Al-Quds Al-Arabi

فرنسا تطلق مبادرة مريبة لإخراج المرتزقة من ليبيا تجعل «فاغنر» الروسية آخر المنسحبين

بالتزامن مع إطلاق حفتر لعملية عسكرية في الجنوب

- طرابلس – «القدس العربي» من نسرين سليمان:

مــع اقتراب موعد الانتخابــ­ات المحددة في 24 كانون الأول/ ديســمبر المقبــل، ما زال حفتر وكعادته يبحث عن مرمى لأعيرته النارية، وعن مبرر لصنع هجوم جديد يزيد عن طريقه من نفوذه ويضاعف سيطرته ليضمن الســيطرة حتى وإن جرت الانتخابــ­ات على مراكز الاقتــراع وعلى رأي الأغلبية بقوة السلاح حسب متتبعين.

التفافة حفتر قبل المؤتمر الجامع ســابقاً وهجومه على مدينة طرابلس وإســقاطه للمحاولات الســلمية لحل الأزمة الليبية تتكــرر مجدداً ولكن الوجهة اختفلت، حيث توجهت أعين حفتر إلى الجنوب الليبي الفارغ أمنياً بعد أن عجز عن السيطرة على الغرب الليبي.

فمن خلال بيان للناطق باسمه، أحمد المســماري، ولما يسميه بالقيادة العامة للجيش الليبي، أعلن حفتر رســمياً، الخميــس، عن إطلاق عملية عسكرية في الجنوب الليبي، للقضاء على الإرهاب على حد وصفه.

وجاء في البيــان أن الغرض من إطلاق هــذه العملية هو القضاء على تواجد المرتزقة الأفارقة الموجودين في الجنــوب الليبي وللمحافظة على أمن واستقرار الوطن على حد قوله.

ووجه المســماري نداء لكافة الكتائب للتوجه للمنطقة لدعم ما أسماها بغرفة عمليات تحرير الجنوب الغربي في الاتجاه الاستراتيج­ي الجنوبي وللمساهمة في تعقب الإرهابيين حسب البيان.

ووصل فعلياً عقب وصول الأرتال المســلحة إلــى الجنوب نجل اللواء المتقاعد خليفة حفتر صدام والذي من المتوقع أن يقود حملته العســكرية في الجنوب.

ويســيطر اللواء المتقاعد خليفــة حفتر منذ عــام 2019 على الجنوب الليبي ويدعي فرضه للنظام والأمن داخله، وقد اســتعان للسيطرة عليه بمجموعة من المرتزقة الأفارقة.

كما أن كافة المرتزقــة الأفارقة التي أطلق عملية لمحاربتهم على حد قوله والموجودين فــي الجنوب الليبي قد اســتجلبوا من قبلــه أثناء هجومه الأخيــر على الجنوب ثــم العاصمة، وقد انســحب هو وقواتــه وتركهم ينشرون الفوضى في الجنوب .

كمــا أن تقاريــر دولية ومحلية عــدة ودلائل وبراهين أثبتــت أن كافة المتواجدين في الجنــوب الليبي من المعاىضة التشــادية قد دعموا بالمال والعتاد والسلاح من حفتر سابقاً نظير حصوله على المساعدة اللازمة في الدخول إلى العاصمة طرابلس.

تنصل جديد يحــاول حفتر أن يصنعــه أمام المراقبين على المســتوى الدولي والمحلي مع اقتــراب الانتخابات واقتراب مؤتمر برلين حول ليبيا، محاولاً إقناع كافة الأطراف بأن مرتزقة الجنوب لا يتبعونه وأنه سيقضي عليهم هم والإرهاب.

هذه المحاولات تزامنت مــع مناورات دولية وخطــط لإخراج المرتزقة الأجانــب من ليبيا، خطط وضعت عليها مجموعة من علامات الاســتفها­م بســبب قيادة فرنسا لها وبسبب الترتيب اللامنطقي الذي وضعته فرنسا لخروج القوات، حيث وضعت الفاغنر في أخر القائمة في ترتيب الخروج ما أثار الشكوك والريبة .

فقد اقترحت فرنســا على مجموعة من الدول، أبرزها الولايات المتحدة وتركيــا، خطة لإخــراج المقاتلين الأجانــب من ليبيا، نشــرتها صحيفة

بوليتيكو.

وقــد حددت الخطة جدولاً زمنياً مدته ســتة أشــهر يبدأ أولاً بســحب القوات التي دعمت بها تركيا حكومة الوفاق الوطني سابقاً، يليها المرتزقة المدعومون من روســيا ومن ثم القوات التركية النظامية والتي تتكون من مستشارين ومدربين فقط.

الصحيفة كشــفت أن هذا المقترح تداول لعدة أســابيع بين المسؤولين الدبلوماسـ­ـيين في الدول المعنية، وقال المسؤولون إن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، طرح الفكرة مباشرة في الأيام الأخيرة على نظرائه في الولايات المتحــدة وتركيا، كما ناقش ماكرون الخطة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم السبت في اجتماع مجموعة الدول السبع، قبل أن يطرحها

مع الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، يــوم الإثنين في قمة الناتو في بروكسل .

وبموجب خطة ماكرون، ستســحب تركيا أولاً القوات الداعمة التابعة لها الذين أرســلتهم إلى ليبيا في عام 2020، عندما طلبت حكومة طرابلس المســاعدة في صد حصار من قوات حفتر، موضحــة أن هذه الخطوة من الممكن أن تتم في أقرب وقت في 1 تموز / يوليو، وستشــهد المرحلة الثانية سحب روسيا لميليشياته­ا الخاصة من مجموعة فاغنر.

تقترح المرحلــة الثالثة إعــادة توحيد قوات الأمن الليبية المنقســمة، والمنقســم­ة حالياً بين الذين دافعوا عن حكومة طرابلــس وأولئك الذين يقاتلون من أجل حفتر ظاهرياً.

هذه المناورات مــن قبل حفتر والــدول الداعمة لهــم أدخلت في إطار التجهيز للانتخابات، وفي إطار التمويه عن تصرفاته السابقة، وللسيطرة الفعلية والمطلقة على الجزء الشرقي والجنوبي من البلاد.

المحلل السياســي الليبــي والمهتم بقضايــا الجنوب الليبي، موســى تيهوســاي، قال لـ "القدس العربي" إن إطلاق حفتر لعملية عســكرية في الجنوب هي مزدوجــة الأهداف، فمنها مــا يتعلق بالســيطرة على كافة الدوائر الانتخابية في الجنوب، وإبعاد أي شــخص غير موال له قد يفكر في الترشــح للانتخابات المقبلة، وهي محاولــة تهدف إلى انتخاب برلمان مطيع يبقي له صفة القائد العام والتصرف كجســم خارج إدارة السلطات الشرعية.

وتابع أنه وعندما ننظر إلى التجارب السابقة في الجنوب، فإن الهدف الوحيد لكل عمليات حفتر العســكرية التي أطلقها في الجنوب هو ضمان الولاءات فقط، ولم يكن يوماً له علاقة بطرد المرتزقة والمتطرفين.

وأضاف في معرض حديثه لكم أن تنظروا حجم التناقض التي تتســم به علميــة حفتر هذه وكيف أنه يدعي طرد المرتزقــة الأفارقة من الجنوب وهو نفســه من أدخلهم إلى البلاد ويســتعين بهم منذ ســنوات وفي كل حروبه العبثية، كيف يمكن أن يقتنع أي مواطن اليوم خاصة في الجنوب أنه يحارب الإرهــاب أو أنه يحاول إخراج المرتزقة، بينما هو نفســه من أبرز عوامل عدم الاســتقرا­ر في المنطقة وهو نفسه من يشرف على تجارة المخدرات والوقود في الجنوب وكان ســبباً رئيســاً فــي تقوية المعارضة التشــادية التي أطاحت بنظــام إدريس ديبي وفاقمت مشــكلة الإرهاب والجماعات المتطرقة ووضعت الســاحل الإفريقــي كله في المحك وهددته تهديداً أمنياً خطيراً .

ومع محاولة فرنســا الحفاظ على نفوذها في الجنــوب الليبي فقد أكد التزامن بين خطة ماكــرون وعملية حفتر صحة هــذه المحاولة، بل وأثار الغضب والشكوك والريبة، من فرنســا التي كانت وما زالت الداعم الأول لشخص اللواء المتقاعد خليفة حفتر .

 ??  ?? أرشيفية لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر
أرشيفية لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom