Al-Quds Al-Arabi

طبيب لبناني يكافح كورونا بالكلاب المدربة

-

■ بيروت ـ أ ف ب: يطمح الطبيب رياض ســركيس، إلى لجم انتشار وباء كوفيد-19 حول العالم... أما ســاحه السري ببســاطة فهو الكلاب المدربة على رصد الفيروس خلال ثوانٍ قليلة حتى في مراحل الإصابة الأولى.

وقد بات مقتنعاً بقدرة الكلاب «أوفى صديق للبشــر»على إنقاذ حياة الناس عبر رصد الإصابات في مراحلها الأولى، فيما قد تخفق فحوص كورونا المعتمدة حالياً في كشفها في الأيام الأولى للعدوى.

ويقول ســركيس: «حين يأتي اليوم الذي نصنع فيه آلة ذات أنف إلكتروني وقدرة عشــرة آلاف مرة أكثر على الشم، يمكننا أن نستبدل الكلاب. أما اليوم، فنحن في حاجة لها».

وقد وضع اهتماماته وشــغفه بالموسيقى والشــعر جانباً، وبات الجراح وطبيب الأورام يقسم وقته للعمل بين لبنان وفرنســا على مكافحة فيروس كورونا.ويشرف سركيس اليوم على الجانب الطبي من مبادرة استخدام الكلاب للكشف المبكر عن الوباء، والذي بدأ العمل بها في مطار بيروت الصيف الماضي. وهو أمضى 12 عاماً في دراسة قدرة الكلاب على رصد أمراض السرطان لمضاعفة فرص العلاج المبكر. ويقول: «حين ظهر كوفيد، فكرت لماذا لا نحاول )استخدام الكلاب( وقد نجح الأمر فعلاً». أجريت الدراسة بالتعاون مع كلية الطب البيطري في منطقة ميزون-ألفور في ضواحي باريس، وهي من أبرز معاهد الطب البيطري ويعود تأسيســها إلى القرن الثامن عشر، فضلاً عن مختبرات وجامعات أخرى. وأتت النتيجة مدهشــة.ويوضح سركيس أن مسحات «بي سي آر» لها «هامش خطأ يصل إلى 30 في المئة، أما مع الكلاب فلا يتخطى خمسة في المئة».

ويســتطيع كل كلب أن يتفقد مئات العينات يومياً ليصدر النتيجة مباشــرة، وكل ما يتطلع إليه هو الحصول على البسكويت أو لعبة.ليس الهدف من استخدام الكلاب استبدال الفحوص الطبية المعتمدة، لكن برغم ذلك جرى اعتماد الكلاب في مطارات عدة حول العالم مثل دبي وسيدني. وأطلقت دول عدة برامج لتدريب الكلاب على رصد الإصابات، مثل روسيا وتشيكيا. في مركز تدريب في بيروت، يدرب كارلو سلمان الكلبين «روكس» و»سكاي». ويقول: «هذان الكلبان هديــة من الله لمحاربة كوفيد».جهز ســلمان المكان علــى صورة المطار، جزء يفصــل الكلاب عن منطقة الفحــوص حيث يُوزع الركاب على حجرتين.يأخذ الركاب بأنفســهم عينة مــن العرق من تحت إبطهم، ويرمون قطعة القطن في علب زجاجية توضع في الجزء المخصص للكلاب.

يشــم الكلاب العلبة بعد الأخرى، وفي حال كانت النتيجة إيجابية يجلــس الكلب على الأرض أمام العلبة في انتظار الحصول على جائزته.خلال أســابيع قليلة، من الممكن تدريب كلاب بوليسية معتادة على رصد المتفجرات أو المخدرات.ويشرح سركيس أن من شأن دقة وسرعة النتائج التي يوفرها الكلاب المساهمة في كبح انتشار الوباء.

ويقول: «فــي انتظار أن يحصل الراكب، المصاب بفيروس كورونا، على نتيجة فحص البي ســي آر، يكون قد دخل إلى البلد، والضرر حصل أساساً» نتيجة اختلاطه بمعارفه.

في استطاعة الكلاب رصد الإصابات في مراحلها الأولى حتى في غياب أي عوارض للفيروس. ويأمل سركيس أن تتم الاستعانة بالكلاب في استخدامات أخرى خارج المطار.

وقد تشــجع ســرعة النتائج منظمي الحفلات أو الأعراس أو حتى المســارح على اللجوء إلى الكلاب أيضاً.ومنذ بدء تفشي الوباء، سجّل لبنان أكثر من 500 ألف إصابة، بينها أكثر من 6700 وفاة.

وشهدت الأشــهر الأولى من العام الحالي معدلات إصابة قياسية بعد أعياد نهاية السنة التي شهدت تجمعات عائلية وأعراســاً وفتح المطاعم والمقاهي. ووصل الأمر لحد أن تخطت مستشــفيات رئيســية طاقتها الاستيعابي­ة.وفي ظل الخشــية من تكرار الوضع، اعتمدت الحكومة أخيراً تدابير إغلاق جديدة فرضت بموجبها حظر تجول تام خلال إجازات الأعياد الدينية، بينها عيد الفصح لدى المســيحيي­ن وعيد الفطر في نهاية شهر رمضان. ويرى سركيس في استخدام الكلاب لترصد عدوى كورونا إنجازاً أساسياً في الدراسات العلمية. ويقول: «إنه ابتكار مدهش، لأنها المرة الأولى التي نبين فيها أن فيروساً تنبعث منه روائح معينة». ويضيف: «ستســتخدم هذه التقنية لرصد أمراض كثيرة في المســتقبل، وللأسف نتوقع أمراضاً قد تكون أسوأ من كوفيد-19».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom