Al-Quds Al-Arabi

الخلافات داخل حزب «الدعوة» تتصاعد: قياديون يطالبون بطرد العبادي والأخير يردّ

مقرب من المالكي: طرح اسم عبد المهدي لرئاسة الوزراء يهدف لتسقيطه

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان: التحام القائمتين لجنة انضباط مرشح محترق

تعصــف الخلافات داخــل حــزب الدعوة الإســامية، بزعامة نــوري المالكي، بين رئيس المكتــب السياســي، زعيم ائتــاف «النصر»، حيدر العبــادي، وقيادات بــارزة في الحزب، على خلفية «تنصّل» العبادي من اتفاق ســابق كان يقضــي بدخولــه والمالكــي منفردين في الانتخابــ­ات التشــريعي­ة الأخيــرة، على أن يجتمعا معاً بعد ذلك.

الاتفاق الــذي يتهم قادة الدعــوة العبادي بإلغائه، أســهم إلى حــدٍ كبير في «تشــظي» الحــزب، وخلــق إمكانية لخســارته رئاســة الوزراء بعد توليــه المنصب لثلاثة دورات )12 عاماً(.

ووجه القــادة الثلاثــة في حــزب الدعوة )عبد الحليم الزهيــري، وطارق نجم، وصادق الركابي( رســالة إلى مجلس شــورى الحزب، أوضحــوا فيه دورهــم «للم شــمل الحزب من جديد»، ومواقف كل من العبــادي والمالكي في هذا الشأن.

وعلــى إثــر ذلــك، رد العبــادي برســالة لـ«شورى الدعوة»، تحدث فيها عن «التسلسل الزمني» للاحداث واللقــاءا­ت التي أجراها مع قادة الحزب في الفترة الماضية.

ونقلت مواقع إخبارية تســريبات لرســالة العبادي، التي أعرب فيها عن «اســتغرابه» من بيان القادة الثلاثة، لافتــًا إلى أن بيانهم «يثير أكثر من علامة اســتفهام، عن توقيته ونشــره فــي المواقع ضمــن الحملة المنظمة لتســقيطنا )العبادي( وتســقيط باقي الدعــاة )مصطلح يُطلق على قادة وأعضاء الحزب)».

ووفقاً للرســالة المنســوبة للعبــادي، فقد أكد الأخير بــأن «اثنين من الأخــوة المذكورين غائبان لأشــهر طويلة، والثلاثة لــم ألتقهم إلا مرة واحدة وبعضهم مرتين، وكأنهم مقاطعون لي ولإخواني القياديين، رغــم رغبتنا بلقائهم وزهدهم بلقائنا».

ودعا القــادة الثلاثة إلــى «ألا يزايدوا على التزامنا بالدعــوة وبخطها، وأن يتركوا طريقة النــأي بالنفس في تحمل مســؤولية ما حصل ويحصــل ســواء على المســتوى الفــردي أو التضامني».

وأضــاف: «ليس مــن عادتــي أن أدخل في مناكفــات مــع أخوة لي كــرام رغــم تحاملهم غير المبــرر ومودتي تجاههــم، ولكن لتوضيح الصــورة الكاملــة وإجلاء الحقيقــة نضع بين أيديكم ملخصا تاريخيا للوقائع والملابسات كي يكون الحكم والتقييم موضوعيا ومنصفا وفي إطار الحل وليس صناعة الأزمة».

وتابع: «كان توجه قيــادة الدعوة أن تنزل بقائمة انتخابية واحــدة، ولكن إصرار المالكي وفريقــه علــى نزولهــم بقائمتهــم والتنظير لقائمتين أدى إلى اختيار القائمتين، وقد ســعت القيادة إلى تقليل أضرار ذلك بعدة خطوات إلا أن عدم الالتزام بذلك إدى إلى تداعيات نشاهد تبعاتها الآن».

وفي 8 كانون الثانــي/ يناير الماضي، قررت قيادة «الدعوة» بحضور كامــل أعضائها، بأن يتبنــى الحزب ائتلافــن انتخابيــن أحدهما «دولة القانون» برئاسة المالكي، والآخر يشترك فيه الحزب باسمه الرســمي برئاسة العبادي، على أن تــروج مكاتب الدعوة للقائمة التي فيها الحزب وتلتحم القائمتان بعد إعلان النتائج.

وبعــد يوم واحــد من ذلك التاريخ، ســجل المالكي حزب «الدعــوة» مع «دولــة القانون» في مفوضية الانتخابــ­ات، في مخالفة صريحة للقرار الذي وقع عليه مع قيادة الدعوة، حسب العبــادي الذي أكد أن في 10 من الشــهر ذاته، كتبت قيادة الدعوة للمفوضية لتغيير التخويل من ممثل المالكي الــى ممثل قيادة حزب الدعوة الإسلامية .»

وبين أن «فــي 11 من كانــون الثاني/ يناير الماضي، سُــجل ائتــاف النصر فــي مفوضية الانتخابات، وهو آخر يوم لتسجيل الائتلافات لدى المفوضية»، وبعد ذلــك بيومين «تم توقيع اتفاق جديد، وذلك بعدم ترشــح حزب الدعوة في الانتخابات لمنع انشــقاق علني في صفوف الحزب، وبذلك ألغى الاتفاق الســابق بســبب مخالفة المالكي وعدم التزامه. الوثيقة الجديدة لم تتطرق الى اندماج القائمتين.»

ولفت العبادي إلى أن «في 12 من الشهر ذاته، تم توقيع اتفاق آخر من قبل قيادة الدعوة، يؤكد تبني ورعاية القائمتين القانون والنصر ويؤكد أن دولة القانون يستخدم مكاتبه، بينما مكاتب الدعــوة تعمل لائتــاف النصر، كمــا ورد في الوثيقة الأولى، لكن لم يتم الالتزام بذلك.»

وفي شباط/ فبراير الماضي، «تم تشكيل لجنة من أعضاء قيــادة الدعوة لمراجعة المرشــحين في قائمــة النصــر، وقبولهم ووضــع برنامج موحد والإشــراف عليه، فيما لم يتم تشــكيل لجنة دعويــة لائتلاف القانــون»، وفقاً رئيس الحكومة الحالي، الذي أكد أن «بعد ظهور نتائج الانتخابات في أيار/ مايــو الماضي، دعا الفتح والقانون لتشــكيل الكتلة الأكبــر في الفضاء الوطنــي، وأن يتم اختيار رئيــس الوزراء في الفضاء الوطني»، فيما «ألــح الصدر والحكيم علينــا العبادي لتشــكيل الكتلــة الأكبر، وهو يمانــع، من أجل إقنــاع الكتل الأخــرى )الفتح والقانون( للعمل سويا .»

وزاد أن «فــي 17 حزيــران/ يونيو الماضي، جــرى التواصل مع المالكي حــول إمكانية دمج القائمتــن. اقترحنا تشــكيل لجنة من الطرفين من أجل التنســيق العالي وتوحيد المواقف أولا باتجاه الاندماج، ويتــم الاتفاق على اثنين من الدعاة من كل طرف»، وبعد يومين فقط «أخبرنا المالكــي بأن ممثليهم لا يجيبــون وليس لديهم علم. بعدها بيوم أكد المالكي جاهزية ممثليه.»

وفي أواخــر حزيران/ يونيــو عقد مجلس شــورى الدعــوة اجتماعــاً، إذ أبلــغ «المالكي الجميع أنه ليس مع اندماج القائمتين»، حسب العبادي.

وأوضح الأخير أن في «الشــهرين الماضيين ألــح الوســطاء عليــه للتحالــف مــع الفتح والقانون، وأن يكون فقط مرشــحان لرئاســة الوزراء؛ هــو والعامــري؛ وأكــدوا أن فرص العامري شــبه معدومة لأنهم لا يؤيدونه وأنهم لن يرشحوا أحدا مقابله».

ورأى رئيــس الوزراء حينهــا أن ذلك يعني «دفع سائرون للمعارضة، وهذا يعني تعطيلهم لعمل أي حكومة، ولهذا فضل العمل مع الجميع، وأن تكون الخطوة الأولى، استيعاب سائرون مع اســتمرار التنســيق مع الفتــح والقانون وتوحيــد الجميع لاحقا، خصوصــا مع وجود مخاوف أن الفتح ســيحاول الالتفاف والاتفاق مع ســائرون لابعاد النصر والقانون كما فعلوا سابقا».

وتطرق العبادي في الرســالة المنسوبة له، للاجتمــاع الذي جــرى في 14 آب/ أغســطس الماضي، والذي تضمن إعــان «الفتح» و«دولة القانون» بأنهم يشــكلون الكتلــة الأكبر، «من دون دعوة ائتلاف النصر ولا الحكمة للاجتماع ولا حتى التباحث معهم».

«القدس العربــي» علمت من مصدر رفيع في حزب الدعوة، جناح ائتلاف دولة القانون، أن رســالة العبادي التي تناقلتها وسائل الإعلام «صحيحة»، مشــيراً إلى تقــديم القادة الثلاثة )الزهيــري، والركابي، ونجــم( طلباً إلى لجنة الانضباط في الحــزب تمهيداً لطــرد العبادي ومؤيديه من الحزب.

وطبقاً للمصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، نظراً لحساســية المعلومات التي قدّمها للصحيفــة، فإن «حزب الدعــوة بعد أن أحس بالخطر الذي يواجهه، بدأ بإجراءات لتصحيح مساره».

وأضاف: «عقب الرسالة التي أرسلها القادة الثلاثة فــي حزب الدعوة إلى مجلس شــورى الحزب، العبادي أيضاً أرسل للمجلس رداً على ما ورد في رسالة القادة»، مشيراً إلى أن «رسالة العبــادي أوردت التسلســل الزمني للأحداث، لكنــه )العبادي( لم يتحدث عــن إصراره على الولاية الثانيــة، وأن يتولى المنصب عن حزب الدعــوة لكن من دون الرجــوع لزعيم الحزب، إضافة إلى إنه لم يذكر أنــه حصل على 4 آلاف صوت فقط في الانتخابات التشريعية الأخيرة )جرت في 12 أيار/ مايــو الماضي( وحوّلها إلى أكثــر من 100 ألف صوت! جميــع تلك الأمور لم يذكرها العبادي في رسالته».

وتابع: «رســالة القيــادات الثلاثــة قدمت لشــورى الدعــوة، والعبــادي رد علــى هذه الرسالة ولم يعترف بخطئه، وألقى اللوم على رفاقه فــي الحزب، وذكر بأنه لم يلتهم ســوى مرتين».

واعتبر أن العبادي «استصغر قادة الحزب، واســتفزهم بإلقاء اللوم عليهم، وهذا ما دفعهم إلى الطلب من لجنة انضباط الحزب محاسبته وطرده». وأكد أن «العبادي انتهى».

وفي شــأن آخر، وحــول مفاوضات تحديد مرشح رئاســة الوزراء والأسماء المطروحة في وســائل الإعلام، لفت المصدر إلى أن «موضوع تحديد مرشــح رئيس الوزراء لــم يتم طرحه حتى الآن، وما يشــاع عن منــح المنصب لعادل عبــد المهــدي غير مطــروح ولا أســاس له من الصحة».

وأضاف: «كتلتا البناء والإصلاح والإعمار، متفقتــان على الالتــزام بشــروط وتوجيهات المرجعيــة في اختيار رئيس الــوزراء القادم»، مبيناً أن «المرجعية تريد شــخصاً ملتزم دينياً، ومستقل دولياً، ومقرب منها، ولا يقلد مرجعية خارجية، إضافة إلى الحــزم والقوة والنزاهة والكفائــة، وأن لا يكــون مســؤولاً تنفيذياً في الحكومات السابقة».

وطبقاً للمصــدر فإن «عادل عبد المهدي تولى منصــب تنفيذي فــي المرحلة الســابقة )وزير النفط الســابق(، وهو مجرب ولــم ينجح في مهمته»، معتبراً أن «الهدف طرح أسم عادل عبد المهدي أنه مرشــح لرئاسة مجلس الوزراء، هو حرقه وتسقيطه لدى الشارع».

وتابع: «سيتم تســقيط جميع الأسماء التي يجري الحديــث عنها مثل ليث كبة )سياســي مســتقل(، وعلي عــاوي )وزيــر الاتصالات الســابق(، لحين الوصول إلى اللحظة الأخيرة التي يتــم فيها طرح طارق نجــم )القيادي في حزب الدعوة)».

وكشــف عن «طرح أســم طارق نجم بقوة كمرشح لرئاســة الوزراء في الفترات السابقة، لكنه كان يرفض تولــي المنصب»، لافتاً إلى إنه «في هذه المرة سيتم إقناعه».

وعمل نجــم مديراً لمكتب نــوري المالكي، في فترة تولي الأخير منصب رئيس الوزراء.

ورغــم عدم إخفاء المصدر وجــود نية داخل حزب «الدعوة» لترشــيح طارق نجم للمنصب، غير إنــه رأى بأنه «ليس مــن مصلحة الحزب الإعلان عن ذلك في هذا التوقيت، حتى لا يلاقي مصير عبد المهدي». كذلك، أقرّ المصدر بصعوبة اتحاد تحالفي «البناء» و«الإصلاح والإعمار»، لكنه رجّح أن تمضي الأمــور «بالتوافق بينهما على منصب رئيس الوزراء والكابينة الحكومية الجديدة»، موضّحاً أن «العامري يريد أن تكون هناك توافقيــة في اختيــار المناصب، وتحديد وزارات كل تحالــف والطلــب منهــم الإتيــان بمرشحيهم».

وأكد أن «الحديث ينصب الآن على رئاســة الجمهورية، ولم يجر الحديث عن مرشح رئيس الوزراء».

 ??  ?? نوري المالكي
نوري المالكي
 ??  ?? حيدر العبادي
حيدر العبادي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom