Al-Quds Al-Arabi

كيف يعين مفتش عام ورئيس أركان للجيش؟

يميل السياسيون إلى تعيين المتزلفين والانتهازي­ين الذين يقولون نعم لكل شيء

- ناحوم برنياع يديعوت 2018/9/16

■ كيــف يعــن مفتش عــام أو رئيس أركان دون التورط؟ الجــواب مفهوم من تلقاء نفســه. يعين الرجــل الأكثر كفاءة، الأكثر نضجًا، الأكثر تجربــة، ذو الطابع القوي والمســتقل.. هذا خطــأ. مثلما تعلم نتنياهو على جلدتــه. الانتهازيو­ن كانوا أوائل من خانوه،

روني الشيخ، المفتش العام المنصرف، هو رجل كفؤ، سريع البديهة، سريع القرار، نظيف اليدين. عندما عين في منصبه، قبل ثلاث ســنوات، كان المقر القطري للشرطة مســلخًا. من لــم يحقق معه للاشــتباه بمخالفة جنســية، حقق معه للاشــتباه بتلقــي رشــوة. وأطيح بألوية شــرطة، فيما فضل ألوية آخرون الاســتقال­ة، وقُدم ألوية آخــرون إلى المحاكمــة، ومن تبقى انتظــر الشــكوى التالية بقلــق. في هذا الوضع لم يكــن هناك مفر من جلب مفتش عام للشــرطة من الخارج. وكان الشــيخ مرشحًا شرعيًا: من مكان عمله السابق في المخابرات يمكنه أن يشــرف عن كثب على عمل الشرطة. وكان يفهم بالأمن الداخلي، وبالتحقيقا­ت أيضًا. أما أن يتعلم فقد عرف كيف يفعل.

وعلى الرغم من ذلــك، لم يكن الانتقال ســهلً، فقد كان صعبًا عليه أن يتكيف مع الفوارق. في المخابرات هــو جهاز صغير نسبيًا، ســري، نخبوي، محدود الهدف، يعمــل بعيدًا عــن العين العامــة، ومعظم الإسرائيلي­ين يتعاطون معه بروع مقدس. أما الشرطة فهي جهاز ضخم. وهو عرضة للانتقاد في الشــارع، وفــي المحاكم، وفي السياســة، وفي وســائل الإعلام. وأفراد الشرطة يعكسون بمستواهم وبسلوكهم المجتمع الإســرائي­لي، خيرًا كان أم شــرًا. ليس مهمًــا كم من الأفعال الطيبة تقوم بها الشرطة ـ فهي ستحاكم دومًا وفقًا للفشل الدوري لها. وهي تتمتع بالإجماع في وقت العمليات المضادة فقط.

الثقافة التنظيميــ­ة مختلفة؛ فالالتزام بتقــديم الخدمــة مختلــف، والموقف من السكان مختلف، ولكن ليس بسبب هذين العنصرين كان وزير الأمن الداخلي جلعاد اردان قرر ألا يمدد ولاية الشــيخ. فالشيخ يرحل لأنه لم يســتوف توقعات من عينه. نتنياهو التقى شابًا متدينًا، خريج مدرسة دينية، مســتوطنًا أيديولوجيًــا، وآراؤه اليمينية في مسائل النزاع صارت شائعة أمامــه. هو منا، افتــرض نتنياهو؛ هو لن يسمح لأحد بأن يلمسني، ويمكن الاعتماد عليه.

نتنياهــو أخطــأ بالطبــع. «مــن أين ظن إني جئــت»، قال الشــيخ بعد أن بدأ نتنياهو بسلســلة هجماته الشــخصية عليه. والســؤال يعكس فجوة التوقعات: نتنياهــو توقــع مفتشًــا عامًا يســوّف تحقيقاتــه، مفتشًــا عامًــا مــن قاعدته السياسية. فتلقى رجل مخابرات فخورًا، يقدس القيم الرسمية التي جلبها معه من مكان عمله السابق.

إن إنهــاء ولايــة الشــيخ لا يؤثر على تحقيقات الشرطة في ملفات نتنياهو: فقد عمليًا انتهت. ولكنه يبث رســالة ـ هكذا يتم لمن لا يعجب الملــك. وعلى الهوامش، فإنه يبث رســالة أخرى: اردان هو وزير ضعيــف، ومــن لا يســتطيع أن يواجــه نتنياهو لا يمكنه أن يخلفه.

تعيــن المفتــش التالــي، مثــل تعيين رئيــس الأركان التالي، ينتقــل الآن إلى طاولــة لجنــة تعيــن كبار المســؤولي­ن. بخــاف الانطباع الناشــئ بين الجمهور، ليــس لهذه اللجنــة دور مهم فــي عملية الاختيار، فهــي لا تبحث عن المرشــحين ولا تختارهــم، وهي ليســت لجنة تعيين المســؤولي­ن، بل لجنة رفض المســؤولي­ن. إذا لم يكن هناك ما يمكن أن يســتبعد أحد ما ممن يتقدم بــه اردان وليبرمان إليها، فإنها ستعيد الأسماء مثلما حصلت عليها، والقرار حينئذ ســيكون لاردان ونتنياهو ولليبرمــا­ن ونتنياهو. هــذان الطاقمان لم يســجلا نجاحات كبيرة فــي قرارات التعيين في الماضــي )الناس الذين عينهم ليبرمان هم الآن في السجن أو موقوفون للمحاكمــة بتهم الفســاد. والناس الذين عينهم نتنياهو اعترفوا بجرائم الفســاد وأصبحوا شهودًا ملكيين ضده. وآخرون لا يزالــون يخضعون للتحقيــق. واحد، وهو آخر الأحبة، خرج الأســبوع الماضي في إجــازة إكراهية على خلفية شــكاوى بتحرشات جنسية(.

كيف يعين مفتش عــام أو رئيس أركان دون التــورط؟ الجواب مفهــوم من تلقاء نفســه. يعين الرجل الأكثر كفاءة، الأكثر نضجًا، الأكثر تجربــة، ذو الطابع القوي والمســتقل. أمــا السياســيو­ن فيميلون إلى تعيــن المتزلفين، ممــن يقولون نعم، الانتهازيي­ن. هذا خطأ. مثلما تعلم نتنياهو على جلدتــه. الانتهازيو­ن كانوا أوائل من خانوه.

لا يعيَّن مفتــش عام أو رئيــس أركان وفقًا لميولهم السياســية. وهذه يجب أن تترك في البيت، فعندما تدخل إلى مكتبي المفتــش أو رئيــس الأركان فإن الصفوف تخرب؛ لا يعــن مفتــش أو رئيس أركان بسبب الخوف من المنافسة على الصدارة عندمــا ينزعــان البــزة. ولا يعين مفتش عام أو رئيــس أركان من قطاع سياســي معين يدفع إلى الأمام. ولا يرفض مرشــح من قطاع سياســي معين يقاتل ضده. ولا يعين مرشــح لمفاجأة الجمهور ولإصدارة عناوين رئيســة والإثبات بأنــك الوزير المسؤول، وأنت المقرر.

لا يتذكــر أحد من عيّن من، باســتثناء أولئك الذين لم ينالــوا التعيين. فالناس يتذكرون من كان الوزير الذي عين عندما يكون التعيين فاشلا.

إلا إذا كانت من تعين هي سارة نتنياهو.

 ??  ?? روني الشيخ
روني الشيخ

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom