Al-Quds Al-Arabi

خطر العودة لما قبل الهبة المقدسية والانفراد بغزة!

- ٭ كاتب من مصر

■ يــرى مراقبــون أن الحلحلة التي شــهدتها مباحثات القمــة الأمريكيــ­ة الروســية في جنيــف الأربعــاء الماضي ‪2021( 06/ 16(/‬ فتحــت ثغرة في جــدار المواجهة الأمريكية الروســية، وقد تؤدي لانفراج نسبي في قضايا أخرى معلقة في «القارة العربية » وتفتح بابا لتســويات مرحلية؛ مطلوبة ولو فــي حدها الأدنى، وهذا ما لا تقبل به الحركة الصهيونية والحركات العنصرية المثيلة في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا واســترالي­ا ودوائرهم، وهم رعاة مركز قاصم لظهر العرب، وهو في شكل دولة مدججة بالسلاح التقليدي والنووي حتى الأســنان، وقد تبدو هــذه الحلحلة من قبيل التمنيات، ويشــجع عليها حالة المهادنة الهشــة الجارية بين حكومات عربية وأبــواب مواربة فُتِحت على تركيا وتأثيرها على أمن ليبيا وسوريا ومصر وتونس، مع إمكانية فتح ثغرة في جدار التعنت الإثيوبي، وســعيه إلى مصادرة مياه النيل الأزرق، وبيعــه لدولتي المصب، والتمهيد لنقلها لفلســطين المحتلة )إسرائيل(.

وما يهمنا الآن هو الوضع الفلســطين­ي بشكل عام ووضع غزة بشكل خاص، المرشحة للانفراد بها من تل أبيب وإرهابها الدموي المعهود، وآلتها العسكرية الجبارة، التي تحصل على أحدث ما في الترســانة الغربية؛ بلا حساب أو ضابط، وهذا يُســعِد المطبعون والمصهينون العرب والمســلمو­ن وغيرهم، الذين لم يهنــأوا براحة مما تصوروه «صداع فلســطيني»؛ ليس له علاج، ولا مناعة قد توفرت له بعد للشفاء من صداع مزعوم، بينما هم سرطان حقيقي؛ يجسده استيطان مستمر وعدوان دائم؛ أشد وطأة من أكثر الأمراض فتكا.

ونوالــي البحــث فــي أمــر تأجيــل إجتمــاع الفصائل الفلســطين­ية بالقاهرة، أو بالأحرى إلغائــه، وقد بدأ أعماله بالفعل ليومين، متصلين، وتأجل لأجل غير مسمى، واعتمادا على ما قال به ســفيان أبــو زايدة قيــادي بـ«تيار الإصلاح الديمقراطـ­ـي» إن الإلغاء «جاء بعد تغيــرات فرضتها نتائج العــدوان الأخير على غــزة، وما رافق ذلك من تمرد شــعبي فــي القدس والضفــة، وإن مــا كان يصلح لإضاعــة الوقت وإبقــاء الوضع على ما هو عليه لم يعد يُجدي الآن.. والحالة الفلســطين­ية لم تعد الحلول الترقيعية لها تجدي نفعا، وأن تغييرًا جذريًّــا يجب أن يحدث؛ له علاقة بــالأداء والهياكل والأشــخاص» والعــودة لخيــار الانتخابات التشــريعي­ة

والرئاســي­ة والمجلس الوطني أصبحت ممرًا إجباريًّا لإعادة بناء النظام السياسي الفلســطين­ي. وقبل حدوث ذلك، فإن الأشخاص والمؤسسات والمسميات فقدت شرعيتها القانونية والشعبية، على حد تعبيره.

ولم تكن كل الأسباب قد تكشفت وقت نشر مقال الأسبوع الماضي، وفي تعليــق عليه لافت للقارئ منــاب كنعان، وقد يكون اســما مستعارا، واللافت فيه ما نقله عن حركة حماس في قولهــا؛ «ما كان مطروحــاً قبل 10 مايــو الماضي، لم يعد صالحــاً الآن» وأضَافَتِها لشــروط ورؤية جديدة من ســبع نقاط، أشــار كنعان لثــاث منها هي: 1 ـ مشــاركة الرئيس شــخصيًا فــي اجتماعات القاهــرة.. )أتصــوره يقصد أبو مازن(.. 2 ـ تشــكيل مجلس وطني جديد خلال ثلاثة أشهر.. 3 ـ ترتيب وإصلاح منظمة التحرير. من خلال تشــكيل قيادة وطنية مؤقتة للشعب الفلسطيني.

وذكر أن )إســرائيل( وضعت في المقابل عقوبات لم توجد قبل الحرب، وحَصَرها في ست عناوين:

1 ـ منــع المنحــة القطريــة، والبحث عن آليــة جديدة لإدخالها.. 2 ـ تقليص عدد السلع. وكمياتها.. 3 ـ منع إدخال السلع ذات الاســتخدا­م المزدوج. وتحذير مصر من إدخالها.. 4ـ منع إعادة الإعمار إلا بشروط.. 5 ـ غلق المعابر أمام البريد والتصدير.. 6 ـ تقليص مساحة الصيد إلى 6 أميال، )كانت في السابق 15 ميلا ـ الكاتب(!!.

وأنهى كنعان تعليقه بالتالي: «ما يؤلم أنهم يريدون قطف نتائج الحرب من الســلطة الوطنية، بينما تعيد )إسرائيل( الأوضاع إلى ما هو أســوأ، ويجب أن تكــون هي الهدف من نزع نتائج الانتصار منها. وعلى الأقــل بإعادة الأوضاع كما كانت قبل الحرب.. وادعى أن نتائج الحرب كانت سيئة على الوحــدة الوطنية، وعلى الأمل في تقــارب وطني نحو إنهاء الانقســام» على حد قوله، وأرى أن مثل هــذا التقييم يصب في صالح تل أبيــب، التي تعمل على إعــادة إحكام الحصار على غزة، وتســتهدف المقاومة، وتشــرع فــي تدمير القطاع على رؤوس ســاكنيه، البالغ عددهم أكثر من 2 مليون نسمة (2020( يعيشــون علــى مســاحة 365 كم مربــع، طولها 41 كم، وعرضها بين 5 و15 كم، ومحصورون في ذلك الشــريط الضيق.

وأرجعت مصادر أخرى الإلغاء إلى ضعف فرص النجاح،

والوصول للنتيجة الملموسة، وإلى اتساع الفجوة بين منظمة فتح وحركة حماس، وانحصــرت خلافاتهما في نقطتين لهما علاقة بالمصالحة، وبملف إعــادة الإعمار، بجانب «اعتراض حركة فتح على دعوة 3 فصائل من غزة لتشــارك في الحوار، وهي: لجــان المقاومة الشــعبية، وحركة الأحــرار، وحركة المجاهدين. وكانت مصر قد اســتجابت لاعتراض حركة فتح، في حين لم تتوقف حماس كثيرا أمام هذا الأمر. حســب نفس المصادر..

وأساس اعتراض فتح على الفصائل الثلاث؛ هو اعتبارها تشكيلات موالية لحركة حماس، حيث تأسست لجان المقاومة مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وهي بلا رؤية سياسية على حد قول فتح، وتأسســت «الأحرار» و«المجاهدين» بعد انقســام 2007، هذا وكان مســؤولون من المخابرات المصرية قد أجــروا مباحثات مطولة مع وفدي حركــة حماس وفتح؛ كل على حِدة؛ لتحديد وبلورة القضايا التي يتناولها الحوار وضبط مساره، هذه الجهود وصلت لطريق مسدود، وكانت حركة حماس قــد طلبت البــدء بملف المصالحــة، واعتبار العودة إلى اتفاق فبرايــر الماضي )2021( وإجراء انتخابات متتاليــة؛ انتخابات تشــريعية، ثــم رئاســية. فانتخابات المجلس الوطني، واعتبار العودة لذلك غير ممكنة، وأرجعت الســبب لقرار الرئيس محمود عباس بتأجيــل الانتخابات التشريعية، وكانت مقررة في 22 مايو الماضي.

وطرحــت حركة حماس علــى مصر كدولــة راعية البدء بانتخاب المجلس الوطني؛ لإعادة ترتيب البيت من الداخل، والتوســع في عضوية منظمة التحرير لتصبــح معبرة عن الشــعب الفلســطين­ي، حســب رأي حركة حمــاس؛ بعدها تُجرى انتخابات تشــريعية ورئاســية، وتشــكيل حكومة وحــدة وطنية؛ تتمتــع بصلاحيات كاملة. وبالنســبة لملف إعادة الإعمار رفضت حماس بشــكل قاطــع العودة لآلية ما بعد الحرب )الإسرائيلي­ة( في 2014، بما أحاطها من «شبهات فساد» والبطء الشديد في إعادة الإعمار.

ومن اللافت أن الساســة الغربيين كانوا شــديدي القلق على مســتقبل الدولة الصهيونية وبذلوا أقصى ضغط لوقف إطلاق النار وإعلان هدنة غير مشــروطة، وتم ذلك وتوقفت صواريــخ المقاومة، وهدأت الأحوال مؤقتــا، لكن قوى الأمن عادت ومعها قوات الاحتلال وحشــود المستوطنين، براياتهم

ومنطقهم المستفز للمدنيين أينما حلــوا؛ فــي القــدس ومحيطها وضواحيهــا، وصــولا لغــزة والخط الأخضر، ولم يتعلموا بعد من دروس الهبة المقدسية، وهي تواجه الوحشــية المفرطة، والصلف الصهيوني الزائد، والفصــل العنصري غير المســبوق؛ لأناس هــم في الأصل أصحاب أرض وطلاب حق.

ولن يتغير شــيء في ظل الحكومة الجديــدة، والتغيير للأسوأ؛ حكومة اســتمدت قوتها من دعم اليمين العنصري؛ بكل درجاته.

ولا زال هناك مــن يراهن على مفاوضــات عبثية لمضيعة الوقت، وشــرعية دولية منحازة؛ أضاعت حقوقا مشــروعة وديمقراطية لأصحــاب البلاد الأصليين، ووجد التســويف ضالته في إثيوبيــا وتعاملها مع أزمة ميــاه النيل، وأطالت حبل المفاوضات فتمكنت من الاســتيلا­ء علــى النيل الأزرق، وصادرت حقوق دولتي المصب، مستندة إلى «اتفاق مبادئ»؛ موقع من «المشــير» بطلب من مديرة صندوق النقد السابقة «كريســتين لا جارد»؛ أثناء «مؤتمر دعــم وتنمية الاقتصاد المصري في شرم الشيخ 2015» واستوفت شرطا غير مكتوب لحصول «المشير» على قرض بقيمة 12 مليار دولار في 2016، وتطبيق «اصلاح اقتصادي » بين ‪/2019، 2016‬ وتعويم العملة الوطنية )نوفمبر 2016( وتبعها انخفاض مســتوى المعيشة بمقدار 4٪ ســنويا؛ بنص تقارير الجهــاز المركزي للتعبئة والإحصاء الحكومي)!!(.

وبدا الآن أن لاجــارد لم تكن بعيدة عن كارثة النيل، فبعد موافقة «المشــير» الشــفهية ثم توقيعه على اتفــاق المبادئ إطمأنــت إثيوبيا، وبــدأت بتنفيذ مخطــط تعطيش مصر، وكانت لا جارد قد بعثت في إبريل 2015 بخطاب شــكرت فيه «المشير» ؛ ومعربة عن سعادتها بحضور المؤتمر الاقتصادي، وكان فخا ولم يكن مؤتمرا)!!(.

ومــن الضروري الحرص، وعدم التمــادي في مفاوضات عبثية، وحضور مؤتمــرات دون مصلحــة وطنية، وتفادي الفخــاخ )جمع فخ( كالتي نصبها أبي أحمد بمعاونة لا جارد، ومــن الممكن أن تتكرر مــع كثافة طلبات المشــاركة في إعمار غزة!!.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom