Al-Quds Al-Arabi

انتهاكات جديدة لجيش جنوب السودان «قتل كل حيّ يتنفس»... تصفية مدنيين واغتصاب نساء وحرق منازل

رصدتها «العفو الدولية» في تقرير شمل 100 شهادة... وطالبت بوضع حد لها

- لندن ـ «القدس العربي»:

قالت منظمة العفو الدولية، أمس الأربعاء، إن جيش جنوب الســودان وميليشــيا­ت حليفة له، ارتكبا فظاعــات جديدة «بوحشية صادمة» خلال حملة ضد مدنيين بين نيسان/أبريل وبداية تموز/يوليو، شــملت قتل المدنيين والاغتصاب الممنهج للنساء والفتيات والنهب والتدمير الهائل، معتبرة أن تصاعد الانتهاكات جاء بســبب تقاعس الســلطات عــن مقاضاة أو استبعاد مجرمي الحرب المشتبه فيهم.

واســتندت في تقرير لها بعنوان: «قتــل كل حيّ يتنفس: ارتكاب جرائم حرب في لير ومايندِيت، جنوب السودان» إلى شــهادات حوالي 100 مدني فروا من هجوم القوات الحكومية وميليشيات الشباب المتحالفة في ولاية الوحدة الجنوبية بين أواخر أبريل/نيسان، ومطلع يوليو/ تموز.

وحســب جوان نيانيوكي، المديرة الإقليمية لشرق أفريقيا في المنظمــة، فقــد «كان العامل الرئيســي في هــذا الهجوم الوحشــي، هو التقاعس عــن تقديم المســؤولي­ن عن موجات العنف الســابقة، التي اســتهدفت المدنيين فــي المنطقة، إلى العدالة».

وأضافت: «لقــد تضررت محافظتي لير وماينديت بشــدة في الماضي، ومع ذلك تستمر حكومة جنوب السودان بإطلاق الحرية للجناة المشــتبه فيهم لارتكاب فظائع جديدة، فكانت النتيجة كارثية بالنسبة للمدنيين».

مقتل المدنيين عمداً

ووفق التقرير «شــهدت ولاية الوحدة بعض أشد أعمال العنف قســوة منذ بدء النزاع في جنوب الســودان منذ ما يقرب من خمس ســنوات. ففــي 21 أبريل/نيســان 2018، اندلعت أحدث موجة مــن العنف، واســتمرت حتى أوائل يوليو/ تموز ـ بعد أسبوع من التوسط من أجل وقف إطلاق النار الأخير في 27 يونيو/ حزيران».

ونقلت المنظمة عن عشــرات النســاء والرجال المدنيين تأكيدهم أن «الهجوم تم بوحشية مروعة، حيث قُتل المدنيون عمداً بالرصاص، وأحرقوا أحياءً، وشُــنقوا على الأشجار، ودهســوا بالمركبات المدرعة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في مقاطعتي مايندايت ولير». وبينوا أن «الجنود والميليشــ­يات اســتخدموا عربات برمائية لتعقب المدنيين الذين فروا إلى المستنقعات المجاورة».

ووصفــوا «كيف اجتاحت مجموعات من خمســة جنود أو أكثر الغطاء النباتي بحثًا عن أشــخاص، وكثيراً ما كانوا يطلقون النار عشوائياً على منطقة الأعشاب».

نيالوني، وهي امرأة مســنة، شــاهدت جنوداً يقتلون زوجهــا ورجلين آخرين، قالــت لـ«العفــو الدولية» : «في الصباح الباكر، عندما بدأ الهجوم، بينما كنّا نائمين، ركضت أنا وزوجي إلى المســتنقع معًا. في وقت لاحق من الصباح، وبعد انتهــاء القتال، دخل الجنود إلى المســتنقع بحثاً عن أشخاص ورشــوا المنطقة التي كنا مختبئين فيها بوابل من الرصاص. وتعدوا بالضــرب على زوجي، فصرخ من الألم. ومع ذلك، كان لا يزال على قيد الحياة، وأمســك به الجنود، ثم أطلقوا عليه النار مرة أخرى وقتلوه. كان غير مسلح ولم يكن مقاتلاً، مجرد مزارع ليس إلا».

ولفت التقرير إلى أنــه «كثيراً ما يُقتل الأشــخاص غير القادريــن على الفــرار وبخاصــة كبار الســن والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة في قراهم».

واســتند إلى وصف الكثيــر من النــاس، كيف تم حرق أقاربهم المســنين أو جيرانهم أحياء في مساكنهم التقليدية ورجل عمره أكثر من 90 عامًا قد شقت رقبته بسكين.

نياويك، وهــي امرأة عمرهــا 20 عاماً، شــاهدت أيضاً، الجنود يطلقون النار على والدها، ثم قاموا بقتل العديد من الأطفال بوحشية في قرية ثنيور، في مقاطعة لير.

وشــرحت للمنظمة ما حصل، قائلة: « كان هناك ســبعة جنود قاموا بجمــع الأطفال ووضعوهم في التوكول )مأوى تقليدي( وقاموا بإضرام النيران فيه. كنت أســمع الصراخ. كانوا أربعة أولاد.

حاول أحــد الصبية الخروج، فأغلق الجنود الباب عليه. كان هناك أيضا خمســة أولاد ربطوا بالشــجرة وتعرضوا للضــرب. كان عمرهم ثلاث ســنوات. إنهــم لا يريدون أن يعيش الأولاد بشــكل خاص لأنهم يعرفون أنهم سيكبرون ليصبحوا جنوداً».

وفــي قرية روكواي فــي لير «أُحرق رجل مســن وامرأة وحفيداهمــ­ا الصغيران فــي أحد المنــازل. وعندما ركضت ابنتهما وهي تحمل رضيعاً صغيراً، أطلق جندي النار عليها وسحق الطفل حتى الموت بقدمه»، طبقاً للتقرير.

«اصطفوا ليغتصبونا»

وبينــت المنظمــة، اســتناداً إلــى روايــة الضحايا أن «الحكومة والقوات الحليفة اختطفــت العديد من المدنيين، وخاصة النســاء والفتيات، واحتجزتهم لمدة تصل إلى عدة أسابيع. وقام آسروهم بتعريضهم للعنف الجنسي الممنهج وكمــا وصفت إحدى النســاء قائلة، «لقد اصطــف الدينكا ليغتصبونا».

كما «تعرض العديد من النســاء والفتيــات للاغتصاب الجماعي، مع وقــوع بعض الإصابات الخطيــرة. واللاتي حاولن المقاومة تم قتلهن».

إحدى النســاء اللواتي تحدثت معهــن «العفو الدولية» قالــت إن « فتاة تبلــغ من العمــر ثمانية أعــوام تعرضت للاغتصاب الجماعي، كما شهدت امرأة أخرى اغتصاب فتاة في الخامسة عشرة من العمر».

وفي حالة أخرى، رجل يبلغ مــن العمر 60 عاماً عثر على ابنة أخته البالغة من العمر 13 عاماً، بعد أن اغتصبها خمسة جنود اغتصاباً جماعياً.

ونقل عنه التقرير قوله : «تعرضت ابنة أخي للاغتصاب وكانت ســتموت. فبعــد أن اغتصبوها، جئنــا ووجدناها وهي تبكي وتنزف... لم تســتطع الاختباء... أخبرتني أنها تعرضت للاغتصاب من قبل خمســة رجــال. لم نتمكن من حملها ولم تتمكن من المشي».

سلسلة من الدمار

كذلك «تورطت القوات الحكومية والميليشيا­ت المتحالفة معها في عمليات نهب ودمار جماعية خلال هجماتها في لير وماينديــت، على ما يبدو، بهدف ردع الســكان المدنيين عن العودة إلى ديارهم»، طبقاً للمنظمة التي أشارت في تقريرها إلى «أضرم النار بصورة ممنهجة في منازل المدنيين، ونهب أو أحرق الإمدادات الغذائية، وســرقة الماشــية والأشــياء الثمينة».

جــوان مارينر، كبيرة مستشــاري برنامج الاســتجاب­ة للأزمات فــي منظمة العفــو الدولية، قال: «من المســتحيل تجاهــل الواقع القاســي، لو كانــت قد تحركت ســلطات جنوب الســودان وفقاً لتحذيراتنا في 2016، لكان بالإمكان تجنب هذه الموجة الأخيرة من العنــف ضد المدنيين في لير ومايندِيت».

وأعتبر أن «الطريقة الوحيدة لكسر دائرة العنف المفرغة هذه هي وضع حد لظاهرة الإفــات من العقاب الذي يتمتع بــه مقاتلو جنوب الســودان من جميــع الجوانب. ويجب على الحكومة أن تضمن توفيــر الحماية للمدنيين، وأن يتم محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة».

 ??  ?? عناصر من جيش جنوب السودان
عناصر من جيش جنوب السودان

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom