Al-Quds Al-Arabi

فورة الشراء الصيني للإمدادات الإيرانية تبدد الطلب على خامات المنافسين وتدفع أسعارها إلى الهبوط

-

■ ســنغافورة/ريو دي جانيرو - رويترز: تضغــط واردات الصين غير المسبوقة من الخام الإيراني في الشــهور الأخيرة على الإمدادات من منتجين منافســن، مما يدفع بائعــن للنفط من دول مثل البرازيل وأنغولا وروســيا لخفض الأسعار وتحويل شحنات إلى الهند وأوروبا.

فالقفزة في الشــحنات الإيرانية فاجأت السوق، وأثرت على أسعار النفط العالمية، رغم أنه كان مــن المتوقع أن تســتأنف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن محادثات مع طهران لإحياء الاتفاق النووي.

وبــدأ النفط الإيراني التســرب إلى الصــن من أواخــر 2019 بالرغم من عقوبات أمريكية قاسية، لكن الكميات لم تبدأ في الارتفاع إلا منذ أواخر العام الماضــي، بعد أن انتعش الطلب على النفط واخترق ســعره حاجز الســتين دولاراً للبرميل، وتشــجع المشــترون بفعل احتمالات رفع الولايات المتحدة العقوبات في عهد بايدن.

وتفيد «رفينيتيف أويل ريسيرش» بأن الصين تلقت 557 ألف برميل يومياً في المتوسط من الخام الإيراني بين نوفمبر/تشرين الثاني ومارس/آذار، وهو ما يعادل تقريبا خمســة في المئة من إجمالي واردات أكبر مستورد في العالم، وذلك في عودة إلى مســتويات ما قبل قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إعادة فرض العقوبات على إيران في 2019.

وانتهى المطاف بأغلب هذا النفط في إقليم شــاندونغ الشرقي، وهو نقطة تجمع شركات التكرير المستقلة في الصين.

وقال متعامــل صيني يوجه مبيعــات نفط إلى شــاندونغ «تضغط هذه البراميل +الحساسة+ على الإمدادات من كل الأماكن الأخرى، إذ إنها ببساطة رخيصة جداً» وذلك في إشــارة إلى النفط الإيراني الذي كان يقل سعره بما بين ستة وسبعة دولارات للبرميل عن متوسط سعر النفط البرازيلي في وقت سابق هذا العام.

وقال متعامل آخر أن الُمورِّدين من أمريــكا الجنوبية وغرب افريقيا وبحر الشــمال يكثفون الجهود لإيجاد أســواق جديدة في ظــل نضوب الطلب من الصين.

وكان أكبر الُمصدِّرين في منطقتي أمريكا الجنوبية وغرب افريقيا البرازيل وأنغولا من الأشــد تضرراً، في حين سجل خام «إسبو» الذي يُنتَج في الشرق الأقصى الروســي نُدرة فــي التدفقات إلــى الولايات المتحــدة تحت وطأة انخفاض الطلب الصيني.

وتشــير الجمارك الصينية وتقديــر «رفينيتيف» إلى أن الشــحنات من البرازيل، التي انتزعت من أنغولا مركز رابع أكبر الُمورِّدين إلى الصين في العام الماضي بفضل التســويق المكثف والتسعير الجذاب، انخفضت 36 في المئة في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط مقارنة مع الشهرين الُمقابِلَين قبل عام، رغم أن الكميات قفزت 16 في المئة على أساس سنوي في مارس/آذار.

وفي آخر مقابلة له قبــل ترك منصب الرئيس التنفيــذي لـ»بتروبراس» البرازيلية يوم الإثنين الماضي، قال روبرتو كاستلو برانكو أنه بالرغم من أن

شــهية الصين لنفط البرازيل منخفض الكبريت من حقل توبي «لا نهاية لها» واســتمرار الدولة الآســيوية في دفع علاوة من أجله، فإن الهوامش الحالية أقل تنافسية.

وصارت الهند سوقاً أكبر لنفط البرازيل وغرب افريقيا وحتى منطقة بحر الشــمال في ظل تراجع الطلب من الصين، مما يوفر لثالث أكبر مســتورد في العالم الكثير من البدائل، في الوقت الذي تقلص فيه نيودلهي المشتريات من النفط السعودي.

وأظهــرت بيانات «رفينيتيــف» أن واردات الهند مــن الخامين البرازيلي والأنغولي سجلت قفزة في التسليمات للفترة من مارس/آذار إلى مايو/أيار، في حين تلقت أوروبا نفطاً برازيلياً بين مارس/آذار وأبريل/نيســان أكثر مما تلقته في بداية العام.

وتؤثر الفورة في نشاط الخام الإيراني، الذي يعبر وكأنه نفط من سلطنة عمان والإمارات وماليزيا، على أســعار إمدادات منافســة مثــل النرويجية والبرازيلي­ــة لتدفعها إلى أدنى مســتوياته­ا في عدة أشــهر، غير أنها تعافت بعض الشيء في الأسبوعين الأخيرين.

وفي وقت ســابق، انخفضت العلاوات الفورية لخــام «توبي» البرازيلي للتسليم في الصين في مايو/أيار إلى عشرة سنتات للبرميل فوق سعر برنت في بورصة إنتركونتنن­تال، مقابل أكثر من دولار للبرميل في تسليمات أواخر ديســمبر/كانون الأول، وذلك قبل أن تعاود الصعود إلى ما بين 30 و40 سنتاً

في الأسبوع الماضي.

وقال مصدر ثانٍ لــدى منتج في غرب افريقيا «يبحث الصينيون حالياً عن خام خفيف للخلط مع الخام الإيراني الثقيل» مضيفاً أنهم لم يتمكنوا من بيع سوى شحنتين فوريتين للتسليم في مايو/أيار بأسعار أفضل قليلا مقارنة مع أبريل/نيسان، الذي وصفه بأنه «شهر سيء» مضيفاً «هم لا يكادون قادرين على المنافســة مع نفط إيراني بخصم يتراوح بين ثلاثة وخمسة دولارات من سعر برنت».

وقال مســؤول تنفيذي تجاري ثالث «الصــن لا تريد أن تدفع كثيرا مع كل البراميل الحساسة».

لكــن القفزة فــي الإمــدادا­ت الإيرانية لم تؤثــر على الحصة الســوقية للســعودية، أكبر مُورِّدي النفط للصين، والتي تخــدم قاعدة عملاء مختلفة، وهي شركات التكرير الحكومية والمحطات العملاقة الخاصة في الصين.

وفي الوقــت الذي تتم فيه أغلب العمليات بالعملــة الصينية، وفي بعض الأحيان يعرض المشــترون النهائيون خطابات اعتماد، من المتوقع استمرار تدفقات النفط الإيرانية، لاســيما وأن الشــركات الخاصــة لا تواجه ضغطاً سياسياً يذكر لكي تنسحب من هذا النشاط المربح.

وقال مســؤول تنفيذي تجاري رابع في الصــن «تخيل أنك رئيس مصفاة مســتقلة، كل ما سيتركز عليه اهتمامك هو ما إذا كان النفط رخيصاً بما يكفي، وما إذا كانت محطتك مؤهلة لمعالجته».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom