Al-Quds Al-Arabi

بعد عامين على رحيل البشير: غضب نسائي من ضعف مكتسبات التغيير

مشاركة سياسية هزيلة... والحكومة تناقش اتفاقية «سيداو»

- الخرطوم ـ «القدس العربي» ـ من عمار عوض:

رغم مرور عامين على ســقوط نظام عمر البشــير، تشــعر النســاء في الســودان أن التضحيات التي قدمنها خلال الثــورة التي أطاحت الرئيس السابق، لا تســاوي المكتسبات التي حصلن عليها، بعد تشكيل حكومتين لم تتعد مشاركة المرأة فيهما أكثر من 20٪ رغم أن الوثيقة الدستورية تتحدث عن نسبة 40٪. كما أن الأحوال هي نفسها لجهة القوانين التي تمس النساء بشكل مباشر.

رفقة عبد الرحمن، باتت واحدة من أيقونات الثورة الســوداني­ة، نسبة للعمل الــذي يوصف بـ«البطولي» الذي قامت به، حيث كانت تقوم بالتقاط عبوة الغاز المســيل للدمــوع أثناء التظاهــرا­ت وإعادة رميهــا على رجال الشرطة، حتى سميت بصائدة «البمبان».

تقــول رفقة: «الوضــع الراهن لا يشــبه ما خرجنا مــن أجله وضحينا وناضلنا، ثورة اثبتت للعالم أنها ليســت أمرا ســهلا على الإطلاق، وعندما خرجنا كانت مطالبنا كثيرة لكن الوضع الراهن تغير كثيرا، ولكنه لا يعادل أحلامنا ولا التغيير الذي ننشده ولا الوطن الحالي يشبه أحلامنا، نحن كنا نحلم بسودان جديد ومدنية الدولة والديمقراط­ية، وكنا نحلم بسودان بلا فســاد، والوضع الآن يمكن أن يكون أصعب من ذي قبل، ولكن ما زلنا نعمل لهذا التغيير المنشود وثورتنا مستمرة .«

وكان وزيــر الخارجية البريطاني، دومينيك راب، أشــاد بعبد الرحمن، وقال إنه «يســتمد جرأته وشــجاعته مــن الثائرة الســوداني­ة، رفقة عبد الرحمن» وجاء استشــهاده برفقة في معرض حديثه عن مســتقبل العالم ومســتقبل بريطانيا على وجــه الخصوص، في ظل الأخطــار والتحديات الجديدة مثل جائحة كورونا.

اتفاقية «سيداو»

ومســاء الخميس، اســتعرض قطاع التنمية الاجتماعيـ­ـة والثقافية في مجلــس الوزراء في اجتماعه، برئاســة انتصار صغيــرون وزيرة التعليم العالــي والبحث العلمي «اتفاقيــة القضاء على جميع أشــكال التمييز ضد المرأة» (ســيداو( والتي قدّمها أحمد آدم بخيت وزيــر التنمية الاجتماعية. وقد تضمنت الاتفاقية نصوصا أساســية تتعلق بالحريات والحقوق المدنية والسياسية والثقافية وحماية المرأة، وفق بيان صادر عن مجلس الوزراء.

وتابع البيان «من جهة أخرى اســتعرض القطاع بروتوكول حقوق المرأة في أفريقيا الملحق بالميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.»

وشهدت شــوارع الخرطوم في الثامن من نيسان/إبريل الجاري، موكبا ضخما نظمته جماعات ســودانية نســوية، تطلق على نفسها اسم «الموكب النسوي» وانطلق من أمام وزارة العدل السودانية، لينتهي أمام مقر النيابة العامة، حيث ســلمت الناشــطات مجموعة من المطالب الضرورية لإصلاح أوضاع المرأة السودانية.

إلغاء التمييز

وضمــت المطالب حســب بيــان « الموكب النســوي» «إلغــاء القوانين والسياســا­ت التمييزية ضد المرأة، بما في ذلك قانون الأحوال الشخصية، وإلغاء ولاية الذكور، ومنح النساء حق الطلاق والمساواة في الميراث».

كما طالبت الناشــطات أيضا في بيانهن بـ«مشــاركة النســاء في كافة مستويات الحكم بالمناصفة على الأقل، وتعديل قانون الانتخابات، للسماح للنســاء بالترشــح بالإنابة عــن مجتمعاتهن، وليس فقط ضمــن القوائم النسوية».

وطالب البيان أيضا في مجال التشــريعا­ت بـ«تجــريم زواج القاصرات

والزواج القســري، والعنف المنزلي، والاغتصاب الزوجي، وتجريم حرمان الفتيات من التعليم، والتحرش الجنســي في الشارع العام، وأماكن العمل، فضــا عن التوقيع على اتفاقية القضاء على كافة أشــكال التمييز ضد المرأة سيداو ». المعلمة نفيسة الحسين في أمدرمان، قالت لـ «القدس العربي »: «لقد شاركت النساء في الثورة من منطلقات كثيرة بعضهن لغضبهن الجارف من المســائل القانونية التي تمس حركة المرأة في الحياة، ولكن لم يكن هذا هو الهدف الرئيســي بقدر ما كان تغيير الأوضاع المعيشــية والنظام السياسي والتعليمي الخ ...»

وتابعت: «إذا نظرنا للأهداف الرئيســية، نجد أن الدوافع لا تتناسب مع الواقع الذي يتردى بشكل مطرد في كل النواحي، والحكومة عاجزة للآن عن أن تبرهن أن الواقع أفضل من الماضي الذي ثرنا عليه، وهو ما يجب أن نركز عليه حاليا لتغييره، أكثر من تركيزنا على حقوق النساء في السفر وطريقة اللبس والــزواج وغيرها من القضايا التي تطرحها المجموعات النســوية، لأن لا فائدة إن حصلت المرأة على حق الســفر بــدون محرم أو الولاية على نفســها، لكنها لا تجد ما تأكله هي وأبناؤها أو لا تجد وظيفة مثلا، هذه نقطة خلافي مع المجموعات النسوية، نحن نركز على تغيير الكل وهم ينظرون إلى الجزء .»

وعلى العكس من ذلك، تقول الناشطة الحقوقية السودانية المعروفة على نطاق واسع هالة الكارب، وهي تشغل منصب مديرة برنامج «صيحة لنساء القرن الأفريقي» في مقال لها الأســبوع الماضي: «من المهم الانتباه هنا إلى أنَّ وعي النساء بقضاياهن وحراكهن الثوري لا يزال يتطور بشكل منتظم رغم اختلاف تجلِّيات وقنوات هذا التطور والمنصات التي تنشــط فيها النساء. ومن هنا تأتــي أهمية مبادرات مثل الموكب النســوي الذي هو منصة حراك ثوري لحقوق النساء وحقوق المواطنة المتساوية».

وتابعت «أجمل ما في الموكب هو وعي القائمــات عليه الدقيق باختلاف وتنوع الحراك النســوي الســوداني، وبالتالي اختلاف أولويات النضال. وتكمــن أهمية الموكب في فتــح الحوار والجدية في عــدم الوقوع في براثن الخطاب التقليدي الذي يخشى الاختلاف والتشظي».

وأكدت على «الاعتراف وتقدير حقيقة أننــا مختلفون، لكننا متفقون في الديمقراطي­ة وإطار الحقوق مع الاحتفاظ بتفســيرات­نا ومسافاتنا من مجمل ما هو مطروح».

وأضافت «أود أن أقول لناشــطات ونشــطاء حقوق المرأة والمســاوا­ة، الســاعين نحو التغيير في المجتمعات المسلمة التقليدية، إنّنا مُضطرون إلى خلق تــوازن دقيق، ما بين التفاوض من أجل التغيير، وأن نحيا هذا التغيير فنكون قدوة لغيرنــا، بينما نقف في مواجهة الأعراف الاجتماعية التمييزية المتصلة بالدين، والأيديولو­جيات السياســية التي ظلت قائمة لســنوات، لذا علينا أن نتفادى أكثر الأخطاء شــيوعا، وهو عزل أنفســنا عن النســاء الأخريات، وعن قيمهن ومعتقداتهن».

 ??  ?? أرشيفية لسودانيات يتظاهرن في الخرطوم
أرشيفية لسودانيات يتظاهرن في الخرطوم

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom