Al-Quds Al-Arabi

اضطراب الشيخ

-

وبهذه المناسبة، مناسبة «بيد أن» فإن «فيسبوك» يذكرني بمنشور كتبته في مثل هذه الأيام من العام الماضي عندما اســتخدم عبد الفتاح السيســي هذه العبارة: «بيد أن» فصحت صيحة الشــيخ محمد حسين يعقوب، عندما جاءته البشارة باكتساح قوائم التيار الإسلامي في الانتخابات بعد الثورة: «الله أكبــر.. إنها غزوة الصناديــق» ذلك بأن هذا الاســتخدا­م لـ «بيد أن» كشف تطورا ملحوظا في خطاب السيسي، ســيكتمل حتماً عندما يصل إلى «لا سيما»!

هل بدا الشــيخ في شهادته مضطرباً؟ ربما، لكن لا يمكن أن نخفي أنه جاء للمحكمة بقرار ضبط واحضار، وأن القاضي لم يعامله على أنه شــاهد، فقد بدا أمام المشاهدين أنه متهم، لا يدري ماذا ينتظره، مع أن القاعدة الأصولية التي تقول بحماية الشــاهد، وألا يضار بشــهادته، وهي معاملة لم تكن من نصيب الشهود في القضايا السابقة، الذين عاملتهم المحكمة بإجلال وتوقير!

وســنذكر هنا ســريعاً، حتى لا نخــرج عن الاختصــاص الوظيفي لهذه الزاوية، كيف أن المحامي العام وممثل الادعاء في قضية «الناجون من النار» ماهر الجندي، أراد احراج الشاهد الشــيخ صلاح أبو إسماعيل، والذي قال بكفر الحاكم الــذي لا يحكم بما أنزل الله، وعلى الفــور تدخل الجندي، ظناً منه أنه ســيدفع به إلى زاوية الاحراج والاضطــرا­ب: «هل تقصد أن القيادة السياسية في مصر كافرة» ليكون الرد صاعقاً ومزلزلا: «سيادة المستشار أنا أقول لك إن حسني مبارك كافر»!

وشعر المستشار الجندي أنه من دفع بغبائه مبارك لهذه «الورطة» فخرج يدلي بتصريحات للصحف بأنه ســيحاكم صلاح أبو إسماعيل على ما قال، ليرد عليه فــي الصحف أيضاً: «ألا يعلم هذا المستشــار الجهول أنه لا يضار كاتب ولا شــهيد» وذكر مواد قانون الإجراءات الجنائية التي تحمي الشاهد من أن يضار بشهادته!

هذا الجو غير المريح للشــيخ يعقوب، كان منذ الســؤال الأول: لماذا تبدأ دائماً حديثــك بالصلاة على النبي؟ وهو ســؤال غير موفــق، ولهذا وجده القناص الماهر بقناة «الجزيرة» أنه يســتحق الابراز فــي هذا اليوم، ورأته أصواتــاً في القاهرة أنه الغــرض، دون أن يؤاخذوا القاضــي على مثل هذا السؤال، وقد خرجت الشــهادة منذ السؤال الأول عن اطارها، فلم نعرف إن كان الشيخ شاهداً أم متهماً؟!

عندما طلب الدفاع عن المتهمين شــهادة الشــيخ حســن يعقوب، لم يكن لأنه أمير التنظيم، أو مفتي المتهمين، أو لزيادة أعدادهم من اثني عشــر متهماً ليصبحــوا به ثلاثة عشــر عضوا، إنمــا لتلمس براءة من وصفــوا اعلامياً «بخليــة داعش إمبابة» وقد قالوا في معــرض نفيهم لأن يكونوا من داعش، أنهم فكراً )وليس تنظيما( ينتمون لأفكار الشــيخان: محمد حسان، ومحمد حســن يعقوب، ومن هنا فكل ما قاله يعقوب من أنه ضد التكفير، وضد ضد قتل ضباط الشرطة والجيش، انما يمثل قرينة لعدم ادانة المتهمين، فليس في الأمر تنكراً لهم كما قالت الدعاية المضادة، فلا هو يعرفهم، ولا هم ادعوا صلة به، فقط صلة فكرية!

لكن التربص بالشــهادة كان من قبل الجميع، ومن تحالف قوى الشــعب العامل، لدرجة التحريف، فلم ينف أنه ســلفي )كما تردد( بل قال إنه سلفي وعلى المذهب الحنبلــي، وإذا كان قد ذكر أنه حاصل على دبلوم المعلمين، فلم يســبق له أن ادعى غير هذا، ومعظم شيوخ السلفية لم يتخرجوا في الأزهر، وإذ تم قصر الحديث فــي الدين عليهم، فإن من يتخطــون الرقاب للحديث فيه في القنوات التليفزيون­ية المملوكة لأهل الحكم، ومن إبراهيم عيســى إلى خالد منتصر، إلى اسلام البحيري، لا يجوز لهم الحديث في الدين وفق هذه القاعدة، فهل يوافق النظام العسكري؟!

لقد احتشدت القنوات التلفزيوني­ة لتســفيه يعقوب، ومن «صدى البلد» إلى «دي إم ســي» قناة المخابرات، إلى «تن» قنــاة الإمارات، في حملة لها ما بعدها!

«إن الموضوع فيه إنَّ»!

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom