Al-Quds Al-Arabi

السيرة بوصفها ابتكارا للهُويّة

عن «متاهة الإسكافي» لعبد المنعم رمضان

- ٭ شاعر مغربي

أحاول في هذه الدراســة أن أُقارب عملا غير شعري لعبد المنعــم رمضان، وإن كنت مقتنعا من أن منجزه الشــعري لم يأخذ حقَّه من الــدرس النقدي الجاد؛ وهو ســيرته الذاتية «متاهة الإســكافي». ثمــة مقتضيات نوعيــة وخاصة كانت وراء هذا الاختيار؛ أولاها إبراز نزوع الشــعراء السيرذاتي، وما يترتب على ذلك من خرق صفاء النوع وتداخل الشعري والســردي، وثانيها إثبات قيمة الســيرذات­ي في الكشــف عن مســائل الكتابة عند الشــاعر، وما يتصل فيها بطفولته، وتربيته، وجســده، ورؤيتــه للعالم من لغته وحساســية روحه العارمة.

هل هي سيرة أم تخييل ذاتي؟

عبــد المنعم رمضان في ســيرته «متاهة الإســكافي» لا يكتب ســيرة في تمجيد الذات، ولا أن يدّعي بطولة زائفة، كما في الســير التقليدية التي نعرفها في ميثاقها المرجعي ونظامها الخطي وحبكتها المنمّقــة، وإنما المقصد التداولي الذي كان يوجه خطاب الســيرة أن يكتب «ســيرة إنسان عادي بســيط خالية من أي ادعاء لبطولــة، أو بحث عن مجد شخصي، جعلت الأحداث تكتب نفسها، وأنا أراقب ما يحدث بألفة بالغة». وكما سنرى، فقد تفجّر مفهوم السيرة من تلقاء نفسه على صعد كثيرة داخل العمل على مستوى التلفّظ والخطاب.

رغم الإحالات والتواريخ والأحداث والوقائع المسرودة التي تشــدّ الســيرة إلى مرجعها الحقيقي )حرب اليمن، الاتحــاد القومي، ليلة مــوت جمال عبد الناصر، أســماء الأعلام والأماكن المرجعية، إلخ(، إلا أنها تضيق لحســاب سارد مفتون بتخيلاته واستيهامات­ه وهلاوسه ومجازاته، بشــكل يسمح بالقول إننا لســنا بصدد حياة مكرورة يتمّ اســتعادة مباذلها كما وقعــت، بل نحن أمــام تأليف جديد لحياة أخرى يعاد تأويلها ثانية واســتنطاق تواريخ صمتها وتجاويف حُبْســتها. وتتكون هذه السيرة من ستة فصول، يتقاطع فيها الشــخصي بالجماعي، والســردي بالشعري، وتستعيد حياة الشــخصية التي يتخللها دفق من العواطف والهواجس وأحلام اليقظة والوقائع الســرية مع ما فيها من بوح واعتراف وجراءة وكشف.

بيد أن هذه الســيرة ليســت ســيرة الذات فقط، بل هي ســيرة الأب صاحب الكرامات الذي أضاع نفســه، وســيرة الأم والجــدة والأخت، وســيرة أبناء خؤولتــه وعمومته، وســيرة الصبايا والأصحاب أيام الدراســة والفتوة وفورة الشباب، وهي ســيرة الشعر والجســد ولذاذاته والافتتان بالحكايــة والصــورة ورحلــة المعنى وضياعه، ثم ســيرة البحث عن الهوية المتبدّلة في شرائطها الاجتماعية والثقافية والأخلاقية.

ولهذا، علينــا أن نتأمل تجارب الــذات لا باعتباره حدثا شخصيّا بل واقعة مشتبكة اشــتباك تأثُّر وتأثير بمحيطها، ومن ثم نستكشــف العلاقة المتوترة بين السرد الذي تصف به الذات نفسها وسيرة الذات في مواجهة حاضنتها القيمية الاجتماعية التي تحاول أن تفرض عليها تعاليمها بأيّ شــكل كان.

وقد أحســن الكاتب صنيعــا عندما جنّــس عمله بكونه «ســيرة»؛ هكذا نكرة ومفتوحة على الفــراغ واللانهائي. ثُمّ حين عنون هذا العمل السيري بصيغة تركيب إضافي مفارق وشدّد على طرفه الأول المضاف «متاهة»، على نحو يضع الأنا الســيرذات­ي أو فاعل الخطاب في مواجهة مصيره الشخصي و«نســبه الضائع» الذي يصله بآباء أساطير في مكان بعيد، ويؤكد لديه مسعى البحث والابتكار شبيها بالإسكافي الذي لا يفرّط مع عرامة خياله في بعض النظام وبعض صرامته.

«أذكر كأنّني أحلم»: تخييل وابتكار

يتوارى الأنا الســيرذات­ي خلف لغة أليغورية تكشف عن هذا المســعى الذي يريد مــن خلال اختراع نســبه وولادته الجديــدة، ولكــن منذ أن يقــرّ بلهجته الاعترافية وينشــئ مواقعه الخاصة للتفاوض مع الــذوات الأخرى ومع النظام المحيــط به. يقول: «هكذا في كل ظــام وقبل أن أنام، أعترف مرّات كثيرة أننــي أدركت وخجلت من إدراكــي أنّها تعاليم خائنة وليس فاتنــة، ولكنني كنت أخضع لها الخضوع الذي يشــبه صلاة خلف إمام فأبدو للجميع كما يحلو لهم أن أبدو أو أتوارى إذا نظرت إلى نفسي، فلا أظنّني كنت تعلّمت، بعد، محبّة أن أرى نفســي، أن أتأمّلها، يكفي أنني، ولوقت طويل، عملت مسّــاحا للبيئة التي تحيطني، أحفظهــا دون ترتيب وأمتصّ مباهجها وإن كانت شحيحة.»

إنّ هذا المســعى الذي يحرك الذات بصيــغ متنوعة تبعا لمواضع خطابها التلفُّظية، نشــأ في أول الأمر من كونه عامل شهوة يتشــخّص أمام عيني الطفل ذي الثماني سنوات عبر مشاهد ومباهج حســية، سواء في انغماره بروائح الطبيعة على حافة الترعــة وتحت الظلال وقبالة الســماء الزرقاء، أو في تكرير الألعاب الآلية والشــغف بالورق المكتوب. وقد يســتيقظ في وعيه وجســده من حكايات وســرود عجيبة تجمع بين البذيء والســاخر والعجيب، ويثير فيه محاولة تســمية الأشــياء والشــعور بكينونته وفتوّته، ابتداء من غرفة الجــدة التي نعتها بـــأنّها «حديقة الروح المنســية.» كما أن هــذه الحكايات تتحــوّل في معظمها إلــى مرايا يــرى فيها الأنا نفســه وصورته، مثلما حصل مع «اعترافات» القديس أوغسطين.

في هــذه الســنوات المبكّرة كان خيــال الطفــل/ المراهق اليقظ مُهيّــا ليتلقى قصص الحب والتعلــق والعذاب والتشــفّي والتفكُّــه من أفــواه راويــات ورواة مــن ذوي النســب؛ مــن جدّتــه، وعمته الخضــراء، وأبيــه مصطفــى الــذي قال إنّــه «يجعل من فمه شجرة حكا يــا ت يصعد هــا » ويحرضه أن يبحث عــن الله. كما يســمعها تاليا مــنمحيطها­لذيوجدنفسـ­ـه مندفعا إليه ومتورّطا فيه؛ من حديث أخته وبنات جنســها «الســاخنات» عن متع الجنس وأفانينــه، ومن خطباء أيام الجمع، ولا ســيما من الشيخ طاهر الذي يبهر المصلّين بفنون الخيال واللامعقول، ومن حكاية الكذب التي يجيدها المرسي أحد أترابه في الحيّ.

وبالقدر ذاته، كان على أهبة ليتشــرّب أمشاجا من صور الخلفاء والأولياء المزخرفة، وصور الفتنة وكائناتها البرّاقة التي تعرضهــا عربة الســينما لصاحبها عزّوز، ثُمّ ســينما هونولولو بعد أن توقّفت الأولــى، وأخذ يتماهى مع وجوه بطلات الفيلم وأجســادهنّ أثنــاء اجتيازه فتــرة البلوغ، مأخوذا بسحرها ومُكْتشفا أن «السينما فنّ الإيهام بالواقع، والحياة فنّ الإيهام بالخيال». وتحت تأثير ابن عمّه المتعلّق بأخته، أقبل بشغف على الرســومات، وتعلّم منه أن الرسم «يحتــاج منّــا أن نكون أكثر جســارة». ومن ثَمّــة فقد كان يحرّضه على رفض «الأســاك الشــائكة» التي يزرعها أبوه حولهم. حدث ذلك قبل أن يتحول ابن العمّ نفســه إلى شيخ يدعي تحصُّله على علــوم الغيب ويتبرّك الناس به. وهكذا، تتحوّل هذه الأمشاج من هنا وهناك إلى حياة سرّية موازية تكشــف أمام صراع قوى ورغبات ومصالح بقدر ما تقوي في نفسه رغبة الاســتقلا­ل بهويّته، وإن كان جزء كبير من هذه الهوية تخيُّلات واســتيهام­ات وتوريــات تطفو على الواقع وتغلب أناه الأعلى وتبين عجــزه عن الوفاء للياقات النظام الاجتماعي: «كنت أغــذّي خيالي بفحمــي الداخلي وناري الداخلية، وكلاهما يكفي، كنت أغذيه أحيانا بما لا يليق». فــي تاريخٍ مرجعــيٍّ، أواخر الســتّينيات، يســتعيد أنا الســيرة إحدى المنعطفات الأولى والأساسية تكشف لنا عن بداية تحوُّلها الجذري، وهي تواجــه ذاتها في مرآة العالم: «واكتشــفتُ أننــي مأخوذ، أننــي أُكلّم نفســي، أنني أقطع الطريق وحدي، أن المدرســة إسطبلات مســقوفة يجب أن أختفي فيها، يجب أن أســتدلّ على الملجأ الآمن، صعدت إلى المكتبة». كانت الكتب الأدبيــة من خلال تصفُّحها والإعجاب بأســماء مؤلِّفيها والإمعان في رســومات أغلفتهــا، تثمينا لخزين الصــور الطفولية والافتتان بها. وكان الشــروع فى أولــى محاولات الكتابة شــكلا من البحث عن معنى الذات وقصديّتها وسط التعاليم المفروضة: «كلُّهم كشــفوني أمام نفســي، فتماديت، اســتندت بذراعي إلى كتف ابن خفاجة الجالــس أمامي وكتبتُ الشــعر، واســتندت بقلبي إلى ظلّ المازني وكتبت الشــعر والنثــر، وانصرفت تمامــا عمّا لا أريده». والأهــمّ أن ثمّة وعيا مُبكِّــرا بما تكتبه الــذات، فهي تحافــظ على المســافة بينها وبين من تحاكيه، وهي ترمّم وتُنقّح، وهي تريد أن تحرر طاقاتهــا، بل أخذت ترفض المؤسســة ويــزداد نفورهــا وشــكُّها مــن دورهــا: «لا أحد يعــرف أنني أصبحــت مخبولا تمامــا، أصبحــت لا أثق ثقــة مطلقــة بما أدرســه أو بما أفعله». وكانــت تعبر عــن هذا الرفض بكسلها وتخاذلها عــن القيــام بواجباتهــ­ا المدرســية، ولا تنجح إلا على الحافة. وحتى في غمرة تعلُّقه بأبيــه وإعجابه بمآثــره التي صنعتهــا الأم، إلا أن أنا الســيرة يعــارض أن يكون أبــوه «القدوة الصالحة» له، أو أن يرى فيه صورة صاحبيه الإمام وسعد زغلول، فقرّر أن يستقل بذاته تدريجيّا. ولكن الهوية الناشــئة لم تكن طريقها ســالكة، بل كانت تتعرض، مــن زمن إلى آخر أكثر حدّة، لخلخلة أو لمحكّ يختبر درجة مقاومتها ومداها. وهنا، نشــير أساســا إلى زمانين مخصوصين: الأول انتقالي يأخذ أنا الســيرة من عالم الطفولة الذي كان يتداعــى إلى عالم الكبار، ومعه يشعر بأن والديه يجرّانه إلى هذا العالم بعنف، ليجد نفسه وحيدا في مواجهة جهله بشرائط بلوغه. والثاني؛ نفساني تولّد في غمرة إحســاس الأنا بالوحدة، ولاسيما بعد موت الأم وموت الأب؛ إذ أخذ يســيطر عليها شكل «فوبيا» رهيب يمنعها من الحركة، ويزداد احتدامــا عندما يعني لها القدرة من عدمها: «خائف من كل شــيء، أعي ما أنا فيه، أعي قدرتي وعجزي، العالم ضيّق، العالم يضيق أكثر..». وانطلاقا من ذلك، كانت الذات، لمجرّد شعورها بهذا الخطر أو ذاك تمتحن كينونتها وســؤالها الوجودي، تتحايل على النظام القائم وتهرع إلى الاحتماء بآليّة ما تجد فيها تعويضا وشكلا من الحماية الداخلية. ولعلّ أبرز هذه الآليّات اثنتان: آليّة إشــباع الشــبق وإرواء الغريزة الشــهواني­ة يصل أحيانا إلى حدّ الإنهاك والفوضى، بــا وازع أو رقيب ذاتي. لا تتحايل الذات للاســتماع باللذّة فقط، بل بفقدانها كذلك. يصير الجســم أصلها الكينوني، وينشــد الجنس كأنّما هو في حفلة موســيقى، ويجعل لملذّاته ورغائبه مصنعا للطاقة والخيال وحقلا من التجــارب والاختراعا­ت الصغيرة التي يقتنصها بشــتى فنون فنــون الحب الضائع. لكــن كلّ ذلك التصويت المتصاعد كان يضيع بشهواته، ويحدث في الظلام بلا حبّ.

آلية البوح والكتابة التي أخذت تفرض نفسها منذ اللحظة التي تعــرف فيها الأنا الســيرذات­ي على القصائــد الأولى، وأحبّ الســرد والخيال7 الفانتا.يا والرسم، وغطّت جدران غرفته صــورٌ لأدباء وفنّانات. ولم تلــحّ عليه الكتابة كحالة غير طبيعية وشــرط وجود إلا في ســنوات الجامعة، عندما بدأ يدوّن في دفتره ارتســامات شــغفه بالحيــاة والألوان والأساطير.

وفيما كانــت الآليّة الأولى تفقد بريقها وفعاليّتها تدريجيّا من طرف الذات بضمور قوّتها وفقدان ماء الشهوة ولذاذاتها، كانت الثانية تزداد رسوخا باعتبار شرط وجودها ووظيفتها العرفانية. فلقد تقلّص منسوب الفتوة الذي كان يغمر الجسد في الصبا وفي المراهقــة، ويغري طاقاته واندفاعه العضلي، ليكتشف أنا السيرة «أن حديقة الاشتهاء ضاقت» وأن المحبة قد اتسعت وأصبح لها «ألف طريق وألف طريقة» (ص131،) وربما شعر نتيجة ذلك بـ)عقدة الذنب(، وهو يفقد إنسانيّته.

وفي المقابل، فرضت كتابة الذات، تلقّيا وإنتاجا، نفســها كحالة تعدّت مظاهرها الحســية، لتــدُلّ على علامات صراع تخيُّلــي وروحي يســتوطن الذات بجماعهــا ويحملها على ما تريد أن تكونه أو لا تكونه: «في خيالي أنســجة يخترقها لصوص، فيه يقظة نائمة، فيه هلاوس وأطياف، فيه عاطفة نظيفة تصارعها عاطفة عطنة، وكنت أرى ما لا يراه الآخرون، وأدعي الإشراق، أدعي الإشراقات.»

وفي تجلٍّ آخر، غدت الكتابة تُمثّل في وعي الذات تعويضا للفراغ الذي تركه الأب ومُحاولة لنســيان موته الذي تحوّل عنــده إلى مأثرة، إلى عكاز مركون علــى الحائط. كما أخذت تمثّل الخــاص بمعنــاه الميتافيزي­قــي في مواجهــة الموت والذهــاب إليــه: «هذا هو الجنس البشــري المهــزوم دائما بالوصول إليه، والمصاب بالوعي به»، بل التســلي معه عبر نعته بـ«شبح القومندان» والانتصار عليه من خلال استنفار كوامــن الطاقــات والخيالات داخــل عالم الكتابــة، ولتكُنْ «انتصارات مؤقّتة، عابرة، متقطّعة.»

وترتيبا على هــذا وذاك، يصير للكتابة حضورٌ جســديٌّ مُمتدّ وبديل لجســد الأنــا الفيزيقي القابــل للانحلال؛ فأنْ تكتب الذات وتقرأ وتتخيّل عبر رهــان الغيريّة، فهي تبحث عن خلود مفقود بقدر ما تتيح لنفســها كوديعةٍ العبورَ ليس من طريق إلى آخر، وإنما بالأحرى من جســد إلى جسد آخر لا يصل: «أيّامها كنت أقول لنفســي: الشــعر طريقي، الشعر بستاني، وأنفر من حكايات إبراهيم، وأكتب كل يوم قصائد، وأضع اللبن في أوانٍ صغيرة للقطط الضالّة، وأحشــر نفسي في الشــؤون الخاصّة لكل من أقرأ لهم، وأتربّص بالخارجين من الكتب وأراقبهم، علّني أعرف أين يذهبون.»

وكباقي الأســماء التي يحتمي بها من الموت ويســتقوي عليــه، فإنّ قصارى حلمه ألا يكتب الشِّــعر لكي يقرأه، أو أن يحفظه الآخــرون ويتغنّون به، أو أن يوضــع على رفّ في مكتبــة، وإنّما لمقاومة خوفه من غيــاب الأم والأب، ومن «يد الله »، ومن الموت ، «بلســانٍ مليء بالفرح أو الشــجن، بقلب مليء بالطيور أو أعشاش الطيور»، حينا، وحينا آخر لعيش العزلة التي أقنعته أنّ الشــعر يظلُّ تائها بينه وبين نفســه. وهذه بعض أســرار إيثيقا الكتابة، إذ عبرها ينتقل الأنا من «الآمر المراهق الفاتــن» إلى «الآمر الخيالـّـي المفتون» الذي يحــرص على أن يظلّ الحلم، مهما تكن خســائر الحياة على الجسد والروح، في مكانه إلى أن يذهب إلى المكان الآخر.

يعرض الأنا الســيرذات­ي ســيرته عبر فعــل الكتابة، من أجــل تحقيق كيان نهائي وتامّ لم يكــن موجودا في البداية. لكن الأنا لم يعبر عن نفســه إلا باعتباره بناء نصّيا لا علاقة له مع مؤلف النص. ومــن ثمّة فكتابة الــذات في العمل هي تخييل أكثر من كونه سيرة. إنّه لا يستعيد ماضي شخصيّته المرجعية بحد ذاته، وإنما هــو بالأحرى يعود إليه لكي يعثر على هويتــه ويبتكرها من جديد، فتســعى كتابته إلى بناء هوية نصّية موازية )معادل لغوي وذهني..( لتجربة الحياة الفردية فــي الوجود على نحو يوطّن فهمــا خاصّا لمعنى أن يشيّد المرء أســطورته الشــخصية؛ وهذا ما معنى أن يكون انشــغال الهوية يتوجَّه في حقيقة الأمر نحــو ابتكار الذات جوهريّا.

 ??  ??
 ??  ?? عبد المنعم رمضان
عبد المنعم رمضان
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom