Al-Quds Al-Arabi

البرلمان التونسي يحذر من تزايد التعذيب داخل السجون: ممارسات نظام بن علي تعود بقوة وإفلات الشرطة من العقاب يفاقم الظاهرة

- تونس-«القدس العربي» من حسن سلمان:

كشف تقرير لهيئة رســمية تونسية عن تفاقم التعذيب داخل الســجون، مشــيراً إلى أن تكريس سياسة الإفلات مــن العقاب بالنســبة لعناصر الأمن يفاقم هــذه الظاهرة، فــي وقــت ندد فيــه نــواب البرلمان مــن عودة ممارســات نظــام الرئيس الســابق زين العابدين بن علــي، داعين إلى وضع حد لهذه الممارســا­ت التي لا تتناســب مع بلد يتمتع بديمقراطية ناشئة.

وخلال جلسة استماع في البرلمان، قال فتحي الجراي، رئيــس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب )رســمية(، إن ظروف الموقوفين في الســجون ومراكــز التحقيق عموماً غير مطابقــة للمعاييــر الدولية، رغم الجهــود المبذولة من قبل الســلطات لتحســينها، مشــيراً إلى أن الهيئة لاحظت اكتظاظاً كبيراً في معظم الســجون، وهناك 5 آلاف سجين فقط )من بين 23 ألفاً( لديهم أسرة.

وأشار إلى أن الهيئة لاحظت "اهتراء في البنية التحتية لمعظــم الســجون، وعــدم احترام شــروط حفــظ الصحة في ظل جائحــة كورونا، وســوء احتــرام البروتوكول­ات الصحيــة ورداءة الطعــام وضعــف الرعايــة الصحيــة ومحدودية برامج التكوين والتأهيل والإعداد للإدماج في المجتمع، مما جعل نسب العودة إلى السجن مرتفعة تصل إلى 40 في المئة لدى بعض أصناف السجناء".

وأضــاف بقولــه: "الظــروف أســوأ بكثير لــدى مراكز التحقيق، لا ســيما في ظل الظروف الصحية التي تعيشها البلاد بســبب فيروس كورونا، حيث تكاد تغيب إجراءات التوقــي في غرف الإيقــاف والاحتفــا­ظ، خصوصاً عقب الإيقافــا­ت التــي أعقبــت احتجاجــات الذكرى العاشــرة للثورة التونسية، مما سبب اكتظاظاً غير مسبوق انعدمت في ظله كل قواعد حفــظ الصحة ورافقته معاملات مهينة غابت فيها الضمانات الأساســية التــي يضمنها القانون لذوي الشبهة".

كمــا نبه الجــراي من خطــورة تواصل إفــات عناصر الأمن مــن العقاب، مشــيراً إلــى أن هذا الأمر ســاهم في تكرار الاعتداءات وتفاقم ظاهرة التعذيب في الســجون، مشــيراً إلــى أن الهيئــة "تلقــت 630 إشــعاراً بخصوص انتهاكات حقوق الإنســان في السجون ومراكز الإيقاف والاحتفــا­ظ، وبعــد التقصي قامــت الهيئة بـــ600 إحالة إداريــة إلــى الســلطات المختصــة وأكثــر مــن 70 إحالــة

سجن المرناقية المدني التونسي قضائيــة إلى محاكم ولايات تونس وبن عروس وبنزرت والقصرين".

وعلّق النائب عن حركة النهضة، محمد القوماني، على تقرير الهيئة بقوله: "ســمعة نظام بن علي تلطخت بدرجة أساســية من خــال تقارير الهيئات المناهضــة للتعذيب، وجلســات الاستماع التي نظمتها هيئة الحقيقة والكرامة )لضحايا التعذيب( يجب أن تبقى عالقة في أذهاننا حتى لا نسمح بتكرارها".

وأضــاف: "التقرير الذي قدمته الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب بالغ الأهميــة لكنه مخيب للآمال. وهو يؤكد أننــا لم ننجح في الوقاية من التعذيب بشــكل ناجع، كما أن التقريــر يتضمن نقائص في ما يخــص حالات الوفاة المشبوهة في السجون ومراكز الإيقاف".

وأشار إلى أن شــهادات الشباب الموقوفين في قضايا المخــدرات والعنــف داخل الملاعــب وأغاني الــراب تؤكد تواصل ممارســات التعذيب والانتهــا­كات التي ينتهجها الأمنيــون، مضيفــاً: "يبقى الإنســان إنســاناً مهما كانت جريمتــه. واســتنكر تصريحــات الأمنيــن بــأن ثقافــة حقوق الإنســان ومناهضة التعذيب ساهمت في انتشار الجريمة".

وأكدت أمل السعيدي، النائب عن الكتلة الديمقراطي­ة، أن عــد الموقوفــن يفــوق عدد المســجوني­ن فــي تونس، مشــيرة إلى أن "ظــروف الإيقاف الــذي يمتد في بعض الأحيــان إلى 14 شــهراً تســاهم في خلــق خارجين عن القانون. كمــا أن التحقيق في تونس يقــوم على انتزاع الأدلــة، وهنــاك انتهــاكات بالجملة لحقــوق الموقوفين وخصوصاً الأطفال منهم، وسوء المعاملة يغرس الحقد تجاه البوليس".

ووصف مبروك كرشــيد، النائب عــن الكتلة الوطنية، ظــروف الاعتقــال داخــل الســجون التونســية بـ"غيــر الإنســاني­ة"، داعيــاً إلى ســن قوانــن نص علــى اعتماد عقوبــات بديلة. كما دعا هيئــة الوقاية مــن التعذيب إلى زيــارة دور الأيام ومراكز التوحــد والإدمان للاطلاع على الظروف التي يعيشها نزلاؤها.

وقال عمــاد الخميري، رئيس كتلــة حركة النهضة، إن أكثر ما يهدد التونسيين هو إيقافهم في قضايا لا تستحق الإيقــاف، داعيــاً إلــى توفيــر جميــع الإمكانيــ­ات المادية واللوجستية لتسهيل مهام هيئة الوقاية من التعذيب.

فيمــا اعتبــر النائــب المســتقل، عدنــان الحاجــي، أن التعذيــب في تونس هو "سياســة دولة وليس ممارســة فردية"، مشــيراً إلى أن حرمان السجناء من الدواء يدخل أيضاً في إطار التعذيب.

وقبــل أشــهر، أثــارت وفــاة شــاب يعاني مــن مرض الســكري في الســجن بعــد حرمانــه من العــاج، موجة اســتنكار واســعة فــي تونــس، دفعت عــدداً كبيــراً من السياســيي­ن والحقوقيــ­ن لمطالبة الســلطات بوضع حد للانتهاكات داخل السجون ومراكز الإيقافات.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom