Al-Quds Al-Arabi

اليمن: الفضائيات تشهد منافسة شديدة على الجمهور في رمضان رغم ظروف الحرب

- تعز – «القدس العربي» من خالد الحمادي:

تشــهد القنوات الفضائية اليمنية منافسة شــديدة على الجمهور اليمني خلال شهر رمضان الفضيل، عبر تسابقها على عرض نوعيات مثيــرة من الدرامــا النوعية والجديــدة في مجالهــا، بالاضافة الى البرامج الفكاهية التي غالبا ما تستقطب جمهورا واسعا من المتابعين خلال شهر رمضان.

وكان هذا الموســم الرمضاني أقوى المواســم منافسة في القنوات الفضائية اليمنية وفقــا لمحللي محتوى وخبراء اعلام، حيث شــهد إضافــة نوعية وجديدة في العديــد من الجوانــب والزوايا التي لم تطرق من قبل، بعضها كان محسوب في إطار المحضور وبعضها الآخر كان غير مطروق لكثرة أعبائه وتكاليفه الباهضة، بالاضافة الى عدم التفات المؤلفين للكتابة في مجاله.

وعلى الرغم أن الكوميديا كانت تعد كلمة الســر في جميع القنوات اليمنية إلا أن الموسم التلفزيوني الرمضاني في اليمن شهد هذا العام العديد من الدراما الجادة ذات البعــد التاريخي، التي تلامس الواقع اليمني الراهن وتحاكيه بطرق إيحائية غير مباشــرة، بالاضافة الى المسلســات والبرامج ذات الطابع الفكاهي التي جــرت العادة انها تشد انتباه الكثير من المشاهدين وتجذب اهتمام المتابعين خلال شهر رمضان.

وتظــل الأيام الثلاثــة الأولى مــن بداية كل شــهر رمضاني فترة حاســمة للتعرف واختيار برامج القنوات من قبل المشــاهدي­ن، حيث يســتقر بعدها الجمهور على متابعة برامج ومسلسلات معيّنة راقت له أو استقرت عنه ذائقته وشــغفه للمتابعة وكانت محطة اختياره لهذا الشــهر، الذي يعد الوحيد الذي يخصصه المشاهدون اليمنيون للمتابعة الأكثر لقنواتهم المحلية لما تعرضه خلال هذا الشهر من انتاج محلي خالص وخاص بها.

وكان جديد هذا الموســم عــودة برنامج الإعلامي الســاخر المثير للجدل محمــد الأضرعي فــي برنامجه الرمضاني )غاغــة( في قناة ســهيل، الذي اختفى العام الماضي لأســباب مالية وسياســية، شهد هذا الموســم اختفاء برنامج الاعلامي الساخر محمد الربع الذي تربّع لثماني مواسم رمضانية على قائمة أفضل البرامج التلفزيوني­ة اليمنية التي تقدم الواقع بقالب فكاهي ساخر، وتنقل خلالها بين قنوات سهيل ويمن شباب وبلقيس في برنامج )صح النوم( )عاكس خط( وأخيرا )رئيس الفصل( وأرجع الربع أســباب هذا الاختفــاء الرمضاني الى تحول برنامجه الأخير )رئيس الفصل 2( الى برنامج أســبوعي على مدار عبر اليوتيوب، ابتداء من مطلع العام الجاري 2021، بدلا من أن يكون برنامجا موسميا سنوية مثل )السمبوسة( كما ذكر، ليكون على تواصل مع جمهوره الواسع طوال العام.

وتربعت قناة )المهرية( حديثة النشأة خلال هذا الموسم الرمضاني على قائمــة أكثر القنوات اليمنية التي قدمت العديد من المسلســات الدرامية والبرامج الأكثر اثارة للجمهور، والتي اســتقطبت انتباههم من اليوم الأول وحظيت برامجها ومسلسلاتها بمتابعة كبيرة وردود أفعال منقطة النظير بين ايجابي وسلبي، مدحا وقدحا، حيث اخترقت العديد من التابوهات المفروضة على الاعلام الرمضاني اليمني وقدمتــه بقوالب جديدة شد انتباه الجمهور اليها.

وقــال المديــر التنفيذي في قنــاة المهرية فهد المنيفي لـ»القــدس العربي» إن «خارطة رمضــان الرامجية تم التخطيــط لها بعناية فائقة لتلبي كافة اهتمامات شــرائح وفئات المجتمــع اليمنــي، اختزلنــا من خــال من 12 برنامجــا تلفزيونيــ­ا حكايــة وأجــواء واهتمامات المجتمــع اليمني في رمضان، في قوالــب ومضامين مختلفة وشــائقة وبأعلى المعايير الفنية».

وذكر أن هذه البرامج تنوعت بين الدينية والترفيهيـ­ـة والاجتماعي­ــة والإنســان­ية والثقافية والتأريخية، بإنتاج درامي نوعي وعالي الاحترافيـ­ـة، يحاكي واقــع المجتمع اليمني وقضاياه وهمومه ويعبر عن تطلعاته واهتماماته في الداخل والخارج.

ويعد مسلســل )عيال قحطان( التاريخي الذي تبثه قناة «المهريــة» من أبرز وأقوى المسلســات التي أنتجت لقناة يمنية حتى الآن، بواســطة مهارات وخبــرات يمنية وأردنية، والــذي يحاكي الصراع والاحتراب الراهن فــي اليمن بصيغة صراع قبلــي في الماضي وتدخل قوى وعوامل خارجية شــكلت تأثيرا كبيرا على مسار الصراع المحلي.

كما يعد مسلســل «رحلة ذهاب» أحد المسلسلات النوعية في قناة المهرية التــي تلقي الضوء على تفاصيل حيــاة المهاجرين واللاجئين والنازحين اليمنيين العالقين في الخــارج، منذ اندلاع الحرب الراهنة في اليمن في 26 آذار /مارس 2015، والمعانات التي واجهتهم منذ ذلك الحين.وكان برنامج «أقيال حول الرسول» من أكثر البرامج اثارة في قناة «المهريــة» الذي يتحدث عن القبائل اليمنيــة منذ بداية الخليقة الذين عاصروا وســاندوا الرســل والأنبياء، فــي محاولة تأصيلية لتاريخ القبائــل اليمنية ودرها في دعم الأديان الســماوية، لدحض التيار الهاشــمي الذي يتدثّر به الحوثيون في اليمن حاليا للسيطرة علــى الحكم بذريعة أنهــم الأحق بالحكم بناء على عرقهم الســالي بحجة انتسابهم الى سلالة الامام علي أبي طالب.

وكان مثــار الجدل فــي هذا البرنامــج هو الســند التاريخي غير الموثوق الــذي اعتمد عليه معد ومقدم البرنامج المغمور في تســليط الأضواء على التاريخ اليمني القديم من قبل شــخص غير متخصص في هذا المجال والذي وقع فــي أخطاء تاريخية فادحة في نظر العديد من النقاد.

أما قناة «يمن شــباب» فقد حاولت اســتقطاب الجمهوري اليمني من خلال مسلســلها الدرامي النوعي «ليالي الجحملية» التي نسجت اسمه من أحد أبرز الأحياء العتيقة في مدينة تعز، على غرار المسلسل الدرامي العربي الشــهير «ليالي الحلمية». ويرى متابعون ان اختيار القناة لتســمية «ليالي الجحملية» يعد اختيــارا مثيرا وعامل جذب لاســتقطاب الجمهور، نظــرا لعوامل الاثارة والأســاطي­ر التي كانت تحكى عن حي الجحملية في المخيّلة اليمنية. وكان بطل هذا المسلسل الممثل اليمنــي المثير للجدل فهد القرني بالاضافة الى الممثلين ســالي حمادة وعامــر البوصي وآخــرون، وهو من إخــراج العراقي فلاح الجبوري.

وتبث «يمن شــباب» أيضا مسلســات أخرى ذات طابع كوميدي منها مسلسل «كابتشينو» من بطولة الممثلين الفكاهيين صلاح الوافي والفنان محمــد قحطان، بمشــاركة مجموعة من نجــوم الكوميديا اليمنية.

وأما قناة بلقيس فتحاول اســتقطاب المشاهدين من خلال برنامج «حيث الا نٕسان» الذي يبث للموسم الثالث على التوالي ويستهدف هذا البرنامج الذي يقدمه المذيع سامي السامعي، مساعدة المجتمعات المحلية والا فٔراد في احداث تغييــر ملموس في حياتهم، ويجمع بين الفائدة والجائزة والعمل التعاوني والخيري، وفقا لما ذكره لـ»القدس العربي» مدير عام القناة أحمد الزرقة.

وأوضح «ركزنا في هذا الموسم الرمضاني بشكل كبير على المشاريع التي يستفيد منها الاطفال والنساء وقطاع التعليم وعدد من المشاريع التي من شا نٔها مساعدة الناس في تغيير نمط حياتهم».

وذكــر أن الجديد في الخارطــة البرامجية في قناتــه هو برنامج «ليالي بلقيس» وهو برنامج سهرة ثقافية فنية ترفيهية بمشاركة عدد من الفنانين اليمنيين الشــباب وفرقة فنية متميزة، ويقدمه اثنان من مذيعي القناة هما افنان توركر وسالم باحمران، بالاضافة الى برنامج «الشــاهد» وهو عبارة عن حلقات توثيقية لســيرة حياة ا شٔخاص عاصروا الا حٔداث الهامة في التاريخ اليمني الحديث.

أما بقيــة الفضائيات اليمنية فقد كانت برامجها تقليدية جامدة، لم تحظ بأخذ نصيب وافر من المشــاهدة الرمضانية، نظرا لأنها لم تعط خصوصية برامجية لهذا الشــهر، الذي جرت العادة أن يكون غزيرا بالبرامــج الكوميدية الخفيفة الظل والمسلســا­ت القويــة والمثيرة لاهتمام الجمهور.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom