Al-Quds Al-Arabi

مدينة الخطيئة الإعلامية!

-

في المغرب، تتخذ مســألة الحريات طابعا تجاريا أو استثماريا، إذ تنتشر على اليوتيــوب اعترافات صادمــة لمثليين، يحدثونك عــن رفض عائلاتهم لمرضهم، ما يودي بهم في أســواق المتعة، وهم وإن كانوا يلجأون للمساومة على الجســد، حســب الزبون «محلي أو أجنبي أو سياســي،» لتدبر أمور دنياهم، فإنهم يكتشــفون بهذا، الأبواب الســرية، لسوق المتعة في الشرق، بشجاعة استثنائية تفضح عورات المجتمع، وأمراض طبقة نبلائه المزيفين!

أما في ماليزيا، فيثير برنامج إعلامي نقمة النشطاء الحقوقيين حين يتبنى رســالة توعوية لمواصفات تعريفية بالمثليين، ما يضعهم موضع الخطر، في فضاء يطلق النار على الشــبهة قبل الإثم، حتى ليبدو إعلاما قاصرا، لا بد من فرض وصاية دولية عليه!

وإن كنــت تذكرهم في العــراق، حين جــاءوا إليك على ظهــر الدبابات الأمريكية كعصابة سياســية ناعمة، تتحدث عن ســقوط الأصنام بخشوع إعلامي مشبوه، لا يشبه خشونة العراقي وما اعتاد أن يثيره من غوايات!

وهناك في لبنان، يهدد ناشــط مثلي مشاهير وسياسيين، بكشف هويتهم الجنسية، وصفقات شراء المثليين، أو استئجارهم، ليفاجئك بانتعاش تجارة المثلية، في أعشــاش ثعابــن البامبا «المدارس والشــوارع» بين الاغتصاب والاختطــا­ف والإغــراء، وانتهاك دمعات الفيلة الســرية، التــي تنهمر من خراطيمها في مســتنقعات ما وراء الفضــاء.. ولو عدت لحلقة طوني خليفة عن هذا الموضوع لتمنيت القيامة قبل الفناء!

عمــرو أديب، كان له رأي آخر في هذا الشــأن، لأنه عمد في إحدى حلقات برنامجه السابق «كل يوم»، للتلاعب بيوميات «بومبي»، محاولا التعامل مع الظاهرة، كمرض، وهذه مصيبة لا تفوقها ســوى مصيبة الترويج الإعلامي للمرض باســم الحرية، فهل لك أن تتخيل بعد هذا مشهدا جماعيا للمصابين بهذا الخلل الوظائفي، يطالبون فيه السلطات كافة باحترام حقوقهم المدنية «أو بســن قوانين لإباحة التجارة به»، على اعتباره نضالا شرعيا وأخلاقيا! ليس المطلوب من أي أحد، أن يتقمص شخصية الرب في أغنية غراندي، لأنه أولى لكم فأولى، أن تحذوا حذو الأنبياء لا الآلهة، فالعقاب حكر على الغيب، أما الإعلام، عليه ربما أن يستعين بحمار «بلعم بن باعوراء» بدل أن يتخوث على المشاهد، ويتقيأ لسانه، أو ربما عليه أن يكتفي بوصلات أحمد الشقيري في مدينة الخطيئة إياها، لأن التجارة بالدين تجارة خاســرة، في هذا الزمن الإعلامي الذي تتحول فيه المصائر إلى «ســوبر ماركــت»، على قولة «وزير الخارجية الإســباني» في حواره عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع صاحب برنامج «هارد توك»، الذي كان يرتدي جواربا لقوس المطر، أثمن من ساعة الوزير!

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom