمفاوضات، إنقــاذا للموقف، ورغبة في أن يكون العالم كله شاهدا وأن تكون المسؤولية عن نتيجة التفاوض واضحــة، وأن يكون القانون وحده هــو الحكم. التفاوض الآن مرهون بأن تقر إثيوبيا بــإن الهدف هو اتفاق قانوني ملزم، يحقق مصالح كل الأطــراف، ويحفظ حقوقها، وبأنه لن يكون هناك ملء ثان للســد قبل التوصــل لهذا الاتفاق، الذي كانت إثيوبيا نفســها قد وافقت على 90% من عناصره في مباحثات واشنطن، قبل أن تنقلب على الاتفاق وترفض التوقيع عليه. قضيتنا عادلة، والمســاس بحقوقنا في مياه النيل خط أحمر.. والتفاوض ليس هدفا في حد ذاته، وإنما هو الوســيلة للاتفاق القانوني الملزم، الذي يحقق مصالح كل الأطراف ويحفظ حقوقهــا. الوقت بالفعل ضيق، ولكنه كاف للتوصل إلى الاتفاق الذي يمنع الأســوأ.. الموقف الآن واضح أمام العالم كله، بما فيه القوى الكبرى، ولا مجال هنا للتهرب من المســؤولي­ة.. فالخطوط الحمر معلنة، والحقوق التاريخية لا مســاس بهــا، وكل الخيــارات متاحة إذا وقع العدوان من إثيوبيا على هذه الحقوق.

أمريكا ضدنا

أهتم الدكتور محمد سيد أحمد في "فيتو" بشهادة الباحث والمؤرخ عمرو صابــح، التي رصد فيها عــدداً من المحطات التاريخية التــي حاولت فيها القــوى الإمبريالي­ة الغربية، اســتغلال إثيوبيا للإضرار بالشــعب المصــري عبر بوابة نهر النيل، ففي عام 1497 خرج أســطول برتغالي للسيطرة على الشــرق وتجارته، وكسر شوكة المســلمين، وتحطيم مصر التي أنهت الوجــود الصليبي في القدس، ورحب ملك الحبشــة بمشــروعهم الذي كان يهدف لتحويل مياه النيل الأزرق إلى البحر الأحمر، وفشل المشروع لاستحالة تنفيذه. وتجــددت المحاولة في عام 1513 أثنــاء الحرب بين مماليك مصر والبرتغالي­ين للسيطرة على طريق التجارة إلى الهند، وفشــل مرة أخرى، وفي عام 1705 حاول ملك فرنسا لويس الرابع عشــر تحويل مجرى النيــل الأزرق للبحر الأحمر، في محاولة جديدة بالاتفاق مع ملك الحبشــة، لكن فشــلت المحاولة بعد أن أرسل والي مصر فرقة من المماليك اعترضت المبعوث الفرنســي وقتلتــه، وفي 1856 نشــب خلاف بين مصر والحبشــة على الحدود الشــرقية للسودان، وحاول الإمبراطور الحبشــي تيودور تحويل مجرى النيل الأزرق صــوب البحر الأحمــر لكنه فشــل، وفي عــام 1935 كانت المحاولة الأخيرة الفاشلة لتحويل مياه النيل الأزرق للبحر الأحمــر نتيجة التضاريــس الصعبة عبــر محاولة المحتل الإيطالي للحبشة منع وصول المياه إلى مصر.

فلنحذر بايدن

وأشــار الدكتور محمد ســيد أحمد إلى أنه مع فشــل كل محاولات تحويل مسار مياه النيل الأزرق إلى البحر الأحمر تاريخيا، جــاءت محاولات الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن بــرزت كقوى إمبرياليــ­ة جديدة في العالــم بعد الحرب العالمية الثانية، لتطرح فكرة معاقبة مصر عبر بناء السدود، فكانت محاولاتها الأولى في الستينيات من القرن العشرين، التــي تصدى لها الرئيس جمال عبــد الناصر بالضغط على الامبراطور هيلا سيلاســي ومنعه من تنفيذ مشــروع بناء الســد، وهو ما تكرر بعد ذلك خلال حكم الرئيس السادات، الذي منعه بتهديد مباشــر بشــن ضربة عســكرية لنسف

أي ســد يعوق جريان نهر النيل ووصولــه لمصر، وتكررت المحاولة مرة أخرى في عصر الرئيس مبارك وكان حاسما في رده، وتهديده بنسف أي سد تحاول إثيوبيا إقامته. ويتضح من المحــاولا­ت التاريخيــ­ة أن القوى الإمبريالي­ــة الغربية، حاولت مــرارا وتكررا معاقبة مصر عبــر البوابة الإثيوبية، وما مشروع سد النهضة المزعوم، إلا محاولة جديدة من قبل المشروع الإمبريالي الغربي لتركيع مصر، حيث تم استغلال حالة الفوضى الناتجة عن انتفاضة 25 يناير/كانون الثاني 2011 للبدء في تشــييد الســد الإثيوبي المزعوم، وكما كان الحكام الإثيوبيون تاريخيا متواطئين مع القوى الإمبريالي­ة للإضرار بالمصالح المصرية، فقد قاموا هذه المرة بالإسراع في تشييد السد لوضع مصر أمام أمر واقع.

مطلوب تركيعنا

يبــدو أن أديس أبابا ظلــت طيلة عقد مــن الزمان، كما أوضح محمــود الحصري في "البوابة نيــوز" تصدر الوهم للعالم، بأنها في حاجة إلى كهرباء لإنارة البلاد، وأن الهدف الرئيسي من "سد النهضة" هو الكهرباء وليس المياه، وظلت طيلة هذه الســنوات وهي تتخيل أنها تســتغبي العالم في مشــروعها. الحقيقة التي لا تريد أن تعترف بها إثيوبيا أنها تعتبر النيل الأزرق، الذي يشــكل نســبة )80% - 85%( من المياه المغذيــة لنهر النيل، وهي لب المشــكلة في موقف هذا البلــد، الذي يريــد أن ينفي تاريخا لملايين الســنين، حيث يجري النهر من الجنوب إلى الشمال بفعل الطبيعة، وبعد كل هذا تأتي إثيوبيا لتمنع ذلك. الأخطر في ملف سد النهضة أن الأصوات المغلوطة في إثيوبيا علت في الســنوات الأخيرة، بشأن "ليس لمصر ولا الســودان حق في مياه النيل، وكفى ما حصلتا عليه من مياه"، ولســان حال أديس أبابا، "المياه لنا" فقط، وهو ما لفت إليه الرئيس عبد الفتاح السيســي، فــي تصريحات قبل أيــام، عندما قال إنه ســمع هذا الكلام خلال حديثه أمام البرلمان الإثيوبي. القضية في الأســاس ترتبط بضــرورة أن تغير إثيوبيا مــن مفاهميها المغلوطة، التي تنكر التاريخ والمواثيق الدولية، فعليها أن تعترف أولا بأن النيل الأزرق هو مجرى مائي دولــي، تبدأ منابيعه من الهضبة الإثيوبية، ويمتد لدول المصب. ولو اعترفت إثيوبيا بهذا فهو بداية الحل، لأن المطامع فــي أديس أبابا في المياه أولا وأخيرا، واي حديث عن قضيــة الكهرباء مجرد عباءة لمطمع رئيسي، وهو حرمان المصريين والسودانيي­ن من حق تاريخي ودولي ومحكوم باتفاقيات في مياه نهر النيل.

مكره لا بطل

الحرب ســيئة ومدمرة، وكلها خسائر، لكنها في لحظات تصبــح هي الخيار الحتمــى الوحيد الذي لا مفــر منه. هذا رأي عماد الدين حســن في "الشــروق" مؤيــداً ما ورد في هذا الشــأن الإعلامي عمرو أديب الذي قــال «إن كل الناس الكارهة لمصــر والمتربصة بها، يتمنــون أن تدخل مصر في حرب مع إثيوبيا، ويشجعونها على ذلك من أجل توريطها، وهناك ابتزاز عسكري لمصر وسخرية حتى تدفعنا للحرب. وأنهم بدأوا يقولــون إن الجيش المصري جبار. ولأن هؤلاء كلهم يتكلمون بالطريقة نفســها، فقد فهمــت إنهم يريدون أن يورطونا في حــرب». وبدوره علّق عماد على رأي المذيع بقولــه، أتفق مع عمرو أديب أن كل الأطــراف التي تكرهنا، أو لا تريدنا أقوياء، يتمنون أن ندخل في حرب مع إثيوبيا، شرط ألا ننتصر فيها، بل يتمنون أن ندخل الحرب، من أجل أن نتورط ويتم استنزافنا. معلوم ومعروف ما هي الأطراف التي تكرهنا، وبالمناســ­بة في مقدمتها إسرائيل، التي يقال إنها زودت إثيوبيــا بصواريخ دفاع جــوي، نصبتها قرب السد. إضافة لإسرائيل، فهناك قوى إقليمية وبعضها يقول إنهــم أصدقاء لنا، لا يريــدون لمصر أن تكــون قوية. كل ما سبق صحيح، لكن أختلف مع عمرو أديب في نقطة جوهرية وسؤال أساسي هو: إذا ســلمنا نظريا أن هناك دولا وقوى وأجهزة وتنظيمات وأفــرادا يريدون توريطنا في حرب مع إثيوبيــا، حتى تُســتنزف قوانا، فما هو الحــل إذا واصلت إثيوبيا تعنتها وأصرت على عدم التوقيع على اتفاق قانوني وملزم لتشغيل ســد النهضة؟ الإجابة ببساطة هي أننا في هذه الحالة لدينــا خياران: الأول أن هنــاك قوى متربصة تريد توريطنا. والثاني أن هناك دولة تصر على تعطيشــنا لبيع المياه لنا، أو قطعها عنا.

سنخوضها مجبرين

الســؤال الذي يبحث عماد الدين حســن عن إجابة له: أي الخطرين أكبــر؟ خطر من يريد توريطنــا في حرب؟ أم خطر من يريد أن يتحكم في مستقبلنا جميعا بسلاح المياه؟ الإجابة لا تحتاج إلــى تفكير، لأن مياه النيل بالنســبة لنا قصة حياة وجودية. فــي كل الصراعات هناك أطراف تريد توريط أطراف أخرى. قضيــة المياه أخطر تريليون مرة من الأزمة الليبية، والأخيــرة مهمة جدا للأمن القومي المصري، لكن المياه قضية وجود وحياة، ومن أجل ذلك أعلن الرئيس السيســي خطا أحمر جديدا بشــأنها قبل أسبوعين تقريبا، حينمــا كان يتحدث بمناســبة تعــويم الســفينة البنمية «إيفرغيفــن»، وقــال إن : «مصر لن تتنازل عــن قطرة مياه واحــدة، وأنه لا أحد بعيد عن قدرتهــا ومن يريد أن يجرب فليجــرب». مصر ليســت داعية حرب، بــل ظلت تتفاوض طوال عشر سنوات، وفعلت كل شيء من أجل إقناع إثيوبيا بأهمية الاتفاق والتعاون، بل إن الرئيس السيسي قال قبل

أيام إننا ما زلنا نؤيد حق إثيوبيا في التنمية، لكن بشــرط ألا تضر مصــر. وبالتالي إذا أصرت إثيوبيــا على الإضرار بحقوق مصر المائية، فــإن الحرب في هذه الحالة، لا تصبح مجرد احتمال، بل هي ضروريــة وحتمية من أجل الحاضر والمســتقب­ل. علينا إقناع العالم بعدالة قضيتنا والبحث عن أي حل سياســي، لكن إذا واصلت إثيوبيــا بلطجتها، فإن الحرب وقتها تصبح أكثر من ضرورية.

أزمة رئيس

بعد مرور مــا يقرب من عامــن على انتخــاب الرئيس التونسي قيس ســعيد، أكد عمرو الشــوبكي في "المصري اليوم" أنه خســر جانبا من شعبيته، التي أوصلته للسلطة في عام 2019 بأغلبية كاســحة بلغــت 76٪، وبحملة كان وقودها الشــباب وبإمكانات ماديــة معدومة، فكان مصدر إلهــام للكثيرين فــي مواجهة «المــال السياســي» وتجار الانتخابــ­ات. الرجل يتمتــع بالنزاهة، ومحارب للفســاد بدون سلاح، وهو أيضا من خارج المنظومة الحزبية، فهو لا ينتمى لحزب، ولم يؤســس حزبا في بلد يمر بعملية انتقال ديمقراطي صعبة، وأعطى دستوره صلاحيات كبيرة لرئيس الحكومة على حســاب رئيس الجمهوريــ­ة، جعلت المركب «بريسين». فعلى سبيل المثال، قدم قيس سعيد في برنامجه الانتخابــ­ي رؤية متكاملــة )حالمة ولكنها قابلــة للتطبيق( حول قضايا دعم اللامركزية، والمجتمعات القروية، وإعطاء المبــادرة للمحليات ومحاربــة البطالة والفقر، واكتشــف بعد أن أصبح رئيسا أنه لا يســتطيع أن يطبق حرفا واحدا من هــذا البرنامج، لأنها أمور في صلــب صلاحيات رئيس الحكومة، الذي لن يختاره، إنما سيختاره برلمان منقسم بين حركة النهضة )52 مقعــدا(، و«قلب تونس» (38 مقعدا(، ثم التيار الديمقراطي الاجتماعي )22 مقعدًا(، وائتلاف الكرامة (21 مقعدا(، ثم الحزب الدستوري الحر )17 مقعدا(، وتحيا تونــس )14 مقعدا(، وحصلت باقي القــوى ما بين مقعد و4 مقاعد. هذا التفتيت البرلمانى جعل الكتلتين الكبيرتين وقوى أخرى تدعم رئيس الحكومة هشام المشيشي، رغم اعتراض رئيس الجمهورية عليــه، وعلى 4 من وزرائــه، وأصبحنا أمام نظام سياســي، وضع عراقيل أمــام فاعليته بإضعاف صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح رئيس الحكومة.

نشبه التوانسة

الحقيقة التي توصل لها عمرو الشــوبكي، أن تيار رئيس جمهورية «منــزوع الصلاحيات» ظل قويا في كل من تونس ومصر عقب ثورتيهمــا، فما زلت أذكر أثناء اجتماعات لجنة الخمســن لكتابة الدســتور المصري، كان هناك تيار قوى يؤيد الانتقــال للنظام البرلماني، ووقفت مع عدد من الزملاء مــن أجل التمســك بالنظام الرئاســي الديمقراطـ­ـي، أو ما استُقر على تســميته بالنظام شبه الرئاسي، كما هو مطبق في فرنســا، ويوجد فيــه رئيــس وزراء وحكومة منتخبة مــن البرلمــان، ولكن رأس الســلطة التنفيذيــ­ة هو رئيس الجمهورية المنتخب من الشــعب، وله حــق الفيتو، ووضع السياســات العامة، واختيار وعزل وزراء السيادة الأربعة بجانب صلاحياته المطلقة في السياســة الخارجية والدفاع والأمن القومي. لا توجد دولة في العالم يُنتخب فيها رئيس الجمهوريــ­ة انتخابا حرا مباشــرا من الشــعب، ولا يكون نظامها رئاســيا واضحا، فحين تفقد الملايين الثقة في قدرة رئيســها على تحقيق وعوده، فهي تفقد الثقــة في العملية السياســية برمتها، وليس فقط في الرئيس، والمطلوب في تونس إما تعزيز صلاحيات رئيــس الجمهورية، والانتقال نحــو نظام رئاســي ديمقراطي، وهو توجه شــروطه غير متوفرة حاليا، أو الانتحــار بالاتجاه نحو النظام البرلماني )الحمد للــه غير وارد(، أو بقاء الحال على ما هو عليه حتى يأتي فرج الله، وإن شاء الله يكون قريبا.

عابدين يستغيث

لا تصدق الدكتورة ســهير حواس، كما اوضح ســيلمان جودة في "المصري اليوم" أن ما يحــدث أمام قصر عابدين يمكن أن يحدث أمام أي قصر رئاســي له تاريخ هذا القصر.. ولا تصــدق أن الضمير الوطني لنــا جميعا يمكن أن يرضى بامتهان القصر علــى هذه الصورة، التــي يلحظها ويتألم لها كل الذيــن يمرون في المنطقة. قالــت الدكتورة حواس، في رســالة للكاتب، إنها تشــعر بكابوس فظيع، وهي ترى أن محــاً للمأكولات يجري افتتاحه علنــا في حرم القصر، وإن مطاعــم أخرى مقبلة من بعده علــى الطريق في الحرم نفســه، وإن ذلك حدث ويحدث بحضــور محافظ القاهرة ذاته، الــذي يدعوه منصبه إلى الوقوف ضد كل ما يشــوه جزءا أصيلا من تاريــخ البلد في قاهرة المعــز! والدكتورة حواس تتحدث في الموضوع، ليس فقط باعتبارها أســتاذة في هندسة القاهرة، ولكن بوصفها عضوا في مجلس إدارة الجهاز القومي للتنســيق الحضاري، الــذي يقضي قانون إنشائه بأن تكون موافقته سابقة على أي تطوير في منطقة مثل منطقة عابدين، أو في حرم قصر مسجل كأثر مثل قصر عابدين.. ليس هــذا فقط، ولكن لديها صفــة أخرى.. هذه الصفة هي أنها كانت استشــارية مشــروع التطوير، الذي تم في المنطقة والقصر عــام 2016، والذي جرى وفق أصول التطوير في منطقــة وفي قصر لهما هذه الطبيعة التاريخية والتراثية. تتساءل متألمة في رســالتها: هل يمكن أن يشهد قصــر الإليزيه في باريس، على ســبيل المثال، ما يشــهده قصر عابديــن هذه الأيام؟ وهل يليق هــذا الجو الكرنفالي الذي يلحظه كل عابر في المــكان بقصر له ما لقصر عابدين في وجدان النــاس؟ تقول وهي تخاطــب الذين يتحملون مســؤولية حماية القصــور الرئاســية، إن افتتاح محلات تجارية في حــرم القصر يدمر قيمتــه التاريخية، ويضرب القيمة التي تمثلها القاهرة الخديوية في مقتل، ويظهرنا في مظهر الذين لا يعرفون تاريخهم ولا يدركون له قيمة.

سم قاتل

اشار بيشــوي رمزي في "اليوم الســابع" لظاهرة تبدو جديدة، بعض الشيء، إثر ظهور صفحات ناطقة بالعربية، على مواقع التواصل الاجتماعي، تمثل كيانات، سواء كانت دولا أو منظمــات، بل أحيانا أندية كرة قدم، ليســت ناطقة باللغة العربيــة، تحمل فــي طياتها، أهدافــا تتجاوز، في حقيقتها مجرد تحقيق الانتشــار، أو زيادة الشــعبية، بين شــعوب العالم، عبر التفاعل معها، ســواء في التعليقات، أو إعادة النشــر، أو غير ذلك مــن الأدوات التي تهدف إلى التوسع، وإنما تمتد في نطاقها إلى ما هو أبعد من ذلك، عبر تحقيق أهداف سياسية، أو الإضرار بالمصالح، لتتحول تلك الصفحات إلى فخ للشعوب، أكثر منها وسيلة للتقارب معها. وللحقيقة، كما أعــرب الكاتب فإن التعميم فيه ســم قاتل، فهنــاك نماذج لا يمكن أن ننكر مشــروعية هدفها، منها على ســبيل المثال، الصفحة التي دشــنها نادي بايرن ميونيخ، والتي شهدت رواجا واسعا في المجتمعات العربية، وخاصة فــي مصر، تزامنا مــع مبــاراة الفريق الألماني مــع النادى الأهلي، خلال بطولة كأس العالــم للأندية، التي أقيمت في قطر، في فبراير/شباط الماضي، حيث نجحت نجاحا مبهرا، فــي اســتقطاب آلاف المتابعين، وحققت تفاعــا كبيرا، إثر خبرة واضحة لدى القائمــن عليها، في التعامل مع العقلية المصريــة، ليس فقط عن طريق اللغــة العربية، وإنما أيضا في استخدام "إفيهات ولاد البلد"، عند الحديث عن المباراة، وبصــورة تقترب تماما من حديث الشــارع وتعليقاته على المباراة. إلا أن ثمة صفحات أخرى ناطقة بالعربية، لكيانات غير عربيــة، فيها "فخــاخ" منصوبة، تهدف في الأســاس إلى تقويــض الجهود المصرية، الراميــة لتحقيق أي إنجاز ملموس، مــرورا بالإضرار بمصالح البلاد، وحتى تشــويه صــورة المصريــن أمام العالــم، بهدف إظهارهــم بصورة عنصرية تارة، أو قلب الحقائــق وتزييفها أمام العالم، إلى الحد الذي يمكن معه وضعنا في صورة "دعاة" الحرب، وهو الأمر الذي لا يتوافق في أي حال من الأحوال مع الواقع على الأرض.

حملة مباركة

أكد طارق يوسف في "الوفد"، أن مصر لم تشهد تحديات وصعاباً منذ عقود طويلة مثل ما تشــهده وتتعرض له هذه الأيام، كما أن جميع المخلصين من أبناء هذا البلد يحبســون أنفاســهم أثناء عبور هــذا النفق المظلم، خوفــاً من التعثر أو العــودة للوراء، وأشــاد بالحملة التــي قادها الرئيس السيسي ضد حيتان الأراضى الســمراء وسماسرة البناء عليها، وأشــار الكاتب إلى ما تشــهده القــرى المصرية من ترقب وخوف وحذر، بســبب صرامة تطبيق قانون البناء بحذافيره، وهــو ما يجعلنا نتنفس الصعــداء. أخيرا جاء قانــون لم يترك ثغــرات ينفذ منها ترزيــة القوانين، الذين كانوا يجلســون على مائدة التشريع مساء يسنون قوانين تجــرم البناء علــى الأرض الزراعية. وفــي الصباح داخل مكاتب المحاماة التي يملكونها أو يعملون مستشــارين لها، يفندون الثغــرات التي يضــع فيها كل متعــدٍ على الأرض إصبعه في عين القانون وعيون مــن يطبقونه، وبالقانون أيضا وبمباركة نواب المجالس التشــريعي­ة المتعاقبة، الذين كانت رشاواهم الانتخابية آنذاك مزيدا من التبوير والبناء على أراضي الدولة والأراضي الزراعية. ولم أنس كلمة السر المتمثلة في تأشــيرة )دراســة أمنية( التي تلقيها المحليات والزراعة في ملعــب الأمن، التي كانت البــاب الملكي لبوار ملايــن الأفدنة خلال الأربعة عقــود الماضية، رغم أن الأمن هو الأمــن والمحليات والزراعة كما همــا، ولكن قوة النظام وصرامتــه ومتابعة إنفــاذ القانون، هو مــا منحها الحياة والاستمرار وعدم التراجع مســتقبلياً، بشرط إيجاد منافذ لهذه القرى في الظهير الصحراوي على مستوى الجمهورية، والتدخل بالقوة نفسها لانتزاع ملايين الأفدنة من بين أنياب حيتان الأراضي الصحراوية القريبة من العمران، وإنشــاء قرى ومجتمعــات عمرانية قريبة مــن المجتمعات الحالية، وعدم الرهــان على أبناء هذه القرى فــي الهجرة إلى المدن الجديدة التــي ارتفعت أســعار الوحدات الســكنية فيها، التي من الصعوبة بمكان ممارســة مهنة الزراعة أو الحرف المتعلقة بها، والذين يفضلون البقاء في القرى التي نشــأوا فيها ويموتون فيهــا، بدون المغامرة والبعــد عنها وتغيير أنشطتهم وأعمالهم.

مستغلون وصائمون

لا يتوقف الغش والاســتغل­ال في رمضان على الأرجح، وهو ما لفت اهتمام حســن خيري في "الأهرام": قد يصرخ ويستشــاط غضبا، إذا أخبــره أحد أنه لا يوقــر ربه، فهو يجهل أن خداعه للمقربين لــه واحد من الأمور التي تباعده عن تقديره لله حق قدره، فكثير من التجار نراهم حريصين على صيام رمضان، ويتلاعبون بالأســعار، وهم في حقيقة الأمــر لا يعظمون فريضــة المولى عز وجل، ومهما ســاقوا من حجــج ومبررات فلــن يقبل منهم الصيام. ويعد شــهر رمضان أكبر فرصة ذهبية لتدريب النفس ولتقويم السلوك على إجلال اللــه، ووضح لنا الرســول الطريق في حديثه الشريف: "أتاكم رمضان شهر يغشاكم الله فيه.. فينزل فيه الرحمة.. ويحــط الخطايا.. ويســتجيب الدعاء.. ويباهي بكم الملائكة.. فأروا الله من أنفســكم خيرا.. فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله". والصيام من أيســر الطرق إلى تعظيم قدر الله فــي النفس، فيتجلــى فيه معنى التدبــر والتأمل في آيات اللــه، وتمجيد صفاته، كما يليــق بوجهه الكريم، وفرصة عظيمــة لتذكير النفس بأنعم اللــه على مخلوقاته والتبصر في أنفســنا كما أمرنا، ويتجلى فيه إعلاء فضيلة قــراءة القرآن الكــريم والتفكر في معانيــه، ويمثل إحدى الوســائل المهمة لتوقير الله ســبحانه وتعالى. فالمجاهرة بالفطر في شــهر رمضان تعد انتهاكا لحرمة الله، والتقوى في القلوب لا ترســخ إلا بتعظيم شــعائر الله، فلا يستخف المســلم بحســن صيام، وقيام رمضان، فكثير ينزلقون إلى أفعال تفســد صيامهم، ظنا منهم أنها مــن العادات المألوفة، كترويــع الآخرين بإلقاء الألعاب الناريــة، أو الإصرار على الســخرية من الغير، أو النظر إلــى محرمات الله. وتدريب النفس علــى تعظيم وإجــال الله، يســوق صاحبها إلى الحياء من رب العالمين، ومن شأنه يتبعه استحضار مراقبة الله له في جميع شــؤونه. وإذا دأب المسلم على إلزام نفسه على هذه المعية الإلهية، جعلته في ضمان دائم لسلامة قلبه، ويستشــعر كذلك صدق إيمانه، كما في قوله تعالى: "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُــودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَــا عَــذَابَ النَّارِ". أما الســالك للاتجــاه المعاكس فيضل الطريق، ولا يستحي من ربه، ولا يتقيه.

سينتقم لك

كثرت مشــاكل الحياة من حولنا كما أوضح صلاح صيام في "الوفد": قلّت البركة، اختفت السكينة، تلاشت الرحمة، ضاعت البوصلة، فضاقت الصــدور، واعتلت القلوب التي بلغت الحناجر، وأصبح الإنسان مخلوق ضعيف، لا يتحمل أوجاع الدنيا، فعند أول نازلة تنهــار قواه، وتخر عزيمته، يفضل العزلة ، ويرفــض الاندماج في المجتمع ويقيم حوارا ذاتيا يتضمن عشــرات الأســئلة، لماذا أنا بالذات؟ هل لأني أحــاول العيش بالحــال، فلان يغضب الله في كل شــيء ورغم ذلك يفتح عليه ويزيد لــه في حرثه، أولادي يعانون الأمــراض والعوز والفشــل الدراســي، وأولاده متفوقون وأصحاء ، فأين عدل الله؟ الشــواهد كلها تدل على الظلم، تقلب الموازيــن، تحطم الثوابت، تذهــب الألباب، وتتطور الحالة حتى تصل إلى حد القنــوط واليأس وربما إلى أكثر من ذلك فما الحل؟ أجاب الكاتب: أولا لا بد أن ندرك ونعترف بأن العقل البشــري قاصر عن استيعاب الحكمة الآلهية من الأحداث، فأنت تحكم على ظواهر الأمــور، أو على الأقل ما تــراه عيناك، وربما لو نظرت بعمق وروية لتأكدت أنك على قدم المســاواة مع من تنظر إليه، إن لم تكن أفضل، ولو كان عندك يقين فــي الخالق عز وجل لعرفت أن مــن بين العباد لو أغناهم الله لكان شــرا لهم، وأن الفقر لهم دواء، وأن أي محنة داخلها منحة عظيمة يتبينها أولي الألباب، فيوســف عليه الســام خرج من غيابات الجب ليجلس على خزائن مصر- بعد رحلة عذاب ـ ســطرها المولى فــي كتابه بآيات تتلــى إلى يوم الديــن، وهاجر عليها الســام التي أطاعت زوجها طاعــة عمياء، عندما علمت أنه مأمور من الســماء، وقالــت قولتها الخالــدة "إذن لا يضيعنــا - كرمت بعد أن أشــرفت على الموت عطشا ـ بأن ســعيها بين الصفا والمروة أصبح نسكا للحجيج إلى قيام الساعة.

الملاك المجرم

أمرت النيابة العامــة بإحالة الطبيب مايكل.ف وزوجته إلى محكمة الجنايــات لمعاقبتهما عما نُســب إلى الأول من خطف ســت فتيات صغيرات، واســتغلال صغــر عمرهن واستدراجهن إلى مسكنه وعيادة خاصة له، وهتكه عرضهن بالقوة بإيهامهــن باحتياجهن لعلاج وفحص خاصٍ، تمكن من خلاله من إتمام جريمته، وقد اشتركت زوجته معه، كما اوضحت بوابة "أخبار اليوم" بطريقة الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جرائم، مما أسندت إليه بتواجدها معه خلال لقائه ببعض المجني عليهن وذويهن، لبث الطمأنينة في نفوسهم تجاه المتهم وأساليب علاجه، فمكنته بذلك من الانفراد بهن وارتــكاب جرائمه. وكانت النيابة العامــة قد أقامت الدليل قِبل المتهم وزوجته من شــهادة اثني عشــر شاهدا، وما أقر بــه المتهم بالتحقيقات، وما ثبت للنيابــة العامة من معاينة مسكن المتهم من تطابق أوصافه مع ما أدلت به المجني عليهن وأحد الشــهود بالتحقيقات، وما عثرت عليه النيابة العامة خلال تفتيش المســكن من رسائل مكتوبة من المجني عليهن، وأقراص مدمجة تحوي مقاطع جنســية مــن الجرائم التي ارتكبها المتهــم، وكذا ما ثبت من فحص حاســوب المتهميْن وهاتفيهمــ­ا، وما فيهــا من محادثات وتســجيلات صوتية ومرئيــة وصور، وما ثبــت من إفادة دار الكتــب والوثائق القومية من تأليف المتهم كُتيب تضمن صفات ادعى بها أمام المجني عليهن على خلاف الحقيقة، وما ثبت من إفادة نقابة الأطباء وإدارة العــاج الحُر من عدم تســجيل المتهم بأي درجة علمية أو منشــأة طبية خاصة، وعدم الاستدلال على عيادة مصرح له بها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom