Al-Quds Al-Arabi

إذا كان نتنياهو الفيروس فبينيت الطفرة الأكثر فتكا

- *

إذا كان رئيــس الحكومة الإســرائي­لي الســابق بنيامــن نتنياهو هــو فيروس كورونــا الأصلــي، فإن رئيــس الحكومة الجديــدة نفتالــي بينيــت هــو الطفرة الجديــدة، الأكثر فتــكا. وتاريخه وتاريخ الكثيــر من أعضاء حكومته شــواهد حية علــى ذلك، ونذكّر فقط بأســماء بعض هؤلاء الوزراء حتى لا ننسى أفعالهم وتاريخهم الأسود الملطخ بدماء الفلسطينيي­ن، لاسيما الأطفال منهم، في الضفة وغزة.

من هؤلاء الوزراء، على ســبيل المثــال لا الحصر، جدعون ســاعر زعيم «أمل جديد» المنشــق عن الليكود، ويقف إلى يمين نتنياهــو، خاصة فــي ما يخــص القضية الفلســطين­ية. وهو مســتوطن ويعيش فــي مســتوطنة الداد جنــوب بيت لحم. زئيف الكين، عنصري ومواقفــه متطرفة في ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويرفض حل الدولتين.

أيليت شــاكيد من حزب «يمينا» العنصري الفاشــي الأكثر حقدا وكرها للعــرب، وهي من وصفت الأطفال الفلســطين­يين بـ»الثعابين الصغيرة» واتهمت الأمهات الفلسطينيا­ت بـ»تربية أطفالهن ليصبحوا شــهداء للعنف» ودعت «للإبادة الجماعية» للشعب الفلسطيني.

أفيغدور ليبرمان زعيم حزب «إســرائيل بيتنــا» طالما هدد بتدمير الســد العالي في حال قدمت مصر الدعم للفلسطينيي­ن.. وقال خلال انتخابات 2015، إن «العرب غير الموالين لإســرائيل يســتحقون قطع الرأس بالفأس». ويصر على تمرير قانون في الكنيست يســمح بإعدام الأسرى الفلســطين­يين المدانين بقتل إسرائيليين. ويبقى كبيرهم بينيت سيد الفاشيين والعنصريين، فهذا فعلا جاء من تحت إبط نتنياهو وتربى وترعرع سياســيا على يديــه، فقد عمل مديرا لحملتــه الانتخابية، واحتل الكثير من الحقائب السياسية والوزارية في عهد نتنياهو، كان آخرها وزير الحرب، وتفوق على راعيه في التطرف والإجرام،

فبينيــت هو من تفاخر علنا بقتل العرب، واســتعداد­ه لقتل المزيد، فقال من على منصة الكنيســت «قتلت أنا شخصيا عددا كبيــرا جدا من العرب خلال حياتي، ولا توجد لديّ أي مشــكلة في مواصلة قتل العرب.. يجب قتل الإرهابيين الفلســطين­يين، وليس إطلاق ســراحهم». ومن أقواله أيضــا «الضفة الغربية ليست تحت الاحتلال، لأنه لم تكن هناك دولة فلسطينية هنا». وبينيت هو من يتبنى خطابا دينيا يمينيا قوميا فاشيا عنصريا متشددا. وبينيت يؤيد الاســتيطا­ن بشدة، كما يؤيد خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، ويُعتبر من أشــد المعارضين لقيام دولة فلسطينية بأي شكل من الأشكال.

فلا تتفاءلوا كثيــراً بـ»حكومة التغييــر» ولا تعولوا كثيرا عليها. فستســير على خطى حكومة نتنياهــو، إن لم يكن أكثر تطرفا، فباكورة قراراتها تثبيت قرار الســماح بمسيرة الأعلام الاســتفزا­زية الاســتيطا­نية الصهيونية في القدس الشــرقية المحتلــة، الداعيــة إلى قتــل العــرب، التي اضطــرت حكومة نتنياهو لإلغائهــا في10 مايو الماضي، بعدمــا صدقت المقاومة وعدها، ودكت أولى صواريخها أطــراف القدس الغربية. ومن مخططات هذه الحكومة وقراراتها المتعلقة بالفلسطيني­ين داخل الخــط الأخضر، وفي الضفة الغربية والقــدس المحتلتين، قرار تمديد العمــل بقانون المواطنة العنصري، الذي يمنع لم شــمل الفلســطين­يين من الضفة الغربية، المتزوجــن من داخل الخط الأخضر وما ينطوي عليه مثل هذا القانون من ظلم وعنصرية، يطال نحو 45 ألف أسرة. وقد لا ينجح هذا المشروع بفضل نواب المعارضة بقيادة نتنياهو، الذين يريدون إسقاط الحكومة.

وفــي صفعة خاصــة موجهة إلــى رئيس القائمــة العربية الموحدة عبــاس منصــور، الذي لــولا دخوله فــي الائتلاف الحكومي، لما رأت هذه الحكومة النور، لا تنوي الحكومة احترام التزاماتها للحركة، خاصة فــي موضوع هدم المنازل في النقب، وحسب يائير معيان، مدير عام ســلطة تطوير النقب وتوطين البدو، فإن وقف الهدم بالنقب، وهو أحد مطالب القائمة العربية الموحدة الرئيســية، لن يتم وسيســتمر الهدم كالمعتاد، وأن لا معنى لاتفاقات الحكومة الجديدة مع رئيس القائمة «الموحدة». وقال «قوات إنفاذ القانون ستســتمر بالعمل كالمعتاد، والاتفاق مع منصور عباس ليس له أي تأثيــر في النقب، لأنه لا يتضمن «البناء الجديــد» وكل موضوع الهدم متعلق بالبناء الجديد في النقب، ولذلــك لا يوجد للاتفاق أي تأثير فــي النقب». وينص برنامــج الحكومة الجديدة، على ما يســمى تعزيز موقع مدينة القدس عاصمــة لدولة إســرائيل، من خلال نقــل جميع مقار الوزارات وأقسامها والمؤسســا­ت الحكومية إلى المدينة». وأقر البرنامج «تعزيز البناء الاستيطاني في المدينة، وتحويلها إلى ما يسمى عاصمة ديناميكية وعصرية، وترسيخ مكانتها كمركز للحكم في فترة وجيزة «بعد نيل الثقة.»

وجدير بالتذكير أن الاتفاقية العامة للائتلاف الحكومي التي وقع عليها عباس باســم «القائمة الموحدة» تشمل في الأساس بنداً يقضي بتوســيع وتوطيد الاســتيطا­ن في القدس المحتلة، وبندا آخــر، يوحي بنيــة الحكومة فرض ما تســمى «الخدمة المدنية » على العرب.

وإذا كان هناك ما يمكن وصفه تجــاوزا بالإيجابي، بمجيء هذه الحكومة هو إقصاء نتنياهو بعد أكثر من 12 عاما متواصلة في الحكــم. وهذه «الفرحــة» تعكس مدى «قرفنــا» منه، ومن سياســاته، وما قد يعكســه رحيله ســلبا على أنظمة التطبيع العربية، لاســيما الخليجية، وفي مقدمتها نظام محمد بن زايد في إمارة أبوظبي، الذي يمكن أن يكون أكثر الخاســرين، وإن كان شــقيقه وزير الخارجية، أول المباركين للحكومة الجديدة، ربما ليؤكد أن دولة الإمارات دومــا تحتل المرتبة الأولى في كل شــيء تفعله، حتى في المباركة، كما فعلت في موضوع التعامل مع المســتوطن­ات، واســتيراد منتجاتها فــي مخالفة صارخة للقانون الدولي والعربي وقرارات الأمم المتحدة.

والشــيء بالشــيء يذكر، فإن الإمارات احتلت المركز الأول الذي لا ثاني له عربيا، في إرســال طالب للدراســة في جامعة إســرائيلي­ة وهو، منصور المرزوقي، واذكر اســمه حتى يبقى محفــورا في قائمة العار، وتبوأت أيضــا المركز الأول في زيارة

وفد منها لكنيس في مســتوطنه مودعــن عليت غرب رام الله، وتبرعت بســخاء له.. وســفيرها في تل أبيب كان أول ســفير يطلب مباركــة أحد الحاخامات. لكن كل هــذا التملق من محمد بــن زايد وزمرته قد لا يفيده بشــيء، بعد أن كشــفت صحيفة إسرائيلية، عن وقوع أول احتكاك بين حكومة بينيت وأبوظبي، جراء قــرار لوزيرة البيئة الإســرائي­لية الجديدة تمار زندبرغ من حزب ميرتس اليســاري، طلبت فيه إلغــاء مذكرة التفاهم للتعاون لنقل النفــط الخام والمنتجات النفطية من الخليج إلى الأســواق الغربية، عبر خط أنابيب إلى إسرائيل. وعزاؤنا لبن زايد أنه لا يــدوم إلا الدايم، هذا لا يعني القــول إن العلاقة مع إســرائيل قد تدهورت، أو قد تنتهي ولكنها لن تكون كما كانت عليه في عهد صديقه نتنياهو.

وأختتم بقول المطران عطا الله حنــا «نحن لا نتوقع تغييرا في إســرائيل لأن الذي يحكــم هناك، هو العقليــة الصهيونية العنصرية الإقصائية الهمجية، التي كانت ســببا في كل ما حل بشعبنا من نكبات ونكســات، أما الذي يجب أن يتغير فواقعنا الفلسطيني والعربي». وأضيف أن واقع الحال يؤكد أنها حكومة للتوسع الاســتعما­ري الاستيطاني، وحكومة لضم المنطقة «ج» وحكومة لتسريع استكمال مشروع تهويد مدينة القدس وطمس معالمها الوطنية الفلسطينية والتاريخية الإسلامية والمسيحية، وتكريس ضمها وتحويلها إلى عاصمة لدولة الاحتلال. وما كان التوقع أن تأتي تشكيلة الكنيست الجديدة بحكومة أقل تطرفا.

وتبقى الكرة في الملعب الفلسطيني بجميع لاعبيه من يسار إلى يمين ومن ديني إلى علماني، وسياساتهم الحالية والتعامل مع الأوضاع بردات الفعل، التي تنتهي بانتهاء الحدث، وهذا لن يحقق تقدما في قضيتنا الوطنية، وهذه السياســات هي التي أوصلتنا إلى المأزق الــذي نحن فيه، فبدون إعــادة النظر في جميع هذه السياســات والمخططات وأساليب النضال لمواجهة الاســتيطا­ن والتهويد في الضفة والقدس والحصار المفروض على قطاع غــزة منذ 14 عاما، وتواصــل النضال بزخم حقيقي وهجومي مدروس، وليس بردات الأفعال، فإننا سنستيقظ من سباتنا على واقع جديد لن نجد فيه قدسا ولا أقصى ولا مناطق «ج» ولا ما يحزنون.

بدون تواصل النضال بزخم حقيقي مدروس، وليس بردات الأفعال، فإننا سنستيقظ من سباتنا على واقع جديد لن نجد فيه قدسا ولا أقصى

كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom