مروءة عربية لحكومة بينيت لابيد وأمنيات بالنجاح
علــى ضــوء مشــهد تشــكيل الحكومــة الإســرائيلية الجديدة، الــذي لا "بهجة" فيه، كان من المفترض، منطقياً، أن تدرك السياسة العربيــة ومنها الفلســطينية، عــدم الاحتفاء بالمتغيرات الشــكلية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبــة، ولا تلتفت إليها كمــا لو كانت في بــرج عاجــي منخلع عــن الواقــع، خصوصاً بعــد تجربــة مريــرة مــن أوهــام الســام والمفاوضــات، لكــن مــا حصل، وللأســف، ذهب في اتجاه مختلف.
الدبلوماسية العربية
ما تبقى من الدبلوماســية العربية أصبح عاجزاً بعد تعثرٍ طويل، فمن يرى في التوليفة الحكوميــة لنفتالــي بينيــت ويائيــر ليبيــد، كفرصة لتهنئة المؤسسة الصهيونية الفاتحة عهدها بمســيرة الأعلام الصهيونية باقتحام القــدس والمســجد الأقصــى، وبالعــدوان المتواصل على الشــعب الفلســطيني وأرضه ومقدســاته، يــدرك أن البديهيــات التــي لم تتغير في أي حكومة إســرائيلية من التهويد لــأرض والبنــاء الاســتيطاني ومصــادرة المنــازل والأراضــي والعــدوان والقتــل والحصــار وممارســة إرهــاب الدولــة، إلى عــدم الاعتراف بالحقوق التاريخية للشــعب الفلسطيني والتي تشــكل النقيض الناسف للفكرة الصهيونية.
ابتهــاج عواصم عربية، بتشــكيل حكومة عــدوان جديــدة فــي إســرائيل وإرســال الأمنيــات لها بالنجاح والاســتعداد للتعاون معهــا، هــو المتغيــر فــي دبلوماســية عربية الانحنــاء للعــدوان والتطبيــع معــه، تترافق مع إعلاء شــعار لــوم الضحية الفلســطيني، ابتهــاج لــه طعم الــذل والعــار، والتســاؤل الأبرز الذي يطرق الرؤوس طرقاً، يدور حول
أهــداف تهنئــة أنظمة قمعيــة للاحتلال على انجاز "حكومته" المتمحورة على بقاء وابتكار طــرق الســيطرة والعــدوان علــى الشــعب الفلســطيني، وعلــى إعــادة صــوغ ترتيبات أمنية وسياسية عربية وإقليمية، تساهم في اسقاط صيغة النضال الفلسطيني في خانة "الإرهاب" وإدانته، في اســتلهام قديم جديد للتصورات والخطط الاستراتيجية الأمريكية الإســرائيلية للمنطقة العربية المتململة بفعل الثورات العربية.
الخط السياسي الكفاحي
بعدمــا أكــد الشــعب الفلســطيني، مدى تمســكه والتفافــه حــول الخط السياســي الكفاحــي في الســاحة الفلســطينية، وظهر ذلــك جلياً فــي المواجهــات الأخيــرة في كل مــدن فلســطين التاريخيــة وفــي القــدس والضفــة وقطاع غزة، لتأكيــد التصميم على النضال ومواجهة السياســات الاستعمارية الصهيونية في فلســطين، وبعدما استعادت فلسطين رايتها في عواصم القارات الخمس كقضيــة تحــرر وطنــي ضــد نظــام الفصل العنصــري فــي إســرائيل، يحــاول النظــام العربي المتصهين أن يشكل لوبيا من منظومته القمعية لمــد شــريان حياة جديد لإســرائيل التي مــا تزال تحتــل الأراضي الفلســطينية والعربية، وترفض الانســحاب منها، وتعلن صباح مســاء رفضهــا "مبادرتهم" للســام بعدمــا مزقــت كل أوراق أوســلو فــي وجه موقعيهــا، فأي معايير ومفاهيم تحكم تفكير المهنئين لإسرائيل غير الذل؟
المشهد العربي
فــي القــدس، كان المشــهد الآخــر مــن المشــهد العربــي، ذلــك المشــهد العصي عن الترميــز، حيــث وقاحة الجريمــة والعدوان
في ســلوان والشــيخ جراح وبــاب العمود، تطيح ببهجــة عربية مُذلــة لأصحابها، وفي عواصم الابتهــاج العلني، وافتضــاح عملية التثمير السري المنطوي على دعم الاستبداد والطغيــان، بدا معهــا الســفور واضحاً، من تهنئة "بقيام إسرائيل" ومن أعيادها العبرية وأســاطيرها التلموديــة، ومن عجــز ومخازٍ عسكرية وأمنية منشــغلة بقتل مئات الآلاف في شــوارع ومــدن عربيــة، ومــن الاعتراف بــكل أشــكال التزويــر والنهــب التاريخــي لممتلكات أصحاب الأرض وتاريخهم ونعتهم بأوصاف مســتعارة من قاموس المســتعمر، تتزاحم أنظمة التصهين العربي نحو ما تبقى لها مــن واجبــات مباركة الســطو والعدوان التقليدي، كأنها قائمة مقدســة في شــهامة الأنظمة المتصهينة
التمنــي العربي لحكومة "إســرائيل" بزعامة تحالف بينيت لابيد، بالتوفيق والنجــاح، تعنــي مســاندة للمشــروع الاســتعماري الصهيوني في فلسطين وأمنيــات النجــاح أن تكســر الحكومة الصهيونيــة شــوكة أصحــاب الأرض والتاريخ والحضارة، هكذا تمهد مروءة التصهين العربي لزعزعة وتدمير عمق الصراع، وهكــذا يتوهم المتحالفون مع المشروع الصهيوني في النظام العربي المهترئ، ولكن هل هذا ممكن؟
هل ممكــن أن يحــل ويعيش الاستســام والانبطــاح العربــي على حســاب إدامة عمر الاحتلال والاستعمار والاذلال؟
هــذا هــو الســؤال ولــن يغيــب أو يلغــي مضمونــه كل برقيات التهنئــة وكلمات الود واللطف والابتســام والحزن التــي يتبادلها عرابــو التصهــن مع مســتعمر ينظــر إليهم بفوقيــة توراتيــة وتلمودية "كأغيــار" يجب إبادتهم.