Al-Quds Al-Arabi

اليقين في القدرة على تجاوز الخوف

العرض المسرحي «أليس في بلاد العجائب»

- القاهرة ـ «القدس العربي» من محمد عبد الرحيم:

لم تــزل حكاية )أليس( الشــهيرة التــي كتبها لويس كارول عــام 1865 توحــي للكثيرين بتقديمها، ســواء في المســرح أو الســينما. ومن خلال الخيال الجامح للحكاية وتفاصيلها، وهذه الشــخصية التي تمثلها طفلة مستكينة بداية، لتبدو بعد رحلتها شــخصا آخر أكثر نضجا ووعيا. وما بين الإذعان لتعليمات وأعــراف، وفعل الاختيار الحر تأتي معالجــة حكاية أليس في العرض المســرحي «أليس في بلاد العجائــب»، الذي يقام على مســرح البالون في القاهرة. العرض إنتاج فرقة تحت 18، التابعة للبيت الفني للفنون الشعبية والاســتعر­اضية، أداء مروة عبد المنعم، ضياء شــفيق، هاني عبد المعتمد، حســن الشريف، بسمة ماهر، هبة محمد، نور الشــرقاوي، محمــد عمر، كريم عبد الشــافي، أحمد حمودة، أحمد شومان، أحمد عبد المعبود، عبدالحميــ­دجبر،مصطفي محمــد، ليلــي عبــد الحميد، عمر إيهاب، حمادة محمود، محمد فايز، محمود صلاح، نور ســرور، وحور الشــاذلي. أشــعار عــادل ســامة، ألحان جون خليل، موســيقى مارك إســكندر، استعراضات ضياء شفيق، ديكــور حازم شــبل، أعمال نحت وتنســيق مناظر منذر مصطفــى، إضــاءة أبو بكر الشــريف، ملابــس نعيمة عجمي. ومن إعداد وإخراج محسن رزق.

عالم الدُمى

ما بــن محاولات إخضاع أليس لــزواج من أمير إحدى الممالك الأخرى، حتى تقي بلادها شــر الاعتداء الوشــيك، ورغبتها فــي رفض ما يحدث، تحاول بعين طفلــة، كانــت تريد دومــا الذهاب لاســتكمال اللعب، أن تــرى حقيقة هؤلاء. فالجميع بداية يقف على خشــبة المسرح وكأنهم مجموعة من الدُمى، وبإشــارة من يــد أليس تبدأ هــذه الدمى في الحركة واســتكمال الحوار. وهكذا يمكــن أن نرى الكثير ممن حولنا على هذه الشــاكلة. لتبــدأ الحكاية أو اللعبة. ولا تعــرف مــاذا تفعل أليس في هذا الموقــف، هل تنقذ مملكتها وتوافق؟ أم ترفض وينتهي كل شــيء؟ هنا لا تلوذ إلا بالحلم، لتبدأ رحلتها العجيبة.

ومــن خلال زيــارة الســيد الأرنب، تتبعــه أليس ولا تعرف ماذا يريد، فالســيد بدوره مبعــوث إليها لتخليص مملكتــه من الشــر. وبالتالي تتحــول إلى بطلــة ينتظر قدومها الجميــع، كما هو مكتوب في )المخطوطة( ــ الكتاب الذي يحتوي ســيرة وتاريخ ومستقبل مملكة العجائب ــ وما بين شــخوص تعرفها أليس، مثل الأم وبعض أقاربها، وكذلك الملكة الشــريرة، هكذا يصبحون في مملكة الحلم. ومــا المطلوب منها الآن ســوى القضاء علــى )الوحش(، الذي تهدد به الملكة الحمراء الجميع، خاصة الملكة البيضاء وشــعبها الطيب. ويبدو أن الجميع يعــرف أن هناك فتاة لها مواصفــات خاصة، تدعى )أليس(، هي التي ســتحرر الجميع وتقضي على الشــر. إلا ان أليس نفســها دائما ما كانت تنفي أنها المقصــودة، وأن الأمر يخص فتاة أخرى، فهي لا تمتلــك أي يقين، كيف وهي الهاربــة إلى الحلم من مأزقهــا في الأصل؟ قــد يتماس الأمر مع الشخصيات الأسطورية والدينية الشــهيرة، وهي للثانية أقرب. فلا بد من رحلة ثم العودة بعد ذلك ــ حتى لو كانت رحلة في حلم ــ ومن خلالها يتأكــد اليقــن بأنها هي الشــخص المذكور في المخطوطة/الكتاب المقدس لمملكة الخيال.

أحبّت فأدركَت

ومن خلال تعرّف أليس على إحدى شــخصيات الحلم/عالــم العجائب، كيف يبدو شــجاعا ولا يخاف مشــنقة الملكة الظالمة ــ هو شجاع، لكنهم كشــعب يبحثون عن آخر غريب يقوم بدور المخلّص ــ تحب أليس وتعرف معنــى وجودها، ومن هنا يبدأ يقينهــا بأنها الشــخص المنتظّر، وتصــدق بالفعل، فتتجــاوز خوفها من كل شــيء، حتى الوحــش المرعب، لتنجح في النهاية فــي القضاء عليه، ومــن قبله خوفها، فتعود إلى عالم دُماهــا، فترفض الزيجة وتواجه الجميع، وقد حررت ذاتها بالأساس.

العرض المسرحي

حاول العرض من خلال معالجة النص أو تأويله بمعنى أدق أن يناقش عدة أمور تتراوح ما بين الذاتي والسياسي. وبمــا أن الفكــرة أو ما تبــدو أنها عمل مســرحي للطفل، إلا أنه اســتطاع تحميلــه بالعديد من القضايــا الراهنة. وســتصل الرســالة إلى الطفــل ولو بمقــدار، عن طريق الاستعراضا­ت والملابس والديكورات والألوان الصاخبة، كذلك الشــخصيات المتنكرة في صــورة زهو أو حيوانات وزواحف، وهو أمر جيد بالنسبة لأطفال هذا الجيل، بعيدا عن عبارات أو كلمات بلهاء أو ما تثيره هو ســخرية الطفل نفسه.

أما بالنســبة للتقنية والأسلوب في الإخراج المسرحي، فهناك بعض مــن تفاوت، بأن يبدأ العــرض وكأنه عرض غنائي، قــد تتخلله بعض العبارات المؤادة مســرحيا، ثم يغيــب الغناء تماما ــــ الحوار الغنائي ــــ لتبدو لوحات غنائية منفردة، خاصة أغنية صاحبة المملكة الحمراء أمام تابعها وقائد جيشها.

كما استعان المخرج بشاشة السينما لاستعراض بعض الأحداث، كســقوط أليس وهي تتبع الأرنــب، أو أن يبدو حجمها أكبر أو أصغر عندما تتناول المشــروب السحري، حتى تســتطيع دخول عالم مملكــة العجائب، وهي تقنية جــاءت موفقة إلى حدٍ كبير في الحكايــة، بعيدا عن كونها طريقــة تقتصر فقط علــى جذب الانتباه. ورغم ما شــاب العرض من ترهل في الإيقاع فــي بعض منه، خاصة طول بعض اللوحات الاســتعرا­ضية، أو تكــرار بعض المواقف والعبــارا­ت، بهــدف إضحــاك الأطفــال، إلا أن الحكاية وتأويلها، تتخطى هذه الهنّات.

 ??  ?? من العرض
من العرض
 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom