Al-Quds Al-Arabi

«نيويورك تايمز»: الشرق الأوسط في حاجة لقرارات صعبة للتقدم نحو السلام

-

«القطع المحطمة للســام في الشــرق الأوســط» هذا مــا وصف به المعلق توماس فريدمــان المنطقة في مقاله في صحيفة «نيويورك تايمز» بمناسبة الذكرى الأربعين على توقيع اتفاقية كامب ديفيد التي يقول إنها كانت العلامة الكبرى لصناعة الســام في الشرق الأوسط: «كم سقطنا منذ ذلك الوقت وهذا يجعلني أبكي».

فبدلا من حدوث تقدم يبدو الفلســطين­يون والإســرائ­يليون وكأنهم يتجهــون رويداً رويــداً نحو الانفصــال. فبدون تقدم جــدي فالحكم الفلســطين­ي القائم مهما كان شــكله ســينهار وعلى إســرائيل تحمل المســؤولي­ة الكاملة عن الصحــة والتعليم والرفــاه الإجتماعي لـ 2.5 فلسطيني في الضفة الغربية. وعندها يجب على إسرائيل أن تقرر الإطار القانوني الذي ستحكم الضفة الغربية من خلاله إما دولة ثنائية القومية أو دولة تمييز عنصري وكلاهما «كارثة على الديمقراطي­ة اليهودية» كما يقول فريدمان.

ويضيف أن الكثير الأطراف تتصرف بطريقة ســيئة بادئاً بالإشارة إلى حركة حماس التي تدير غزة ويقول إنها تواصل استراتيجية الفداء البشري وترســل موجة بعد موجة من المحتجين إلى السياج الحدودي مع إسرائيل بدون هدف وأحياناً بدون أن يلاحظها أحد. و»هذا مخجل».

«لعنة»

ويقول إن حماس كانت «لعنة» على الفلســطين­يين. ففي الوقت الذي كان مفتاح أي تقدم فلسطيني نحو الحل مع إسرائيل هو إشعار الأخيرة بأنها آمنة ولكن غير آمنة أخلاقياً بسبب استمرارها في احتلال الأراضي تقوم حماس بعملية حفر لا تنتهي للأنفاق والهجمات الحدودية وبدون أن ترفق بعرض لحل الدولتين بشكل تجعل من إسرائيل غير آمنة ولكنها راضية أخلاقياً عن استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية.

أمــا رئيس الوزراء الإســرائي­لي بنيامــن نتيناهو )بيبــي( فيقول فريدمان إنــه كان اســتراتيج­ياً بارعاً فــي مواجهة إيــران والتعامل مع روســيا في ســوريا. وفي الجانب الفلســطين­ي لم تكن لديه سوى اســتراتيج­ية علاقات عامة «فهو يســتخدم كل ملكاتــه العقلية ليقنع أمريكا بأن الطرف الفلسطيني هو المسؤول عن غياب التقدم في العملية الســلمية، وبدون أن يقدم بديلاً جديداً أو قديمــاً أو افكاراً حول كيفية الإنفصال عن الفلســطين­يين لكي يتجنب خيار الدولة ثنائية القومية أو دولة التمييز العنصري. ويعلق أن نتنياهو سيدخل التاريخ كرجل ربح كل نقاش وخسر إسرائيل كديمقراطية يهودية.

وبالنســبة لدونالد ترامب، فهو ليس أول رئيس أمريكي يتبنى فقط استراتيجية موالية لإســرائيل بل وإســتراتي­جية موالية للاستيطان اليهودي. فمن أجل إرضاء قاعدته الإنجيلية المتطرفة والمتبرعين اليهود الكبار مثل شــيلدون أديلسون قام بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلــى القدس بدون الطلب من إســرائيل تقديم ثمن لما قدمه لها. بشــكل يعطي «فن التخلي» بدون أي مقابل. وهو الآن يقوم بإلغاء برامج الدعم الأمريكي للفلسطينيي­ن خاصة التعليمية والصحية كعقاب لهم على عدم التفاوض على خطة جارد كوشنر التي لم تتضح ملامحها بعد، في وقت التزم فيه بالصمت تجاه الإستيطان الإســرائي­لي المستمر في الأراضي الفلسطينية.

«حبس الأنفاس»

وعن الســلطة الوطنية في رام الله يقــول فريدمان إنها على ما يبدو تبنت استراتيجية «سأحبس أنفاسي حتى يصبح لون وجهك أزرق» من الغضب. وترفض التفاوض مع فريق ترامب على قرارات ترامب الفردية الحمقاء ونقله السفارة وشــعورها بالإحباط من عدم تلقيها أي شكر لا من إسرائيل أو الولايات المتحدة بسبب تعاونها الأمني في الضفة.

وفي الوقت نفســه كشــف اســتطلاع في آذار/مارس أجــراه المركز الفلســطين­ي للبحوث السياسية والمسحية أن الســلطة الوطنية مثقلة بالفســاد. ويعتقد فريدمان أن السلطة بحاجة إلى استراتيجية وبشكل ســريع لأن اســتراتيج­ية التحدي ولعب دور الضحية لا تعمل. كما أن الوضع القائم يضر بالفلســطي­نيين مع أن كل طــرف يتحمله في الوقت الحالي، وعليه فالسلطة بحاجة للعودة إلى طاولة المفاوضات.

ويقدم فريدمان اقتراحات للسلطة، منها أن إدارة ترامب تتحدث عن دعم حلفائها العرب للخطة، لكن هــؤلاء لن يدعموا خطة لا تفي بالقدر الأدنــى من المطالب الفلســطين­ية. وبدورهم لن يرضى الفلســطين­يون بالحد الأدنى هذا بدون غطاء عربي.

ويطالب فريدمان محمــود عباس بالذهاب لحلفــاء ترامب الأربعة العرب- مصر والسعودية والأردن والإمارات - ويقترح عليهم القبول بشــكل جماعي بخطة ترامب وكوشــنر حالة شــملت الخطة معيارين: الدعــوة لدولة فلســطينية متجاورة لا مجموعة مــن الكونتونات غير المترابطة وتمنح الفلســطين­يين نوعاً من السيادة على القدس الشرقية حيث يعيش فيها 300.000 فلسطيني. وعلى السلطة القبول بأن دولتها ستكون منزوعة الســاح. وبهذه الطريقة سيحصل العرب على الغطاء الذي يريدونه لإقناع الرأي العام والفلسطيني­ين على الغطاء للتعامل مع ترامب.

ولو لم تتضمــن الخطة أياً مــن المعيارين فيجب علــى ترامب أن لا يزعج نفســه ويخرج خطته للعلن لأنها ســتموت قبل وصولها للعالم العربي علاوة على الضفة الغربية. وفي حالة تبني فريق ترامب المبادرة الفلســطين­ية- العربية وجعلها جزءاً من خطته فسيجبر نتنياهو على تقــديم تنازلات خاصة أنه لم يظهر أي اســتعداد للتنــازل في موضوع الدولة الفلسطينية وقضية السيادة الفلسطينية على القدس. واستطاع نتنياهو مواصلة عناده بسبب مقاطعة الفلسطينيي­ن المفاوضات.

خيار الرفض

كما أن تبني كوشنر- ترامب المبادرة العربية في مطالب الحد الأدنى ســيضع نتنياهو أمام خيار الرفض بشكل يكشف عن موقفه الحقيقي أو القبول من خــال التخلي عن العناصر اليمينية في حكومته وتشــكيل حكومة تشرف على التفاوض. ويشير فريدمان لتعليق المبعوث الخاص للشرق الأوســط دينيس روس الذي قال إن الفلســطين­يين لا يريدون خســارة ســلطة الحكم في الضفة الغربية. وفي الوقت نفســه لا تريد أمريكا او إســرائيل فراغاً لأن كل الفراغ في الشرق الأوسط يملأ بشيء أسوأ.

ويعلق روس أن المبادرة الفلسطينية العربية بمطالب الحد الأدنى قد تكون أساساً للتفاوض وتعطي الفلسطينيي­ن الغطاء للعودة إلى طاولة المفاوضات والضغط على إدارة ترامب تقديم خطة أكثر جدية أو الكشف عن عدم جدية واشنطن.

ويختــم فريدمان مقالته بالقــول إن أنور الســادات ومناحم بيغن واجها خيــارات صعبة وقامــا بالإختيار. ونحن في هــذه المرحلة مرة اخرى فالبنسبة للفلسطينيي­ن إما العدم او المسالمة.

أما إسرائيل فإما الإنفصال أو دولة ثنائية القومية وتمييز عنصري. وخيار جارد كوشــنر وترامب يكمن في خطة جدية والتعامل بقسوة مع كل الاطراف بما فيها إسرائيل أو البقاء في بيوتهم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom