Al-Quds Al-Arabi

مُجرد سوق هَرج

- ٭ كاتب من العراق

في سوق هرج في بغداد، أوسكار وايلد يعرض تمثالا لرجل، لرجــل كان تــوا قــد أنهــى عزلتَــه في مصحٍ للعقلاء، وامرأة تدعى صوفيا لورين تعــرضُ للبيــعِ مــرآة فضيــة وأحمــرَ شفاه، أحمر الشفاه الــذي اســتخدمته حــن التقــت جون واين في سيرة العراب، جون واين الرجل الذي يجلسُ قُبالَتها ويعرضُ حصانَهُ الذهبيُ للبيع ومسدسَــهُ اللانكســت­ر الخالــي مــن الإطلاقات، ثمة رجل متسوق يعرف قصةَ التمثال وكيف تحوّلَت عيناهُ إلى طائرين، ورجلٌ متسوقٌ آخر يسألُ بائعَ اسطواناتٍ، عن اسطوانةٍ لداخل حسن ) مــا نمت ليلــي.. شــعطلك شــبطاك يايمه( ويرد عليه بائع الإسطوانات )إهلاه.. إهلاه يا .. يايُمة ( ثمة جهاز تســجيل يبثُ سيرة يوسف وعندما يصل القارئ لــ إن مكرهنَ.. يضــرب صاحــب جهــاز التســجيل جبهتَــه بيديه وهكذا يكرر هذا المشــهد كلما سمع من القارئ سمعَ مكرهُنَ. وأشــرطة أخــرى مكومة بعضــا على البعض بعشوائية قصدية لــ يوسف عمر والقبنجي ولميعة توفيق وعفيفة إسكندر ولرشيد القندرجي، ومتسوق يسأل عن )يم العيون السود ماجوزن أنا..( ورجــل بالقرب من هذا الرجل )الله يرحمك ناظم الغزالي( صاحــب جهــاز التســجيل كان يقــرأ المقــامَ فــي الحفــات المحليّــة أثنــاء الأعراس وجلسات الأصدقاء، متســوق آخر يســأله عن ســعر جهاز التســجيل وكيفية عمله، ويســأله عن أقربِ حائطٍ للتبول، متســوقٌ آخر يســاوم صوفيــا لورين الملتحفــة بعبــاءة عراقيــة يســاومها على أحمر الشــفاه، أمام زوجها كارلو بونتي... تتذكر صوفيا امرأة من روما وكل الرجــال الذين قبلــوا يدَها إجلالا لفمِها المغري المثير، رجل آخر أشــيب الشــعر يعرض للبيع شرابا معتقا معتقا منذ القرن السابع الميلادي، القــرن الســابع الميــادي الذي شــهد نزاعــات بقايــا الفيريســي­ين وأنصار الرهبــان والمعارك القبلية قبل شــيوع الفكر الإمبراطور­ي، الرجــل الأشــيب يعــرض إلــى جانب الشراب المعتق يعرض صورا للمحاكم الدينية، وصــورا لطــرقٍ مختلفــةٍ لتنفيــذِ الإعدامات، منهــا صب الرصــاص المنصهر في فم الُمدان، وبائع آخر يعرض أمامه غليون تبغ يقول البائع للمتسوقين بأنه يعود لفائق حسن ويعرض حــذاء روغان صنــع في عام 1956 يقول البائع بأنه عثر عليه على مِصطبةٍ في أبي نؤاس ويعود أمــا لعبد الأميــر الحصيري أو حسين مردان وفي زاوية من زوايا سوق الهرج رجلٌ يعرض للبيع مجسما للكرة الأرضية الرجــل الــذي يعــرض مجســمَ الكرة الأرضية يبكي، يبكــي على نقطــة في منتصــف الكرة الأرضية عاش عليها أجدادُ أجداده وســيعيش عليها أبناءُ أبنائه، وكانت تسمى بلاد الرافدين أصبحت الآن مجرد سوق هرج

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom