Al-Quds Al-Arabi

جدل كبير في ألمانيا بسبب ترقية مدير الاستخبارا­ت بعد إقالته والحزب الاشتراكي يحذّر من أن صبره على الحكومة ينفد

- برلين ـ «القدس العربي»

أثار قرار إقالة رئيس حماية الدســتور )الاستخبارا­ت الألمانية( هانز يورغ ماســن من منصبه وتعيينه بمنصب آخر الجدل في ألمانيــا خاصة أن البعض اعتبر قرار الإقالة أتى بمثابة ترقية خاصة أن راتبه سوف يزداد بشكل كبير عما كان عليه، ورأى بعض الساســة أن ذلك القرار بمثابة فضيحة سياســية بعد تهــم بالتواطؤ من قبل ماســن مع اليمين المتطرف.

وانتقــد رئيــس الحــزب الديمقراطي الحر فــي ألمانيا كريســتيان ليندنر بشــدة تغيير منصب هانــز ـ جروج ماســن الرئيس الحالي للهيئة الاتحادية لحماية الدستور )الاستخبارا­ت الداخلية( إلى منصب وكيل وزارة بوزارة الداخلية الاتحادية.

وقال ليندنر لوســائل إعلام ألمانية أمــس الأربعاء: إن «ترقية الســيد ماســن تعد حلا شــكليا نمطيا، إما أن يتم الوثوق به أو لا».

وأعلن وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر أن هانز ـ جيورج ماســن، الذي تم نقله من منصــب رئيس الهيئة الاتحادية لحماية الدســتور )الاســتخبا­رات الداخلية(، سيصبح وكيل وزارة الداخلية المختص بالشؤون الأمنية.

وقال زيهوفــر أمس الأربعــاء في برلــن إن مهام هذا المنصب لا تشــمل الإشــراف على هيئة حماية الدســتور. وذكــر الوزير الألماني أنه لم يتحدد بعد خليفة ماســن في هيئة حماية الدستور، موضحا أن ماسن سيظل في منصبه لحــن اختيار خليفتــه، وقال: «هذا أمر ضروري بســبب الوضع الأمني في ألمانيا».

يذكر أن ماسن تسبب في نقاش حاد حول مدى ملائمته لمنصب رئيس الهيئة الاتحادية لحماية الدســتور، بسبب تصريحــات مثيرة للجدل عن أبعاد أعمال شــغب معادية للأجانب شهدتها مدينة كمنيتس شرقي ألمانيا، حيث شكك في مصداقية مقطع فيديــو يظهر فيه ملاحقة أجانب خلال هذه الأحداث.

وأعلنت الحكومة الألمانية أنه ســوف يتعين على ماسن ترك منصبه فــي الاســتخبا­رات الداخلية، علــى خلفية تصريحاته بشــأن أعمال الشــغب المعاديــة للأجانب في مدينة كمنيتس وســينتقل للعمل كوكيل وزارة في وزارة الداخلية.

وأضاف زعيــم الديمقراطي­ين الأحرار فــي ألمانيا قائلا: «المســرح لا يعرض في النهاية سوى أن الائتلاف لا يمتلك خطــا توجيهيا. هناك في النهاية خاســرون فقط بما فيهم المواطنون الذين لا يمكنهم متابعة هذه المهزلة ســوى بهز الرأس».

وكان الحزب الاشــتراك­ي الديمقراطـ­ـي قد طالب بإقالة ماســن من منصبه على خلفية التصريحات حول أحداث كمنيتس. فيمــا أعلن وزيــر الداخلية الألماني هورســت زيهوفر مساندته لماسن علنا مرتين.

وتوصلت ميــركل وزيهوفر لاتفاق مع رئيســة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أندريا ناليس، مساء الثلاثاء على أن يترك ماســن منصبه كرئيس للمخابرات وينتقل للعمل كوكيل في وزارة الداخلية. ويعتبر نقل ماسن لهذا المنصب ترقيــة له من ناحيــة التدرج الوظيفي المعمــول به داخل وزارة الداخلية.

ورأى شــتيفان فايل، رئيس وزراء ولاية سكســونيا السفلى أن حالة ماسن قد أضرت كثيرا بسلطة ميركل، وقال في تصريح لصحيفة «راينِشه بوست » أمس الأربعاء : «لقد تضررت مكانة ميــركل كثيرا جراء الصراعــات مع قيادة الحزب المسيحي البافاري .»

كما رأى فايل أن هناك أشــياء لا ينبغي للمستشارة أن تســمح بعرضها عليها، وقال إن ترقية ماسن «تلقي ضوءاً سلبيا على موقف هورست زيهوفر ومدى قدرة ميركل على فرض إرادتها .»

في المقابل اتهم أرمين شوســتر، مستشــار حزب أنغيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، شريكه في الائتلاف الحاكم، الحزب الاشــتراك­ي الديمقراطي، بأنه صعد قضية رئيس الاستخبارا­ت الداخلية ماسن بدون سبب مقنع.

وقال فــي تصريح إن المهلة التــي أعطتها قيادة الحزب الاشتراكي للمستشــار­ة لإقالة ماسن، رئيس هيئة حماية الدســتور )الاســتخبا­رات الداخلية( وضعــت الحكومة الألمانية في موقف حرج وغير متناســب مع حجم المشكلة التي تسبب فيها ماسن.

يشار إلى أن تصريحات ماسن التي جاءت خلال مقابلة له مع صحيفة «بيلد» تعــارض ضمنا تأكيد ميركل على أن ما حدث في كمنيتس في الســادس والعشــرين والسابع والعشــرين مــن آب/أغســطس الماضــي كان ملاحقات محمومة لأجانب.

ومــن المنتظر ألا يكون هانز جيورج ماســن مســؤولاً مــن خلال منصبه الجديد عن متابعة شــئون هيئة حماية الدســتور، رغم تأكيد هورســت زيهوفر تقديــره لكفاءة ماســن في الشــؤون الداخلية. وربما كان انتقال ماســن للعمل كوكيل وزارة فــي وزارة الداخلية ترقية له إلى فئة رواتب أعلى.

وأوضحت الحكومة أنها ستعلن في وقت لاحق عن مزيد من التفاصيل بشــأن الاختصاصات التي تنتظر ماسن في منصبه الجديد.

وبشكل عام واجه ماسن، مدير المكتب الفدرالي لحماية الدستور )انتقادات بسبب علاقاته المفترضة الوثيقة جدا مع الحــزب اليميني القومي البديل لألمانيا الذي دخل بقوة عام 2017 إلى مجلس النواب، مســتفيدا من المخاوف التي أثارها وصول أكثر من مليون طالب لجوء منذ 2015.

على الصعيد السياســي، فإن الأزمة حول ماسن ليست سوى تجســيد جديد للضعف السياســي المتزايد لميركل، بينما يبدو أن ولايتها على رأس الحكومة ستكون الأخيرة.

وقد واجهت صعوبات جمة في تشــكيل تحالفها. ومنذ ذلــك الحين تبــدو ميركل مشــتتة باســتمرار بين الحزب الاشــتراك­ي الديموقراط­ي الذي دخل الحكومة بعد تردد، والاتحاد الاجتماعي المسيحي الذي لا يكف عن الاحتجاج على سياستها للهجرة.

ويتطلع الحزب البافاري حاليا إلى انتخابات المقاطعات في 14 تشرين الأول/اكتوبر في هذه المقاطعة المهمة. ويمكن أن يخسر أغلبيته المطلقة أمام حزب البديل لألمانيا.

وفي مواجهة الشلل في العمل الحكومي، ذهبت صحيفة «هاندلســبل­ات» الألمانية إلى حد الدعــوة إلى «انتخابات جديدة» لوضع حــد للجمود. وترى مجلة «در شــبيغل» أن ســلطة ميــركل التي تحكــم البلاد منــذ 2005 «تتبخر تدريجيا».

وغــداة نقل رئيس الهيئة الاتحادية لحماية الدســتور )الاستخبارا­ت الداخلية( من منصبه، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الائتلاف الحاكم إلى الاهتمام بالمشاكل الفعلية للمواطنين في ألمانيا.

 ??  ?? هانز يورغ ماسن رئيس الاستخبارا­ت الألمانية
هانز يورغ ماسن رئيس الاستخبارا­ت الألمانية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom