Al-Quds Al-Arabi

حسام الحامي: الدستور الحالي لم يعد قادراً على إيجاد حلول لتونس... ولسنا مع حياد الرئيس تجاه الأحزاب

- تونس – «القدس العربي» من حسن سلمان:

قال حسام الحامي، المنســق العام لائتلاف صمود )يضم سياسيين ونشطاء في المجتمع المدني( إن الدستور التونسي الحالي لم يعد قادراً على تقديم حلول للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، مشــيراً إلى أنه حان الوقت لتنظيم استفتاء شعبي حول تغيير النظام السياســي في تونس، كما عبرمن جهة أخرى- عن رفضه الدعــوات التي تطالب الرئيس قيس ســعيد بالحياد تجاه الأحزاب السياسية، مشيراً إلى أن الرئيس لا يمكن أن يقف على نفس المســافة بين الأحزاب الديمقراطي­ة والفاسدة.

واعتبر أن تعيين القضاة في مناصب سياسية يؤثر سلباً على اســتقلالي­ة القضاء، كما دعا إلى تخليص هيئة مكافحة من سيطرة الحكومة، والإسراع باستبدالها بهيئة دستورية مستقلة، وأشار أيضاً إلى أنه من حق العسكريين المتقاعدين الانخراط فــي العمل السياســي، بشــرط أن يقوموا بذلك كمواطنين مدنيين وليس كعسكريين سابقين.

وقال الحامــي، في حوار خــاص مع "القــدس العربي": "تقدمنا أخيراً بمبادرة تهدف للدفع نحو اســتفتاء شــعبي مباشر كحل لتغيير النظام السياسي في تونس، وجاءت بعد محاولات عدة للخروج من الأزمة السياســية الخانقة التي تعيشــها تونس، وخاصة بعد تعطل مقترح الحوار الوطني الذي تقدم به اتحاد الشغل، وبعد تلاشي إمكانيات الإصلاح من الناحية الدســتوري­ة لأن الدستور التونسي لم يعد قادراً على تقديم حلول للخروج من الأزمة الحالية، وهذا ما يقوله جميع خبراء القانون الدستوري".

وأضاف: "بعد استشــارة عدد من الأحــزاب والمنظمات المدنيــة حول الدفع نحو الاســتفتا­ء الشــعبي عبر عريضة يمضيها عــدد كبير من المواطنين في تونس، نقوم بسلســلة من المشاورات لتحديد ملامح هذه العريضة والخطوات التي سنقوم بها، من خلال تنظيم اجتماع للإعلان عن إطلاق هذه العريضة أو تنظيم لقاءات في الجهات أو نصب خيام في عدد من الولايات لإمضاء العريضــة، ونرغب أن تكون العريضة ممضاة من قبــل أكبر عدد ممكــن من الأحــزاب والمنظمات والقوى الوطنية".

وفيما يتعلق بدعوى عدد من الأطراف السياسية لإجراء انتخابات رئاســية وبرلمانية مبكرة، قــال الحامي: "نحن لا نرى جدوى من هــذا الأمر في هذه المرحلــة، لأنه إذا وقعت انتخابات وفق هذه المنظومة وتم تشكيل برلمان فسيفسائي يحمل لنــا الرداءة والانتهازي­ة وشــكوك حول مشــروعية النواب الذين وصلوا للبرلمان عبر النظام الانتخابي النسبي، فضلاً عن عجزهم عن تكوين مجموعة تحكم وتنفذ مشاريعها وتكون متناغمــة ولديها تقارب في التصــورات والبرامج، فســنجد أنفسنا في وضعية تشــبه تلك التي نعيشها اليوم أو ربما أكثر خطورة وتشــتت واستحالة في حوكمة الدولة. بمعنــى أنه قبل إجراء الانتخابــ­ات، لا بد من إصلاح النظام السياســي -وهو أولوية قصوى- وخاصة نظام الحكم ثم النظام الانتخابي وقانون الأحزاب والجمعيات وغيرها من قوانين حوكمة النظام السياسي".

وحــول تقييمه لأداء الرئيس قيس ســعيد والذي تتهمه بعض الأطراف السياســية بـ"عدم الحيــاد" تجاه الأحزاب السياسية، قال الحامي: "لدينا اختلافات عديدة مع الرئيس ســعيد، ولكننا نرى أن الرئيس لا يستطيع أن يكون محايداً ما بــن الأحــزاب الديمقراطي­ة والأحزاب الفاشــية وما بين الأحزاب النظيفة والأحزاب الفاسدة، ولا يمكنه الحياد تجاه دعوات الإرهاب والفكر الظلامي المتشدد. ففي البرلمان هناك أطراف تمثل منظومة الفساد وأخرى تمثل منظومة الإرهاب، ومن حق الرئيس أن يأخذ مسافة من هؤلاء كي يقوم بدوره وهو حامي الدولة التونسية والدستور".

ودعا الحامي لتخليص هيئة مكافحة الفســاد من سيطرة الحكومة، مشــيراً إلى أنه "لا يمكن أن تكون الهيئة ورئيسها تحت رحمــة رئيس الحكومــة، في حين أن هــذه الهيئة في الديموقراط­يات الحديثة تعمل نوعاً من التوازن، فهي تراقب السلطتين التنفيذية والفساد داخل الدولة، وإذا كان رئيس الحكومة هو من يعين ويعزل رئيس الهيئة فستصبح الهيئة بلا معنى. كما أن التعيين الأخير المشــبوه لرئيس الهيئة من قبل رئيس الحكومة أضاف المزيد من نقاط الاســتفها­م على جدوى هذه الهيئة. ونحن دعونا في أكثر من مناســبة لحل هذه الهيئة كي لا يتم اســتخدامه­ا كمطية من قبل الســلطة التنفيذيــ­ة كما حدث خــال حكم بن علي، وننتظر تشــكيل الهيئة الدستورية لمكافحة الفساد، ولو أن اختيارها من قبل النواب مباشــرة يثير أسئلة حول استقلاليته­ا، وهذا ينقص من مصداقيتها وقيمة الدور الذي ستؤديه".

وكان مجلــس القضاء العدلــي قرر أخيــراً إنهاء إلحاق القضاة برئاســتي الجمهورية والحكومة، وهــو ما اعتبره البعض بمثابة "انتفاضة" لممثلي العدالة ضد الطبقة الحاكمة في البلاد.

ورحب الحامي بهــذا القرار الذي اعتبــر أنه "خطوة في الاتجــاه الصحيــح، بمــا أن الديمقراطي­ة هــي الفصل بين الســلطات وتوازن بينها، فــإذا كانت الســلطة التنفيذية تســتعمل قضاء في مناصب والقضاء لديهم القدرة للذهاب لمناصب عليا في الدولة فسيجدون أنفسهم داخل التجاذبات السياســية وقريبين من هذا الطرف ضد الآخــر وأجنداته، وهذا القــرار يكرس دولــة القانون والمؤسســا­ت. فتعيين القضاة في مناصب سياســية ســيؤثر على اســتقلالي­تهم، ويجب أن نعمــم التجربة على القضاة الإداريين والماليين كي يكونوا في منأى عن التجاذبات السياسية".

وفيمــا يتعلــق بالجــدل المثار حــول مبــادرات أطلقها عســكريون سابقون لإنقاذ البلاد، قال الحامي: "لا نرى منعاً من أن يقوم أي مواطن تونســي له كامل حقوقه السياســية في إطلاق مبادرات سياســية أو الانخراط في المجتمع المدني أو غيــره، ولكن دون اســتعمال صفته كقيادي ســابق في الجيــش، فبهذا يبدو وكأنه اســتثمار لصــورة الجيش في العمل السياســي وهو عمل خطير )بقطــع النظر عن فحوى المقترحات التي ســيتقدم بها(، يعني لــه الحق بطرح كامل تصوراته كمواطن فقط وليس برتبته السابقة في الجيش".

كما اعتبــر الحامي أن قيام نواب مــن حزبي قلب تونس والنهضة بالاعتصام أمام مكتب قاضــي التحقيق والمطالبة بإطلاق ســراح رئيــس حزب قلــب تونس نبيــل القروي "يوضح للمواطن التونســي بأن السلطة التشريعية لا تعمل لخدمة البلاد وإنما في مصلحة قياداتها. وهذا تدخل ســافر في القضاء وضغط من الســلطة التشــريعي­ة على السلطة القضائية وتداخل بين هذه الســلطات، وهذا يعطي ضبابية حول إمكانية نجاح الانتقال الديمقراطي في تونس".

وأضاف: "ونحن نعتبر هذه الحادثة انتكاســة للمســار الديمقراطـ­ـي، وخطوة أخرى تؤكد أن المنظومة السياســية الحالية )الأحزاب والشــخصيا­ت السياسية( آيلة للسقوط ولــن تتحمل هزات أكثر، فالمواطن التونســي يــرى انعدام المســاواة بين المواطنين الذين تتعلق بهــم قضايا، فالمواطن الذي يمتلك المنصب تحميــه المنظومة -حتى لو أراد القضاة القيــام بعملهم- أي أن المنظومة الحالية تحمي الفاســدين، فهناك عدد كبير مــن النواب لديهم ملفات لدى القضاء ووقع طلب رفع حصانة عنهم، ولكن رئاســة البرلمان تحميهم ولم تتم إحالة أي ملف على الجلسة العامة للنظر فيه".

وكان القضاء التونســي قــرر أخيراً الإفــراج عن نبيل القــروي، والذي كان يقضي عقوبة الســجن بتهمة تبييض الأموال والتهرب الضريبي، وهو ما قوبل بردود فعل متفاوتة داخل الطبقة السياسية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom