الاستيطان يسير بوتيرته العالية وتغيير الإدارة الأمريكية لم يكبح نشاطاته
مع استمرار النقل والإخلاء القسري للفلسطينيين وهدم منازلهم
لم يؤد تغيير الإدارة في الولايات المتحدة إلــى أي تأثيــر واضح فــي سياســة دولة الاحتلال، وكبح النشــاطات الاســتيطانية أو البناء الاســتيطاني الــذي يمضي بوتيرة عاليــة. ويقــول المكتــب الوطنــي للدفــاع عــن الأرض ومقاومــة الاســتيطان، إن تلك النشاطات الاســتيطانية تتراجع او تتسارع وفقا لدرجة انحيــاز الإدارات الجمهورية او الديمقراطية لسياســة إسرائيل العامة، لافتا إلــى أنها تتراجــع في حدود معينــة في عهد الإدارات الديمقراطيــة، لتعــود الى الارتفاع والتسارع في عهد الإدارات الجمهورية.
ويؤكــد أنــه فــي كلتــا الحالتــن يدفع الفلســطينيون الثمن، خاصــة وأن الموقف الرســمي للولايات المتحدة من النشــاطات الاســتيطانية تطور في الاتجاه الذي يخدم سياســة ومصالح دولــة الاحتــال، وكان الاســتيطان في الســابق مخالفــا للقانون الدولي ليتحول الى عقبة في طريق التسوية السياسية.
ويشــير التقرير إلــى أن الفــارق واضح ويؤشــر على تراجع فــي موقــف الإدارات الأمريكيــة المتعاقبــة، أمــا في عهــد الإدارة الأمريكية الراحلة برئاسة دونالد ترامب، فقد نال الاســتيطان الإسرائيلي إجازة مرور ولم يعد غير شــرعي أو مخالفا للقانون الدولي، أو حتى عقبة في طريق التسوية السياسية.
وبالنظــر لمــا يــدور حاليا، فــإن الإدارة الأمريكيــة الجديدة ورثت «إرثــا ثقيلا» لكن رغــم أنها عادت الــى لغة أقــرب الى مواقف أمريكية تعتبر الاســتيطان عقبــة في طريق التسوية، غير أنها لم ترسل لحكومة إسرائيل إشارات واضحة تدعوها الى وقف نشاطاتها الاســتيطانية، مــا دفــع حكومة إســرائيل بعــد انتخابــات الجولة الرابعة للكنيســت الى اختبــار ردود إدارة الرئيــس الأمريكي جو بايــدن، علــى مصادقة ما تســمى لجنة «التخطيــط والبناء المحليــة «لبلدية القدس على خطة لتوسيع البناء في المناطق المسماة خارج الخــط الأخضر، وتحديــدا حي «هار حوماه « الاســتيطاني، في منطقــة جبل أبو غنيم مــا بين القدس وبيت لحــم، وهي خطة تقضي ببناء 540 وحدة اســتيطانية جديدة في المنطقة، وتشمل التخطيط لبناء حي آخر
يضم أكثر من 2000 وحدة اســتيطانية لاحقا في منطقة «جفعات هاماتوس.»
والمعــروف أن البناء فــي هاتين المنطقتين ســيعزل فعليًــا قرية بــن صفافا عــن باقي المناطــق الفلســطينية. وتشــير الجمعيات الحقوقية إلى أن التوســيع الاســتيطاني في «هار حوماه» و«غفعات هاماتوس» ســيمنع تقسيم شقي مدينة القدس، الشرقي والغربي، في أي تسوية سياسية مستقبلية محتملة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وللتذكير كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، قد أعلن في مؤتمر صحافي خــاص عــن مخطــط لبنــاء 3500 وحــدة استيطانية شرق مدينة القدس المحتلة، ضمن توســعة المشــروع الاســتيطاني في المنطقة المعروفة بـ « E1» وذلك في ظل تسارع البناء الاســتيطاني والمصادقة علــى مخططاته في عهد الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترمب..
وحين تطــرق التقرير الفلســطيني الذي تصــدره إحــدى الدوائــر التابعــة لمنظمة التحرير، إلى النشاطات الاستيطانية الأخرى التي نفذت على مدار أيام الأســبوع الماضي، ذكر ان جيش الاحتلال أعلن عن الاســتيلاء علــى 13 دونما من أراضي بلدة حزما شــرق القدس المحتلة، لشق شارع جديد،، فيما شرع مســتوطنون بإقامة نواة بؤرة اســتيطانية جديدة غرب مســتوطنة «الحمرا» في منطقة الأغوار الشمالية على بعد كيلومتر واحد إلى الغرب من مســتوطنة «الحمــرا» التي أقامها الاحتلال في سبعينيات القرن الماضي وسيطر حينها على أكثر من 50 ألف دونم، وذلك ضمن مخطــط تهويــدي واضح، للاســتيلاء على مساحات أكبر ومصادرة أراضي الفلسطينيين وتجميــع مســتوطنات الأغوار فــي مدينة اســتيطانية كبرى. وأعاد مستوطنون نصب خيمتين في برية تقوع شرق بيت لحم، بحماية قوات الاحتلال، بعد إزالتهما من قبل أصحاب الأرض قبل نحو أسبوع، ويأتي نصب الخيم والاعتداءات المتكررة بهدف الاســتيلاء على الأرض لإقامة بؤرة اســتيطانية، فيما نصبت قــوات الاحتــال بيتين متنقلين فــي أراضي بلدة عصيــرة القبليــة جنــوب نابلس في منطقة الظهر والمحاذية لمســتوطنة «يتسهار» المقامة على اراضي المواطنين، بهدف توســعة المســتوطنة والاســتيلاء علــى المزيــد من الأراضي، في وقت أخطرت سلطات الاحتلال الإســرائيلي مواطنين بهدم ووقف البناء في 63 منشــأة )خيام للســكن وحظائر ماشية( وطريــق زراعية بطول 3200 متــر في منطقة الرأس الأحمر بالأغوار الشمالية.
ويقــول التقريــر إنــه إذا كانــت حكومة الاحتلال تواصل تحت كل الظروف النشاطات الاســتيطانية بوتائــر تعلــو وتهبــط وفقا للتطورات السياســية الداخلية، والتطورات الدوليــة كذلك، فــإن اســتخدام القوة ضد الفلســطينيين وهدم منازل الفلســطينيين لا يزال يسير بـ «وتائر مرتفعة» وقال إنها تمثل سياســة تنطوي في معانيهــا وأهدافها على «تطهير عرقــي» واضح ليس فقط في المناطق المصنفة في الاتفاقيــات بمناطق )ج( بل وفي مركز الكثافة الحضرية.
واســتند المكتب الوطني إلى مــا جاء في تقرير جديد صادر عــن منظمة العفو الدولية «أمنســيتي» الذي اتهمت فيه المنظمة الدولية الاحتــال باســتخدام القــوة المفرطــة ضد الفلســطينيين في الأرض المحتلة، ما تســبب بفرض إجراءات قســرية، تســببت بنزوح مئات العائلات الفلسطينية.
وأشار كذلك إلى عمليات هدم لمئات المنازل وفرض تمييــز مجحف ضدهــم، علاوة على عمليات قتل واعتقال، قال إنها ما تميز سياسة سلطات الاحتلال التي لا تعرف الكوابح على هذا الصعيد.
وجاء في التقرير في مــا يتعلق بـ «النقل القسري والإخلاء القسري» وهدم المنازل فإن إسرائيل هدمت 848 مبنى سكنيا أو مستخدما بما فيها القدس الشرقية، فتسببت بنزوح 996 فلسطينيا من منازلهم خلال عام 2020. وأشار إلى أن القانون الدولي يحظر هذه الممارسات. وأوضــح أنه في حــالات متعــددة صادرت إسرائيل مباني سكنية وقامت بعمليات الهدم كـ «عقوبة جماعية» وهــي ممنوعة بموجب القانون الدولي.
ولم تقــف الأمور عنــد هذا الحــد، حيث باشرت المنظمات الاســتيطانية الإسرائيلية، بمســاندة الســلطات الاحتلاليــة بعمليات إخلاء قسري للفلســطينيين من منازلهم في القدس الشــرقية. وحســب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنســيق الشــؤون الإنسانية فــإن قضايا إخــاء مرفوعة ضــد زهاء 200 أســرة ما يعــرض 800 راشــد وطفل لخطر النزوح. وعلى هــذا الصعيد أصدرت الإدارة المدنيــة التابعة للاحتلال أوامــر هدم منازل تابعة للفلســطينيين بحجة عــدم الترخيص أكثر بخمس مرات من أوامر هدم للمستوطنين للاعتبار نفسه خلال العام المنصرم.
ويوضح المكتــب الوطني أنه من أصل 187 أمرا بإزالة مبــانٍ جديدة أصدرتهــا الإدارة المدنية فــي الضفــة الغربية منذ عــام 2019 وحتى نهاية عام 159 2020 أمرا لفلســطينيين و 28 أمرا فقط للمســتوطنين. وتظهر بيانات الإدارة المدنيــة زيادة كبيرة فــي عام 2020 في إصــدار الأوامر التي تســمح بهدم المباني الجديدة في المنطقة )ج( خلال 96 ساعة دون إمكانية الاســتئناف. وصدرت معظم الأوامر للفلسطينيين الذين ما زالوا يجدون صعوبة في الحصول على تصاريح البناء.